38serv
بعد الصدى الإيجابي والترحيب الذي لقيه اتفاق الجزائر الذي وصف بـ”التاريخي” لتضمنه أول إجراء تخفيض لإنتاج النفط منذ اتفاق عام 2008، بدأت الدوائر المتخصصة تطرح عددا من نقاط الظل والاستفهامات المتصلة بآليات تطبيق القرار وإمكانية ذلك على أرض الواقع، في ظل تجارب سابقة بينت غياب الانضباط وسيادة سياسات قطرية داخل “أوبك” لاسيما بعد إلغاء نظام الحصص من قبل المنظمة.
من بين نقاط الظل التي طرحها الخبراء تضمن التصريح النهائي للقاء الجزائر إشارة إلى التزام بتحديد سقف إنتاج يتراوح ما بين 32.5 و33 مليون برميل يوميا، أي بفارق 500 ألف برميل يوميا، وهي سابقة في لقاءات المنظمة، حيث كان المعمول به هو تحديد سقف محدد، مع الإشارة إلى الكميات المخفضة أو حصة كل دولة من الدول المصدرة. وعليه، فإن مثل هذه الضبابية والصيغة الفضفاضة تطرح مسألة التباين القائم داخل المنظمة بين البلدان الأعضاء.أما ثاني نقاط الظل، فتخص التركيز على تأجيل تحديد الحصص والآليات المعتمدة لتطبيق “الاتفاق”، حيث يتعين انتظار لقاء فيينا في نوفمبر المقبل لمعرفة كيفية حسم الدول الأعضاء في المنظمة وتوزيع الأعباء فيما بينها، ويتوقع أن تتحمل أكبر الدول في حال ترسيم الاتفاق وهي المملكة العربية السعودية الجزء الأكبر من التخفيض في سقف الإنتاج، حيث يتم الحديث وفقا لمقترح تقدمت به الجزائر عن تخفيض مستوى الإنتاج السعودي بـ442 ألف برميل يوميا ليصل إنتاج الرياض لحوالي 10.1 مليون برميل يوميا، فيما يتم تحديد مستوى الإنتاج الإيراني في مستوى 3.7 مليون برميل يوميا أي بانخفاض بحوالي 100 ألف برميل يوميا، وتخفيض العراق لـ135 ألف برميل يوميا و155 ألف برميل يوميا للإمارات، إلا أن التجارب السابقة بينت قلة الانضباط داخل “أوبك”، خاصة منذ إلغاء نظام الحصص في 2012، وشهدنا كيف قامت منظمة “أوبك” بمراجعة سقف إنتاجها الافتراضي من 30 مليون برميل يوميا إلى 31.5 مليون برميل يوميا، بعد تسجيل تجاوز كبير في حصص إنتاج الدول وسقف الإنتاج، لكن هذا الأخير ظل يرتفع فوق عتبة 32.5 مليون برميل يوميا، بل إنه تجاوز في أوت 33,237 مليون برميل يوميا، مقابل 33,260 مليون برميل يوميا في جويلية و33,053 مليون برميل يوميا في جوان، ما يجعل احتمالات ضبط إنتاج الدول صعبة، لغياب أي آلية فعلية لمراقبة إنتاج الدول الـ14 الأعضاء لاسيما الكبيرة منها. في السياق نفسه، ينتظر المراقبون للشأن النفطي أيضا تحديد الفترة الزمنية التي يسري عليها الاتفاق في حالة ترسيمه، حيث يميل خبراء لفترة تتراوح ما بين ستة أشهر وسنة، وإن كانت الفترة الأولى قصيرة وغير كفيلة بامتصاص الفائض المسجل في السوق الذي يقدر بالنسبة لـ«أوبك” وحدها بحوالي 737 ألف برميل يوميا على أقل تقدير، يضاف إليها الرفع القياسي لإنتاج روسيا الذي بلغ سقف 11 مليون برميل يوميا، وخرجة وزير النفط الروسي الذي أشار إلى استبعاد خيار التخفيض في الإنتاج، وبالتالي فإننا أمام فائض يعادل حوالي 1.5 مليون برميل يوميا في السوق.أما النقطة الثالثة، فتخص وضع العديد من البلدان “الاستثنائي” داخل منظمة “أوبك”. فإيران تشدد على حقها في العودة إلى مستوى إنتاج ما قبل العقوبات، وهو مستوى يتراوح ما بين 3.8 إلى 4 ملايين برميل يوميا، كما أن العراق أيضا على لسان وزير النفط جبار اللعيبي أكدت أن سياسة العراق الثابتة تهدف إلى الحفاظ على حصته التي قدرت بـ4.75 إلى 5 ملايين برميل يوميا باعتماد الكميات المنتجة من الحقول النفطية، علما أن العراق ينتج حاليا 4.3 مليون برميل يوميا. بالمقابل، فإن نيجيريا وليبيا تعتبران وضعهما خاصا، لأنهما تأثرتا بأزمة أمنية أثرت على مستوى إنتاجهما، خاصة ليبيا التي تراجع إنتاجها إلى 300 ألف برميل يوميا، بدلا عن قدرات إنتاجية تتراوح ما بين 1.6 إلى 1.7 مليون برميل يوميا، وقد تم تعويض جزء من إنتاجها من قبل المملكة العربية السعودية.وعلى خلفية هذه المحاذير ونقاط الظل، فإن السوق النفطي استوعب سريعا “أثر” إعلان الجزائر وصداه الإعلامي، لتسجل بعدها أسعار البترول استقرارا ثم تراجعا نسبيا، مع توقع الخبراء أن تبقى الأسعار في حدودها الحالية إلى غاية شهر نوفمبر المقبل، في انتظار ما يسفر عنه اللقاء الرسمي للمنظمة. وقد بلغ، أمس، سعر برميل النفط لمؤشر برنت بحر الشمال 48.8 دولار للبرميل، بنسبة انخفاض بلغت 0.4 في المائة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات