واضح أن الصعوبات التي تواجه السلطة في مجال تسيير الانتخابات القادمة قد تضاعفت عما كانت عليه في الانتخابات الماضية. فشبح العزوف عن الانتخابات قد تطور إلى العزوف عن الترشح أصلا، بسبب المشاكل التي تواجه أحزاب الحكم في ميدان الفساد والتنظيم والانشطارات المتتالية.. فلا يوجد اليوم أي مرشح للانتخابات البرلمانية القادمة يحترم نفسه، ويقبل أن يترشح تحت قائمة يضعها فاسد لحزب مالي ويترأسها بڤار! ولذلك، فإن الانتخابات القادمة ستعج قوائمها بالانتهازيين والفاسدين والمترشحين والسراق.. وسيكون ذلك مقدمة لمقاطعة شعبية للانتخابات قد تكشف العورات في مجال التزوير الذي دأبت عليه السلطة.الهوشات السياسية والفسادية الجارية في أحزاب الحكم، أدت إلى صعوبات إضافية في مجال العزوف عن الترشيح لمن هم غير ملوّثين فساديا. وبالتالي، حدّت من إمكانية تقديم أناس للشعب على درجة من الكفاءة والنظافة لجلب الناس للتوصيت. وبقي الباب مفتوحا فقط لإعادة ترشيح رجال الفساد والانتهازية الذين كانوا في المؤسسات السابقة، وأدى تواجدهم إلى هذه الكوارث في تسيير البلاد. ثمة مسألة أخرى وتتعلق باعتماد السلطة كلية هذه المرة على الإدارة والولاة لتزوير الانتخابات وتوزيع الكوطات.. لكن حالة الإدارة الآن لا تختلف في هزالها وفسادها وفوضاها عن حالة الأحزاب الحاكمة، وقد لا تتحكم السلطة كما يجب في سير العملية على مستوى الإدارة.. وبالتالي قد تفلت الأمور وينكشف ما كان مستورا، وتحدث الكارثة التي قد لا تتصورها السلطة حتى الآن.هناك عامل آخر على قدر كبير من الخطورة على السلطة في مجال إجراء انتخابات مزورة ومتحكم فيها تزويريا كما كان الأمر من قبل، وهي أن القاعدة الاجتماعية الانتخابية الأساسية التي كانت تعتمدها السلطة في إجراء عمليات التزوير المراقب، وهي قاعدة الأسلاك النظامية، هذه القاعدة لم تعد هي الأخرى متناغمة ومنسجمة، ويمكن أن تستخدم في إنجاز مهمة الانتخابات المتحكم فيها تزويريا، كما كان الحال من قبل، لأن الخلخلة التي حدثت في جهاز (D.R.S) مؤخرا وأدت إلى شله وشل سيطرته على مختلف الأسلاك النظامية، وبالتالي فقد تعطل العصب الرئيس لتسيير هذه الأسلاك. وقد لا يمكن التحكم في هذه الأسلاك انتخابيا وإشرافيا على عملية إنجاز انتخابات مراقبة ومزورة كما يجب! وقد تفلت الأمور وينكشف المستور.. خاصة وأن جهاز الإدارة أصبح الآن لا يتحكم في شيء وليس في يده ما يمكن أن يغري به الناخبين! فالحكومة التي لا تستطيع أن تتحكم في علاقة وزرائها ببعضهم البعض، هل يمكن أن تتحكم في الولاة والشرطة والديوانة والجيش وغيرها من الأسلاك!وأخطر ما يمكن أن يواجه هذه الانتخابات، زيادة على ما فات، هو أن أحزاب الحكم لم يعد عندها برنامج يمكن أن تضلل به الشعب كما كان من قبل. فبرنامج رئيس الجمهورية قد انتهى إلى طريق مسدود بسبب الأزمة الاقتصادية. وهو ما أدى إلى تعطل الآلة الدعائية للسلطة بصورة كاملة، سواء على مستوى الأحزاب أو على مستوى الإدارة والحكومة والمؤسسات النظامية الأخرى.. وقد يتحول العزوف الانتخابي إلى عصيان انتخابي[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات