هل حقا أن الرئيس بوتفليقة أصبح يؤمن بأن الأحزاب السياسية يمكن أن تساهم في استتباب الأمن والاستقرار الاجتماعي؟! ولذلك قال الرئيس في رسالته الموجهة للشعب، بمناسبة أول نوفمبر “على الأحزاب أن تساهم في استتباب السلم والأمن والاستقرار الداخلي”! إذا كان الأمر كذلك، فإن الرئيس بدأ بالفعل يضع أصبعه على أم مشاكل البلاد التي تهدد الأمن والاستقرار. وتبعا لذلك على الرئيس أن يعمل على:1ـ تسهيل الأمور للشعب بأن ينتظم فعلا في أحزاب وتنظيمات حرة موصلة للسلطة، وليس تنظيمات شبيهة للسلطة كما هو حاصل الآن.والبداية هنا تبدأ من توقف السلطة فعليا عن “التخلاط” داخل الأحزاب المؤيدة لها والمعارضة لها بغرض إضعافها بالمؤامرات والتصحيحيات (العلمية) وغير العلمية، لأن قوة البلاد تبدأ من قوة انتظام الشعب في مؤسسات سياسية واجتماعية قوية لها برامج موصلة للسلطة وتوفر للشعب البدائل العملية. وهذه الحالة لا يمكن أن تظهر في ظل منطق التخلاط داخل الأحزاب والجمعيات قصد إضعافها.2ـ المعطى الثاني لقوة الأحزاب المساهمة في الاستقرار الاجتماعي والأمن السياسي للبلاد هو الكف عن تحايل السلطة في الانتخابات بواسطة التزوير، سواء تزوير الأحزاب أو تزوير المنتخبين أو حتى تزوير الأصوات بواسطة الأسلاك النظامية الخاضعة لأوامر السلطة مباشرة.وأيضا لابد أن نسجل بأن مسألة قوة الأحزاب السياسية وشرعية المنتخبين لا تحدد بقوة ولاء هذه الأحزاب للسلطة بل تحدد بقوة إخضاعها لإرادة الشعب في حرية الاختيار.. ومن هنا، فإنه من العبث السياسي اعتبار الرقابة على نزاهة الانتخابات من طرف لجنة مستقلة، حتى ولو كانت دستورية، يمكن أن يعطي الشرعية لانتخابات مزورة بذكاء.. لأن عدم تزوير الانتخابات هو إرادة من السلطة، وتزويرها هو إرادة أخرى.. ولا يمكن إلغاء إرادة التزوير بلجنة حتى ولو كانت دستورية.في البلدان الأخرى التي تجري فيها انتخابات جدية لا يوجد الحديث عن التزوير لأنه عمل مشين وإجرامي يعاقب عليه القانون. وهذه مهمة السلطة وليست مهمة اللجنة!3ـ هل من الجدية السياسية أن يقف شخص مثل سعداني، رئيس أول تشكيل سياسي في السلطة وهو الأفلان، ويقول: إن أحداث غرداية وتيڤنتورين وعين صالح هي من صنع رجال في السلطة هم على رأس أجهزة الأمن! وحزب هذا الزعيم ورئيسه هم من يرأس الحكومة، وله الأغلبية في البرلمان. وهذا البرلمان والحكومة هما من يقر ميزانية للأجهزة الأمنية تصل إلى أكثر من 40٪ من مقدرات البلاد! كل ذلك لإطفاء حرائق أشعلتها الأجهزة الأمنية نفسها! يحدث ذلك ولا يتحرك البرلمان والرئيس والحكومة والأحزاب لفتح تحقيق في الأمر..؟! هل بعد هذا يمكن أن يتحدث المتحدث عن أحزاب سياسية يمكن أن تكون لها القوة في تأطير الشعب وفرض الاستقرار السياسي والأمني! لا يمكن أن يتحقق ما قاله الرئيس في رسالته إلا إذا كفت السلطة عن حكاية تزوير السياسة وتزوير الانتخابات وتزوير الوضع الأمني! فالأمر يتعلق بخيانة عظمى وليس بأخطاء تسييرية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات