قد يكون الفريق مدين على حق حين يرفض متابعة سعداني قضائيا بسبب التهم الخطيرة التي كالها له، باعتبار أن ذلك يندرج في باب “ترك الجواب على السفيه جواب له”.! وكذلك الأمر بالنسبة لبلخادم الذي لا يريد أن يعطي لسعداني قيمة ويتابعه قضائيا مثلما فعل نكاز.!ظاهر الأمر أن كلا من توفيق وبلخادم رجال دولة ويقدرون المسؤولية أمام سعداني الذي لا يقدر المسؤولية ولا يحترم قيم الدولة.. هذا في الظاهر، أما في العمق فإن نكاز برفعه دعوى قضائية ضد سعداني أثبت بأنه رجل دولة ورجل قانون أكثر من توفيق ومن بلخادم للأسباب التالية:-عدم متابعة هؤلاء سعداني قضائيا لا يدل على احتقارهم سعداني فقط، بل يدل على احتقارهم للجزائر وللشعب الجزائري وعدم اعترافهم بالقانون وبالمؤسسات! وبتعبير آخر أظهروا أنهم أهم من الدولة ومن القانون.. وإذا تعاملوا مع القانون والعدالة والمؤسسات، يقومون بالحط من شأنهم، باعتبارهم أهم من مؤسسات الدولة والقانون والعدالة التي شيدوها. والسؤال المطروح: لو وجه سعداني مثل هذه التهم لغير توفيق وبلخادم، ألا تتحرك العدالة؟! والجواب تعرفونه!متابعة سعداني قضائيا على ما ذكره ضد الجنرال وبلخادم لا يعد نزولا في المستوى لهؤلاء، بل قد يعد عملية وطنية تؤسس للتدريب على خضوع كل الكبار للعدالة والقانون.! وعدم رفع الدعوى القضائية معناه أن العدالة لا ترقى إلى مستوى المسؤولين الكبار حتى في المسائل التي توضع في خانة “الخيانة العظمى”. أحرى وأولى أن تُفهم عدم المتابعة القضائية لسعداني من قبيل التكبر على العدالة التي تبقى دائما عدالة للصغار فقط.!-في الحقيقة نكاز الذي يتّهم من طرف هؤلاء بأنه غير مسؤول كرجل دولة على تصرفاته من خلال رفعه دعوى قضائية ضد سعداني، وأنه يقوم بالإثارة الإعلامية وليس السياسة.. في حقيقة الأمر يقوم بإعطاء تمرين لهؤلاء لتدريبهم على احترام الدولة والقانون، وأنه أكثر من هؤلاء الذين يدعون أنهم رجال دولة في مسألة احترام الدولة والقانون. تصرف نكاز زيادة على أنه ممارسة راقية في التعامل السياسي والقانوني، هو أيضا درس لهؤلاء في معنى دولة القانون.. وحتى لا تتكرر الظاهرة السعدانية التي تمس بمؤسسات الدولة وسمعة الدولة وعدالة الدولة قبل أن تمس بأشخاص الدولة.! نكاز فهم هذا لكن رئيس حكومة سابقا وفريقا في الجيش لم يفهماه، لأن سمعتهما أهم من سمعة مؤسسات الدولة وقوانين الدولة.-ما أتعس البلد الذي يعلن فيه أمين عام الحزب الحاكم أن رئيس حكومة حزبه ومدير أمنها “خونة” و “عملاء للخارج”، وكانوا وراء قلاقل أمنية في البلد أدت إلى اضطرابات مات فيها مواطنون وسجن آخرين ولا تتحرك العدالة، لأن المتهمين لم يتحركوا حفاظا على سمعتهم وعدم إعطاء قيمة للقائل حتى لا تمس سمعتهم.. وما عليش إذا مُست هيبة الدولة والعدالة والقانون!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات