تكشف الأرقام التي أعلنها محافظ بنك الجزائر، والمتعلقة بتطور احتياطي الصرف الجزائري وأرقام التجارة الخارجية لمصالح الجمارك مع تسجيل أول عجز في الميزان التجاري منذ سنوات، إلى أن الجزائر بدأت تنتقل من مرحلة الرخاء المالي إلى سنوات عجاف، تزداد صعوبتها مع بقاء الاقتصاد الجزائري معتمدا أساسا على المحروقات التي تعرف تراجعا في أسعارها.كشف محافظ بنك الجزائر محمد لكصاسي عن تراجع احتياطات الصرف الجزائرية الرسمية إلى 178,938 مليار دولار نهاية 2014، مقابل 185,273 مليار دولار نهاية سبتمبر من نفس السنة، ويأتي هذا التراجع في احتياطات الصرف الجزائرية بعد الاستقرار الذي عرفته خلال السداسي الأول من 2014 في حدود 193,269 مليار دولار، مقابل 194,012 مليار دولار نهاية 2013، حسب الأرقام المقدمة من طرف لكصاسي خلال عرضه للتوجهات المالية والنقدية للبلد للثلاثي الأخير لـ2014، ولكن هذا المعطى لا يعد المؤشر الوحيد للتراجع، حيث عرف الميزان التجاري أيضا تراجعا محسوسا، إلى درجة سجل مع الشهرين الأولين للسنة الحالية أول عجز له منذ أكثر من 10 سنوات. فقد سجل الميزان التجاري للجزائر خلال الشهرين الأولين من السنة الحالية عجزا بـ341 مليون دولار، حسب تقديرات مصالح الجمارك، مقابل فائض بـ1.71 مليار دولار في نفس الفترة من 2014.وتأثرت الجزائر من تدني أسعار المحروقات وتراجع الكميات المصدرة أيضا، حيث بلغت صادرات المحروقات 7.24 مليار دولار مقابل 10.39 مليار دولار في 2014، أي بنسبة تراجع بلغت 30% بانخفاض فاق 3 مليار دولار.وفي نفس السياق، سجلت الصادرات الجزائرية الإجمالية انخفاضا من 10.82 مليار دولار إلى 7.72 مليار دولار، بنسبة تراجع بلغت 28%، ويأتي العجز المسجل رغم الانخفاض في الواردات التي انتقلت من 9.11 مليار دولار إلى 8.06 مليار دولار بنسبة تراجع بلغت 11%.وبرز الاختلال بين الإيرادات الجزائرية التي تأتي إجمالا من المحروقات ونفقاتها التي بلعت برسم قانون مالية 2015 أكثر من 1000 مليار دولار، في مستوى العجز في الميزانية والخزينة التي قاربت 49 مليار دولار، وهو ما يهدد تدريجيا الموارد المالية المتاحة، سواء على مستوى صندوق ضبط الموارد الذي يعرف تآكلا سريعا ويرتقب أن يعرف مستوى ضعيفا مع سنة 2016، أو احتياطات الصرف التي تتراجع مستويات الربحية التي بلغت ما بين 25 و30 مليار دولار سنويا، في منتصف سنوات 2000، إلى أن بلغت معدل 2 إلى 4 مليار دولار خلال السنوات الأخيرة.بالمقابل، ورغم المستوى المتواضع للمديونية الخارجية الجزائرية، إلا أن المديونية الداخلية العمومية لا تزال معتبرة، يضاف إلى ذلك العجز في ميزان المدفوعات، مع ارتفاع مستمر لسنوات لواردات الخدمات وإن تقلصت نوعا ما في السنة الماضية.ومع توقع استمرار تراجع أسعار النفط وبقائها في مستوى متدنٍّ، حيث قدر معدل سعر النفط الجزائري خلال الثلاثي الأول من السنة بحوالي 54 دولارا للبرميل، مقابل أكثر من 105 دولار في نفس الفترة من السنة الفارطة، وهو ما يعكس مستوى التراجع في أسعار البترول الذي صاحبه انخفاض في مستوى الإنتاج أيضا، ما ينتج عنه تأثير مزدوج رغم الاستفادة من تبعات زيادة سعر صرف الدولار.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات