38serv

+ -

 يذكر أستاذ علم الاجتماع، السياسي ناصر جابي، في دراسة مركّزة حول تعديل الدستور لـ7 فيفري 2016، أنه “لم يحل الإشكالات التاريخية المعروفة التي لازلنا نعاني منها في الجزائر، كنظام سياسي”. فالدستور، حسبه، “لا يضمن استقلالية القضاء ويكرّس تغوّل السلطة التنفيذية على باقي السلطات الأخرى، ولا يحمي المواطن وحقوقه الفردية والجماعية”.ونشرت المؤسسة البحثية العربية “مبادرة الإصلاح العربي”، في 22 من الشهر الجاري، دارسة للباحث جابي، عنوانها “دستور الجزائر: ثرثار يتحدث عن حقوق لا يضمنها”، يتناول فيها أن التعديل الذي أدخله الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الدستور، مطلع العام، “لا ينتظر أن يؤدي إلى تغييرات جوهرية في آليات تسيير مؤسسات النظام السياسي، وتوازناته الداخلية، ولا إلى تغيير نوعية العلاقات مع المواطن الجزائري، الذي ازدادت حدة تذمره من الأوضاع السياسية والاقتصادية القائمة”.وقال جابي لـ”الخبر”، بخصوص دراسته، إن النص الذي صادق عليه البرلمان، “يسهب في شرح تفاصيل تعد من البديهيات ليس من الضروري الحديث عنها في نص دستوري، كان يفترض أن يكون مختصرا في الحديث. وهو ما يعني أننا فقدنا ما كنا نملكه من خبرة وتحكم في إنتاج وتحرير نص دستوري، بمواصفات معقولة تعكس ما هو حاصل دوليا، في التجارب الناجحة طبعا”. وتبعا لذلك، “فقد ضاعت خبرة من نخب قانونية، كانت في السابق متحكمة نسبيا في إنتاج النص القانوني”، بحسب جابي، الذي قال إن “وضعية الجامعة والمستوى الذي وصلته الدراسات القانونية، زيادة على تدخل السياسي، عاملان أساسيان في تفــسير هذا الوضع”.وأوضح الباحث بشأن “الحقوق التي لا يضمنها الدستور”، أن “دساتيرنا نضعها في جزء كبير منها للعالم الخارجي، وليس للمواطن الجزائري، خاصة الناشط في المجال السياسي، والمهتم بالشأن العام (..) لابد من القول أن المواطن الجزائري العادي، ليس مهموما بقضية الدستور، عكس جزء من النخب السياسية. المواطن يعرف بالتجربة ومنذ الاستقلال، أن رأيه غير مطلوب في عملية إعداد الدستور. كل ما قد يطلب منه أن يصوّت بنعم، وبعد أن تكون مجموعات ضيقة من الخبراء والبيروقراطيين قد أعدت النص الدستوري”.ومما جاء في دراسة جابي، أن “المواطن الجزائري، وقف من التعديلات الدستورية المقترحة عليه في 2016 الموقف نفسه الذي عبّر عنه تقرير التنمية الإنسانية العربي، حول الحرية في العالم العربي (2004). إذ ورد في إحدى خلاصاته: إن ما يمنحه الدستور في البلدان العربية من حقوق، عادة ما يأخذه القانون أثناء العملية التشريعية، وتقضي عليه الممارسة الفعلية، ليفرّغ هذا الغطاء الدستوري عملياً من محتواه الإيجابي الذي قد يظهر به في الأول”.وتابع جابي في دراسته، بأن قوانين الإصلاح (التي صدرت في 2011) “لم ترق إلى مطالب القوى السياسية في الجزائر، التي كانت تعيش أجواء الربيع العربي، إذ حاولت تلك القوانين أن تتكيّف مع تلك المطالب بأقل الأضرار الممكنة”.وبرأي الباحث، “الضمانة الوحيدة لتبني المواطن الدستور والدفاع عنه، هي مشاركته الفعلية في وضعه من خلال مؤسسات شرعية وممثلة كالبرلمان والأحزاب والصحافة. الضمانة تتمثل أيضا في احترام النص الدستوري على أرض الواقع، لكي يعيش بيننا فنطوره ونحسنه مع الوقت حتى نصل إلى ما نريده من دستور”.وأضاف: “النماذج الجيدة على مستوى العالم موجودة، وأقربها إلينا ما حصل في تونس أثناء وضع الدستور ومناقشته. فالدستور ليس نصا يكتب نتباهى به، بل ممارسة يومية يشعر المواطن معها أنه معني وأن حقوقه تتطور مع الوقت، وأن المؤسسات وجدت لحمايته”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات