السلام عليكم يا سيديقرأت لك يا سيدي كثيرا، وأريد اليوم أن أشكرك جزيلا لأن القراءة لك علمتني ألا أتفاجأ وجنبتني الكثير من الخيبات، لذا يا سيدي تراني لم أتفاجأ قط حين وصلَنا قرار الوزارة بمنع إتمام الدراسات العليا في المدارس العليا للأساتذة حيث أدرس، وحين وصلَنا إلى بيت جدي رحمه الله في المركز الفلكي ببوزريعة قرار الإخلاء لأن الوالي ومدير المركز يريدان السكنات “لتطوير الأبحاث” لم أتفاجأ أيضا.لن أخبرك يا سيدي عن طموحي وأحلامي التي أصبحت مجمدة بقرار وزاري حتى إشعار آخر، ولن أحكي لك عن جدي الذي قضى سنوات شبابه مجاهدا، كيف دخل السجن وتعذب، وكيف أنه بعد الاستقلال لم يسع خلف أي منصب، وأن جل ما أراده بيت يجمع فيه شمل عائلته، لن أصف لك مدى ارتياحي لأن روحه قبضت قبل أن يرى أولاده يرمون في الشارع، ولن أعدد لك ذكريات عمرها 20 سنة وأكثر تسكن ذلك البيت، سيسلبها منا الوالي وأعوانه، كل هذا قيل كثيرا وتكرر، إذ لست وحدي من مر ويمر بهذا.أكتب لك يا سيدي فقط لأقول إنني لازلت مؤمنة بالوطن، والوطن عندي هو وجع جدي وضحكته هو الزيتون والرياح والجبال والسنونوات والتراب والسماء والغيوم.. الوطن هو ما جعل مني ما أنا عليه اليوم، الوطن لم يسرق أحلامي بل هو مثلي أحلامه مؤجلة لا أكثر.لعلي يا سيدي لم أعرف من الوجع ما يكفي لأتحدث، لكني لازلت إلى الآن مؤمنة بالوطن، ومهما فعلوا لن يجعلوني أكفر وسأظل أقول يا أيها الناس ألقوا أحمال خيباتكم وآمنوا. مؤمنة أيتها المؤمنة: الوطن أيضا هو الظلم وهو القهر! ألم يقل المتنبي:والظلم من شيم النفوس فإن تجدذا عِفَّة فلِعِلَّةٍ لا يظلم.!إذا لم يظلمك وطنك يا سيدتي لن تكوني وريثة شرعية لجدك الذي ظلمه الاستعمار كما تقولين.فقد علمونا في الثورة في السنوات الأولى للاستقلال بأن نعيش واقفين وسط لهيب الظلم، ونبقى واقفين ولا ننحني أو ننكسر.. لكن اليوم يقولون لنا: انحنوا للعاصفة حتى تمر.!إنني حزين لأنك كشفتِني بأنني دربتك، معنويا من خلال القراءة، على أن تعيشي الانكسار والظلم لمزيد من حب الوطن[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات