+ -

متى تفهم السلطة والمعارضة في الجزائر أن حكاية نزاهة الانتخابات وعدم تزويرها لا ترتبط بحكاية القانون أو حكاية لجان المراقبة... بل الأمر كله له علاقة بالإرادة السياسية للسلطة في عدم تزوير الانتخابات. ومادامت إرادة تزوير الانتخابات هي إرادة السلطة، وعملية استراتيجية في المسلكية السياسية لها، فلا يمكن أن نتحدث عن قانون لقمع التزوير أو حتى عن لجان مراقبة حتى ولو كانت قد دسترت.هل يصدّق عاقل أن التزوير الانتخابي في الجزائر تجريه السلطة التنفيذية دون إرادة الرئيس أو دون علمه؟ وهو الذي يفتخر بأنه يتحكم في كل شيء في دواليب السلطة؟!هل يصدّق عاقل أن لجنة مراقبة الانتخابات الدستورية التي يترأسها دربال يمكن أن تراقب إرادة سياسية عليا في تزوير الانتخابات إذا وجدت هذه الإرادة فعلا؟! ألا تكفي عمليات التحايل على الإرادة الشعبية بمثل هذه الأساليب التي أصبحت مفضوحة وتسيء لأصحابها أكثر مما تسيء إلى البلد والشعب والمعارضة والمنتخبين والمؤسسات!الدليل على أن عدم تزوير الانتخابات هو إرادة سياسية وليس لجانا وقانونا، هو أن انتخابات 1991 الملغاة، والتي يعترف الجميع بصدقيتها، قد جرت دون لجان مراقبة دستورية ولا غير دستورية، بل وإن وزير الداخلية الذي أشرف على تلك الانتخابات آنذاك هو المرحوم الجنرال العربي بالخير، وهو المعروف بعدائه للإسلاميين وللأفافاس وجبهة التحرير المهرية. ومع ذلك، انتصر هؤلاء في الانتخابات بلا تزوير من السلطة. وهذا وحده الدليل الكافي على أن الانتخابات النزيهة هي إرادة سياسية من السلطة، التي عادة أن تكون هي مصدر التزوير. لهذا، فإن حكاية مشاورات الرئيس مع المعارضة في تعيين رئيس لجنة مراقبة الانتخابات هي مجرد تحايل آخر على الشعب لإيهام الناس بأن الانتخابات ستكون نزيهة بنص الدستور!لهذا كان رد رئيس حزب طلائع الحريات على حكاية تعيين رئيس لجنة مراقبة الانتخابات جد مهم، ربما لأن زعيم هذا الحزب كان رئيس الحملة الانتخابية للرئيس بوتفليقة سنة 1999 ويعرف بالتدقيق كيف تزوّر الانتخابات باللجان التي تسند لها حكاية الرقابة لمنع التزوير.المغرب الشقيق جرت فيه انتخابات تشريعية ليست حرة بالكامل ولكنها ليست مزورة كما يحدث عندنا... ولم يضطر القصر الملكي إلى تنصيب لجان مراقبة هزيلة وهزلية تثير الاستغراب أكثر مما تعالج المشاكل كما هو الحال عندنا.حقا، لقد تبلدت الأمور السياسية في الجزائر، إلى درجة أن السلطة لم تعد تستحي حتى من ممارسة التحايل المضحك على الشعب في ممارسة مصادرة حقه في اختيار من يمثله في المؤسسات الدستورية بحق وحقيقة... حتى بات أمر إجراء الانتخابات مثل عدم إجرائها سواء بسواء!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات