بالمقلوب..!

أستاذ سعد، أرجو أن تكتب في موضوع شديد الأهمية لم ينتبه إليه أحد، والمتعلق بقطاع التعليم العالي. كلنا يعلم أن الطلبة الناجحين في البكالوريا يتم توجيههم إلى التخصصات حسب المعدلات المتحصل عليها، وأضعف معدل (10 على 20) يوجه إلى الحقوق... والسؤال: ما هو مستقبل العدالة بالجزائر بقضاة ضعفاء؟!غسيل حكيم❊ فعلا ما تثيره يا حكيم مسألة في غاية الأهمية، لأن كثيرا من متاعب البلاد مردها إلى سوء توجيه الطلاب والتلاميذ في الثانويات والجامعات إلى التخصصات الحيوية التي تحتاجها البلاد... ولتقريب الصورة الكاريكاتورية لهذا الواقع أذكر لك الآتي:تخيلوا أن قطاع الصحة (الأطباء) يوجه إليه الطلاب الذين يحصلون على أعلى معدل في البكالوريا (الطب) بحيث من يسجل بالطب لا ينزل معدله عن 16 على 20. ويأتي بعدهم العلوم التكنولوجية والإعلام الآلي والحقوق والآداب والفنون هي آخر المعدلات (10 على 20).الحقوق والإدارة تأخذ طلابها بـ10 على 20. ويتم تخريج رجال الإدارة لتسيير المستشفيات من جماعة 10، ويقوم هؤلاء بتسيير الأطباء الذين هم من جماعة 16 على 20. ويدرس الحقوقي 4 سنوات فقط. فيما يدرس الطبيب 7 سنوات على الأقل. ومع ذلك يكون صاحب العشرة مديرا على صاحب 16! وصاحب السنوات السبع دراسة طبيب تحت إدارة من درس 4 سنوات فقط. وفي بعض الأحيان يكون أجر المدير ضعف أجر الطبيب!أكثر من هذا، فإن الذين لا ينجحون في البكالوريا يذهبون إلى الحياة العملية أو التكوين المهني... وفي بعض الأحيان يتعاطون السياسة وينتخبون نوابا في البرلمان أو المجالس الولائية، ويصبحون مشرّعين لرجال القانون والأطباء! هذا الوضع المقلوب هو الذي كان وراء تدهور قيمة المهن في الحياة الجزائرية العامة للدولة.في البلدان الأخرى، لا يمكن أن تدخل المدارس العليا التي تخرّج إطارات الدولة إلا إذا كنت متفوقا! وخاصة الحقوق والإدارة والطب والفنون الجميلة والتكنولوجية والهندسة وغيرها.. أما عندنا فهذه هي الأمور التي تأتي في ذيل الاهتمام من حيث التفوق.التعليم انحط لأنه أضعف الوزراء يتولون أموره.. وأضعف التلاميذ يوجهون إلى مدارس المعلمين... والإدارة انحطت لأن “سُؤْرَ” قطاع التعليم يوجه إلى التخصصات التي تخرّج إطارات الإدارة.معك حق يا حكيم لابد من إعادة النظر في مسألة التوجيه الطلابي إذا أردنا إصلاح أوضاعنا.. صحيح أن مدرسة القضاة أصبحت تأخذ الطلاب بعد ليسانس حقوق، لكن هذا لا يجعل منهم متفوقين جددا! وكذلك الأمر بالنسبة للإدارة وبقية التخصصات الحيوية للبلاد؟!