+ -

 

شاب يسأل عن حكم المتاجرة بالمخدرات..  إنّ تعاطي المخدرات والمتاجرة هو التحريم بلا شك، قياسا على الخمر المحرّم بنص الكتاب والسُنّة والعلة المشتركة بينهما، وهي الإسكار وإذهاب العقل وحجبه وتغطيته عن التفكير والفهم السليم. والرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: “كل مُسكر حرام” رواه مسلم، حتّى إن العلماء جعلوا للمدمن على المخدرات حدًا يقام عليه، قال ابن تيمية رحمه اللّه: “إن مَن غاب عقله منها يجب أن يقام عليه الحد ثمانون جلدة كحدّ الشرب من الخمر سواء بسواء”. فكما أنّ علّة التحريم في الخمر هي الإسكار فكذلك علّة التحريم في المخدرات هي الإسكار والفتور الّذي يصيب متعاطيها.ولقد أجمع فقهاء الإسلام على تحريم المخدرات في القديم والحديث، مستدلّين في ذلك بما سبق ذِكره من الأدلة وبقوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رِجْسٌ من عمل الشّيطان فاجتنبوه لعلّكم تُفلحون إنّما يُريد الشّيطان أن يُوقِع بينَكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويَصُدَّكم عن ذِكْر اللّه وعن الصّلاة فهَل أنتُم مُّنتهون} المائدة:90-91.فالمخدرات قياسًا على الخمر كما بيّنا ذلك، توقِع العداوة بين النّاس وتصدّ عن ذِكر اللّه وعن الصّلاة، وتصرف صاحبها عن أداء واجباته نحو زوجته وأولاده وأقاربه ونحو مجتمعه بعدم العمل وببث الفوضى والفساد والرذيلة فيه.قال ابن تيمية رحمه اللّه: “إنّ في المخدرات– ما ليس في الخمر- فهي أولى بالتحريم، ومَن استحلّها وزعم أنّها حلال فإنّه يُستتاب”. وقال ابن القيم رحمه اللّه: “هي لقمة الفسق والفجور التي تحرّك القلب الساكن إلى أخبث الأماكن”.والمخدرات تؤثر تأثيرًا سلبيًا على صحة العبد وعلى ماله وأخلاقه وعلى أسرته ومحيطه ومجتمعه وعلى دينه بالدرجة الأولى، فمن ناحية تأثيرها على المال فإن المدمن عليها يصرف أموالاً طائلة من أجل الحصول عليها ليقتل نفسه قتلاً بطيئًا.. وقد قال اللّه تعالى: {ولا تُبذِّر تبذيرًا إنّ المبذّرين كانوا إخوان الشّيطان} الإسراء:26-27.كما أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نهى عن المال فقال صلّى اللّه عليه وسلّم: “لا تزول قدمَا عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن عمله ما عمل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه” رواه الترمذي وهو حديث حسن.أمّا تأثيرها على صحة العبد فلقد ثبت طبيًّا أن لها أضرارًا على الجهاز العصبي، ما يؤدي إلى أغراض خطيرة على الجسد إلى أن ينتهي الأمر بتعاطي المخدرات إلى الموت المحتّم فهو انتحار وقتل للنفس، وقد قال اللّه تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إنّ اللّه كان بكم رحيمًا} النساء:29، وقال أيضًا: {ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة} البقرة:195.وهل من ذي لب سليم يدّعي أن المخدرات غير محرّمة بعدما بينّاه من الأدلة ومن أضرارها؟ فمَن ادعى ذلك فقد افترى على اللّه الكذب، وكان بفريته تلك مخالفًا للشريعة الإسلامية الّتي بنيت أحكامها على جلب المصالح في الدارين، ودرء المفاسد والمضار، وقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “لا ضَرَرَ ولا ضِرَار” أخرجه أحمد وابن ماجه وغيرهما وهو حديث صحيح.ولا بُدّ من كلمة نوجّهها لمَن اتّخذوا صحة الناس والشباب خاصة سلعة يتاجرون بها ويربحون منها أموالاً طائلة، ستثقل ميزان سيّئاتهم يوم القيامة، فينبغي أن يُعلم أن ما حرّم اللّه الانتفاع به يُحرم بيعه وأكل ثمنه. فكما أن تعاطي المخدرات محرّم فإنّ بيعها وأكل ثمنها محرّم أيضًا، وقد قال اللّه تعالى: {وتعاونوا على البر والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} المائدة:2، ويدخل في ذلك أيضًا زراعة الحشيش الّذي تستخرج منه المخردات.قال صلّى اللّه عليه وسلّم: “والّذي نفسي بيده لا يَكسب عبد مالاً من حرام فينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتصدّق فيُقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلاّ كان زاده في النار، إنّ اللّه لا يمحو السيئ بالحسن، إنّ الخبيث لا يمحو الخبيث” أخرجه أحمد والبخاري والحاكم وغيرهم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات