أحزاب المعارضة دعت كلها الشعب الجزائري للتوجه الجماعي إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات القادمة، وهو عمل لم تفعله حتى أحزاب الموالاة حتى الآن!دعوة أحزاب المعارضة إلى التصويت بكثافة ليس لأجل قطع الطريق على أحزاب السلطة والسلطة لممارسة التزوير، بل ربما السبب هو رفع حصة هذه الأحزاب في ”الكوطا” التي ستسلمها السلطة لهذه الأحزاب في البرلمان القادم، لأن رهان السلطة ورهان أحزاب المعارضة هو أن تكون المقاطعة المحتملة مسألة ضعيفة.. فإذا نجحت أحزاب المعارضة في جلب الناس إلى صناديق الاقتراع فهي تقدم خدمة للسلطة تستحق عليها المكافأة بمقاعد مقبولة تجعل السلطة مرتاحة للنتائج وتجعل المعارضة مرتاحة لنسبة المشاركة، وكذلك العظم الذي تعطيه السلطة للمعارضة بواسطة ”الكوطا”!هناك أربع ظواهر تحكم الانتخابات القادمة:1- ظاهرة الأحزاب اليسارية التي ستتصارع إلى حد القتال على مقاعد منطقة القبائل وجزء من العاصمة.. هذه الأحزاب عندها الحق في دخول الانتخابات لأنها تطمح لصيانة قواعدها النضالية أساسا في منطقة القبائل حتى لا تحصدها الأحزاب السلطوية في حالة المقاطعة. ولا يتصور عاقل أن أحزاب الأرندي أو الأفالان أو حتى الإسلاميين يمكن أن يأخذوا شيئا يذكر في مقاعد منطقة القبائل، وسيتقاسم الأفافاس والأرسيدي مقاعد هذه المنطقة، وحتى السلطة ليس بإمكانها التدخل في هذا الأمر، لأن إمكانيات التزوير في هذه المنطقة غير متاحة مثل المناطق الأخرى أمام أحزاب السلطة وأحزاب الموالاة. لهذا، فإن مبرر مشاركة الأحزاب الديمقراطية له منطقه.. فالتزوير في هذه المناطق غير موجود وهذه الأحزاب تتحكم في المناضلين وتتحكم في نوعية المرشحين، وتدخل السلطة والمال الفاسد في إعداد قوائم المرشحين للأرسيدي والأفافاس أمر غير وارد، كما هو الحال في الأحزاب الأخرى. لهذا فإن الأحزاب اليسارية في منطقة القبائل بإمكانها أن تقول بأنها أمام انتخابات شبه مقبولة على مستوى التحكم في الترشح وعلى مستوى التحكم في العملية الانتخابية بلا تزوير فادح، كما هو الحال بالمناطق الأخرى من الوطن وكما هو الحال بالنسبة للمترشحين في الأحزاب الأخرى.2- أحزاب السلطة مبرر دعوتها للمشاركة هو استغلال السلطة والإدارة والأجهزة النظامية كقوة انتخابية واستخدام المال الفاسد كقوة حشد وترشيح جديدة، لذلك فإن زيادة المشاركة من شأنها أن تترك هذه الأحزاب والسلطة تمارس التزوير بأريحية.3- أما الأحزاب الإسلامية فإنها أضيع من الأيتام في مآدب اللئام، فالسلطة هي التي تحدد نوعية المرشحين لهؤلاء أمنيا، وهي التي تحدد من ينجح منهم بالكوطا، ودور هذه الأحزاب هو فقط الدعوة الجماهيرية للمشاركة وإعطاء الانتخابات صفة المشروعية بالمشاركة غير المشروطة.4- أحزاب المقاطعة، أهمها الحزب المحل والذي يستند في مقاطعته للانتخابات على مبدأ أن الانتخابات من دونه ليست شرعية، ويليه حزب طلائع الحريات الذي يرى في المشاركة تزكية لعملية تزوير محسومة مسبقا.. والمشاركة فيها معناها القبول بأن تكون ”كوطة” هذا الحزب مثل ”كوطة” لويزة حنون أو أسوأ منها، ولهذا فإن عدم المشاركة أفضل له من المشاركة، خاصة أن زعيمه ليست له طموحات في النيابة أو الحكومة، وطموحه هو أكبر من الحكومة، ولهذا جرى أن حزبه لا يمكن أن يشارك إلا في الرئاسيات، لأن التغيير يراه يبدأ من هناك وليس من التشريعيات، لكن بعض إطارات هذا الحزب يرون في عملية تحنيط الحزب في الرئاسيات وحدها فيه مساس بطموح إطارات الحزب في التغيير على مستويات أخرى.. لكن إذا كان الحزب يمكن أن يكسب مقاعد في البرلمان القادم لنوعية إطاراته بالمشاركة، فإن تحويله إلى حزب ”أرنبي” في أمر أقل من الرئاسة يمكن أن يدمر أسس سمعة الحزب حتى ولو كانت مشاركته نوعية.. هذه هي خارطة السياسة الحالية[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات