ما يجري في قطاع التربية ليس صراعا أيديولوجيا صرفا، بل ما يحدث أيضا هو وجه آخر للرداءة المتمكنة في هذا القطاع، فلا الوزيرة بإطاراتها تمكنت من إنهاء حالة “الرداءة” التي تقول إنها وجدتها في قطاع التربية معشعشة بفعل عوامل الزمن والفساد والصراع الأيديولوجي، ولا النقابات التي تناصب الوزيرة العداء بسبب “الرداءة” في تسيير القطاع، لتتهمها الوزيرة وزمرتها بـ“التخندق الأيديولوجي”.كل يتهم الآخر بالتخندق الأيديولوجي والرداءة وممارسة الصراع من مواقع لا تخدم مصلحة التلاميذ، ولا تخدم مصلحة البلاد في بعث تربية وتعليم يليقان بهذا البلد الشاسع والواعد.هل من الكفاءة أن تقوم الوزيرة بإنجاز إصلاحات بصورة “سرية” أدت إلى الإساءة إلى هذه الإصلاحات بالسرية الممارسة أكثر مما نفعتها في عملية التمرير السليم لهذه الإصلاحات بلا مشاكل؟!وقد أدت عملية قلة تقدير الموقف من الوزيرة، في كل خطوة تخطوها في إصلاحاتها، إلى إثارة قلاقل ما كانت الوزيرة ولا قطاع التربية في حاجة إليها أبدا.عندما تحدثت الوزيرة عن الإصلاحات الضرورية للسياسة اللغوية في المدرسة أثارت زوبعة كبيرة، بدءا من الحديث عن التدريس بالدارجة إلى الحديث عن إلغاء العربية كلغة للتدريس واستبدالها بالفرنسية أو الإنجليزية.!ثم جاءت حكاية الحديث عن الأساتذة المتعاقدين وما ثار حولها من لغط ما كانت الوزارة في حاجة إليه لو تمت العملية في كنف التشاور والتنسيق مع النقابات وأولياء التلاميذ وحتى الخبراء في قطاع التربية.. لكن سوء التسيير وعقلية الاستبداد ومنطق “البوعريفو” الذي اعتمدته الوزارة في معالجة الموقف، وهو منطق ينم عن قلة دراية وقلة كفاءة صارخة، قد أدى هذا المنطق إلى مشاكل هي الآن حجر عثرة أمام السير العادي للتعليم.وما كادت تهدأ قضية الأساتذة حتى فجرت قضية الكتب والطباعة والأخطاء، وهي صورة أخرى من صور سوء التسيير للملف وزاريا وحكوميا..وها هي مسألة أخرى تطل برأسها وتتعلق بملف التقاعد، وقد يكون أخطر مما سبقه من ملفات.!كل القضايا التي واجهت الوزيرة في هذا القطاع لا تدل على أهمية العمل الذي تقوم به بقدر ما تدل على عدم الكفاءة في مواجهة تسيير كل قطاع بحجم التربية.وحتى لو كانت النقابات فاسدة وصاحبة مصلحة، فإن عدم التعامل معها في الإصلاح بحكمة وبدراية وبكفاءة يجعل الوزيرة هي المسؤولة عما يحدث..
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات