إن حديث المناهج في وزارة التربية وما يحدث لها من سلخ ممنهج لصالح توجه دون غيره يقوى أحيانا ويضعف أحيانا، منسجما مع منطق الفعل ورد الفعل، لم يعد خفيا ولا يحتاج إلى دليل، فالسيدة المحترمة تملك من الشجاعة ما يعفيها من التخفي في ذلك إلا قليلا.ولو تمكن من وزارة التربية أحد المعارضين لإيديولوجيتها لسلخ المناهج أيضا لصالح توجهه كما تفعل السيدة المحترمة، طبعا إذا كان يملك شجاعتها.. ذلك لأن الأزمة في نظري أعمق.. إنها أزمة غياب مشروع مجتمع محل اتفاق.فإذا كانت الأحزاب السياسية في المجتمعات المتحضرة تتنافس ببرامج تقنية من أجل مشروع المجتمع الأوحد، فإن التنافس السياسي في بلدي يقع بمشاريع مجتمع مختلفة وأحيانا متناقضة، يهدم تنافسها من حيث يريد البناء وكل يدعي نسبا لبيان أول نوفمبر وحرصا على الثوابت الوطنية، لتتأكد تماما أن بعضهم يكذب أو أنهم كلهم يكذبون أم أن بيان أول نوفمبر حمَّال للمعاني غير محكم.. إن الثوابت عندنا ثابتة في الشكل لينة مرنة في المضمون ولذلك نسميها ثوابت.لقد كان من نتائج سنوات المعاناة التي مر بها الوطن نوع من التماهي بين الجزائريين بمختلف توجهاتهم نحو الاقتناع بأن الوطن للجميع وأنه يسع الجميع، وأن لا فائدة من صراع الإيديولوجيا وتناطح الأفكار.. تلك قناعة مهمة للحمة المجتمع والحفاظ على الدولة.. وسعدنا بذلك.غير أن السيدة المحترمة وطاقمها المقرب أحدثوا في المجتمع اصطفافا أيديولوجيا غير موضوعي، ذكرنا بسنوات السبعينيات.. وعدنا إلى حديث كنا قد وَأَدْنَاه وتمنينا لو نسيناه، إنهم يمارسون العزل الوظيفي بما يشبه منطق العزل السياسي الذي مارسته الأنظمة المنقلبة بالربيع العربي.. إنهم يشكلون خطرا على النظام ووحدة المجتمع.إن بعضا ممن يحيطون بالسيدة المحترمة لم يكن لهم من فضيلة في تاريخهم الوظيفي إلا إدارة الفشل ونقله من موقع إلى موقع.. هؤلاء يعانون “فوبيا” الكفاءة خوفا من أن تتكشف عوراتهم ويظهر قصورهم إذا تمكن من المناصب أهلها، وقد أعلنوها حربا لا هوادة فيها على كل من اشتبهوا فيه الكفاءة بوسائل قذرة نتنة، فيسودون صحائفه زورا وبهتانا، ويصورونه لأصحاب القرار خطرا داهما إذا تمكن.. أحد هؤلاء البارعين في إدارة الفشل، كان قد كلف، في عهد الوزير الأسبق، بإدارة وتنفيذ مشروع الرقمنة، فشل فيه طبعا، فغضب منه الوزير واستقدم أحد الشباب المؤهلين، سلمه المشروع ولسوء حظ هذا الأخير، ما كاد يستلم منصبه حتى ذهب الوزير فتفرغ له صاحبنا متربصا به، مقسما بأغلظ الأيمان أن يخرجه من الوزارة ولو بعد حين، وأخذ ينفث سمومه حوله وينسب إلية كل الشرور، حتى تمكن منه وأخرجه، وهو الشاب الذي لم يكد يجاوز الأربعين من العمر كفؤا صامتا لم يتكلم.. إن الذي لا يفرق بين حظ نفسه وعلاَّتها والتزامات وظيفته ومنصبه لا يستحق الاحترام، وأتمنى أن لا تضطرني الظروف للحديث في بعض علاتهم التي يمنعني من الخوض فيها اليوم ثقافة الالتزام التي لا يعرفونها.فليس في بطني تبن ولا أخشى النار.. وأخيرا وليس آخرا، وزارة التربية بيتنا الذي لا بديل لنا عنه ألما لأجله نتكلم.كتبه: محمد بوخطة❊ مصيبة هذه الأمة أنها ولدت بيضة أول نوفمبر قبل 60 سنة، وتركتها حتى أصبحت (مارجة) ! يجب أن تكون للجيل الحالي الشجاعة الأدبية ليقول: أن بيان أول نوفمبر لم يعد صالحا لقيادة البلاد إيديولوجيا وسياسيا، أول نوفمبر صيغ لمهمة محددة هي تحرير البلاد، وقد تحقق الإجماع الوطني على ذلك وأنجزت المهمة. اليوم لابد لنا من محتوى جديد عنوانه كيف نبني بلدنا مؤسساتيا وثقافيا واقتصاديا، وهذه مهمة الشباب. اليوم عليهم أن يصوغوا بيان أول نوفمبر جديدا محتواه: كيف نبني البلد وأن يحيل الشباب اليوم عجائز نوفمبر التاريخي على المتحف، كما أحال شباب نوفمبر عجائز الحركة الوطنية على المتحف السياسي، هذا هو الحل.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات