+ -

دافعت الجزائر عن موقفها من “شكوك” فرنسية تخص تمويل الحكومة للمساجد عبر التراب الفرنسي. وتكفل بمهمة الدفاع السفير الجزائري في باريس، عمار بن جامع، خلال جلسة استماع له بمجلس الشيوخ الفرنسي، طبقا لما ورد في تقرير إخباري عن مهمة استطلاع نفذها أعضاء المجلس تخص الديانة الإسلامية بشكل عام مؤخرا. وأعطى السفير للفرنسيين المعلومات التي تخص تمويل المساجد وتكوين الأئمة المنتدبين إلى فرنسا. كانت جلسة الاستماع للسفير الجزائري “ملغّمة” بأسئلة أعضاء من مجلس الشيوخ، الذين شاركوا في “المهمة الاستقصائية” حول الإسلام في فرنسا، لكن السفير عمار بن جامع واجهها بـ”الدليل” وكافة المعطيات لإزالة اللبس والشكوك، حول مزاعم سيطرة الجزائر على المساجد في فرنسا، وفقدان أثر تمويلها سنويا.هذه رواتب أئمة الجزائر في فرنساالتقرير الإخباري جاء في 578 صفحة مقسما إلى 11 محورا، لم يترك لا كبيرة ولا صغيرة تخص الديانة الإسلامية، إلا وفتح بشأنها تحقيقا وخصص لها جلسات استماع مع الذين لهم علاقة بـ”الإسلام”. ومن ضمن هؤلاء سفير الجزائر في فرنسا، عمار بن جامع، الذي حظي تقرير الاستماع إليه من طرف أعضاء مجلس الشيوخ، بعشرات الصفحات من التقرير الإخباري العام.وقد سئل السفير عن رواتب الأئمة الذين تنتدبهم الجزائر نحو مساجد فرنسا، فقال في هذا الشأن: “هؤلاء الأئمة يقسّمون إلى ثلاث فئات إدارية حسب مستوى تأهيلهم، الفئة الأولى “إمام أستاذ رئيسي”، والثانية “إمام رئيسي” والثالثة “إمام مدرس”. الفئة الأولى هم الأئمة الحاصلون على شهادة دكتوراه ويتقاضون 2898 أور شهريا، والفئة الثانية هم الأئمة الحائزون على شهادة “ماستر” وراتبهم 2697.33 أورو كل شهر، والفئة الثالثة وهو الأئمة الذين يتحصلون شهريا على راتب شهري قدره 2324 أورو”.وتابع بن جامع: “أمّا بقية الأئمة فهم احتياطيون تدفع أجورهم حسب فترة الحاجة إليهم، ويصنفون إلى صنف “أ”، وصنف “ب” وصنف “ج”، وأجرهم مرتبط بعدد الصلوات التي يؤدونها في المساجد، ويقدّر من 740 إلى 1481 أورو شهريا. وكل هذه المصاريف تبلغ سنويا 300 ألف أورو تتكفل الجزائر بدفعها، كما ندفع اشتراكات الضمان الاجتماعي لهؤلاء الأئمة حسب الاتفاقية المبرمة بين الجزائر وفرنسا، فيما يتعلق بالحماية الاجتماعية”.حرية للأئمة بفرنسا في إلقاء الخطبوبخصوص سؤال يتعلق بكفاية هذه الرواتب لسد احتياجات الأئمة الجزائريين.. أجاب السفير: “هنالك دائما مطالب بتوفير احتياجات عديدة لهؤلاء الأئمة، والحكومة الجزائرية في ظل الأزمة المالية الحالية يصعب عليها دائما الاستجابة لكافة مطالبهم، ولكن لا تنسوا (يخاطب أعضاء مجلس الشيوخ) بأنهّم موظفون، والحكومة تبحث لهم دائما عن ضمانات العيش الكريم، وهم بدورهم يبحثون عن تطوير مسارهم المهني، وبالتالي سيدمجون مباشرة في شبكة الوظيفة العمومية لدى عودتهم إلى الجزائر”.وبشأن مراقبة الجزائر للمساجد وخطب الأئمة، أوضح السفير أن “للجزائر وزارة للشؤون الدينية، وخطبة الجمعة تعطي لها فرصة نشر توجيهات، ولكن تمنح الوزارة للأئمة هامش حرية واسع في طريقة تبليغها. وعلى عكس ما يشاع في فرنسا، ليس هنالك مساجد تسيّر من طرف جزائريين أو مغاربة أو تونسيين أو أتراك، معنى أنّهم يصنعون جهاديين، ابحثوا (يقصد أعضاء المجلس) عن هؤلاء خارج المساجد، في المستودعات أو على الأنترنت أو لدى أشخاص يستثمرون في سذاجة الشباب، من هنا يجب البحث عن موطن السرطان الذي يغزو المجتمع الفرنسي”.ودافع السفير عن تمويل الجزائر للمساجد في فرنسا، موضحا: “الجزائر منذ سنوات تموّل مسجد باريس بإعانة سنوية قدرها مليونا (2) أورو، وهذه القيمة المالية تصرف في أعباء تسيير المسجد، علاوة على نشاطات التكوين وتعميم مبادئ الإسلام. وتتبع تلك الأموال مسارا بنكيا شفافا على أعلى مستوى، وحتى دفع الأجور واشتراكات الضمان الاجتماعي للموظفين التابعين لمسجد باريس، وهنالك تقرير يقدّم كل ثلاثة أشهر للسلطات المعنية حول نشاط المسجد”.إعانات مالية في الشفافية التامةوعبّر السفير عمار بن جامع لأعضاء مجلس الشيوخ عن “إرادة قوية بأن توجّه الإعانات المالية إلى المعنيين بها مباشرة، وهم الذين اختارتهم الجزائر بعناية، وهذا ما يعني تحفظ بعض المتبرعين الأجانب عن نقل تبرعاتهم عن طريق مؤسسة فرنسية تتكفل بإعادة توزيعها”.ودفاع السفير الجزائري عن موقف بلاده، جاء على خلفية ما ورد في تقرير مجلس الشيوخ الفرنسي بأن “تمويل الجزائر للجمعيات وأماكن العبادة الإسلامية في فرنسا يتم بطريقة غير مباشرة، لأن التمويل يتم في إطار اتفاق بين لجنة للشؤون الدينية في الجزائر والمسجد الكبير لباريس”. وجاء في التقرير أيضا أن “التمويل يجري تنظيمه عن طريق الدعم الشامل من طرف الجزائر لمسجد باريس، حيث يستفيد هذا الأخير من تغطية مصاريف تسييره، فيما تقدم بقية الأجزاء للطلبات المالية المستعجلة، ولفائدة عشرات الجمعيات والمساجد وأماكن العبادة، التي تتبع للفيدرالية الوطنية لمسجد باريس”.كما أجرت لجنة التحقيق لمجلس الشيوخ الفرنسي، استجوابات مع المعنيين، من أجل شرح مهام المؤسسة الفرنسية التي ستقوم بتوزيع تلك الإعانات، واستمع الأعضاء إلى الجزائر التي شددت على إرادتها في الحفاظ على قبضتها في اختيار المساجد، التي تمولها، خصوصا في غياب “رسم على منتوج الحلال” لهذه المؤسسة التي ليس لها مدخول جديد.قبضة جزائرية على مساجد فرنسا..وشملت “المهمة الاستطلاعية” لأعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي، زيارتهم للجزائر وكذا المغرب، للوقوف على المسائل المتعلقة بالإسلام وتنظيم الشعائر الدينية. وكانت المهمة السماح لوزير الداخلية الفرنسي بأخذ فكرة، كونه المسؤول عن مختلف الصلاحيات المتصلة بالديانات، وأيضا المتكفل بالعديد من المبادرات التي تخص تحديدا الديانة الإسلامية، مثل “هيئة الحوار” أو نتائج الاتفاق مع الجزائر المتعلق بتجنيد أئمة جزائريين لخدمة وزارتهم في فرنسا.ومن بين العوامل الرئيسية التي ارتكزت عليها المهمة الاستطلاعية، تتصّل بمكانة وتأثير البلدان الأصلية، وهي الجزائر والمغرب وتركيا ضمن منظمة الديانة الإسلامية. وفي التقارير الخاصة بالمساجد المنتشرة في الأراضي الفرنسية، علاوة على الجمعيات الثقافية أو الدينية التي تسيّرها دول الجزائر أو المغرب أو تركيا، نجد “مساجد جزائرية”، حسب التقرير، موضوعة تحت سلطة ورقابة مسجد باريس، الذي يضع تحت الوصاية الشديدة للسلطات الجزائرية، و”مساجد مغربية” و”مساجد تركية”، والمسلمون المنحدرون من الدول الثلاث لا يقصدون سوى مساجدهم.وتحاول السلطات الفرنسية من خلال تركيبة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وفقا للتقرير الإخباري، “تحييد الحركات الجزائرية ومعها المغربية والتركية من “السيطرة” على المساجد، عن طرق فسح المجال لدول إسلامية أخرى تحقيقا لمبتغى “إسلام فرنسا”. فقد اتهم أعضاء مجلس الشيوخ “الجزائر بأنّها لا تفرض تكوينا يتماشى مع مبادئ فرنسا، لذلك ينبغي أن تختار “أئمة” ولدوا وعاشوا في فرنسا، مثلما وقف عليه المقررون لدى زيارتهم للجزائر، وبالخصوص معهد التكوين “الغزالي” الذي يكوّن أئمة في باريس، التابع لمسجد باريس الذي يمثل التيار الجزائري”.أئمة الجزائر “مرتشون”ويعيب التقرير بأن “الأئمة الذين يجري تكوينهم في الجزائر ليس لهم أي اتصال مع أفراد من “جالية” اليهود الذين يبلغ عددهم 300 شخص، ولا يعلمون من الصراع الإسرائيلي-الفسلطيني إلا رواية البلدان العربية الإسلامية، وبالتالي يجهلون حقائق عن “المحرقة اليهودية”. وعلى هذا الأساس، تضمن التقرير “إعلانا من السلطات الفرنسية بأن منح التأشيرات، من الآن فصاعدا، للأئمة الجزائريين المنتدبين للعمل في فرنسا، لن يتم إلا بعد إخضاعهم إلى اختبار معرفة مستواهم الخاص بالحديث باللغة الفرنسية، والذي تشرف عليه السلطات الفرنسية”.ونصح أعضاء المجلس “البلدان الأصلية ومنها الجزائر، بتنظيم ندوة عالية المستوى تجمع كل سنتين وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري ونظيريه المغربي والتركي، ومن الجانب الفرنسي وزيري الداخلية والخارجية ومعهم مختلف مديري الهيئات الفرنسية المختصة”.كما احتوى التقرير بأن “الجزائر تسعى إلى تعيين عميد مسجد باريس، وهذا أكده وزير الداخلية خلال الاستماع إليه، قائلا: “الحكومة الفرنسية تسعى إلى أن يكون مسجد باريس خارج أي تأثير أجنبي من الآن فصاعدا”.ويتهم التقرير كذلك بأن “معظم الأئمة الجزائريين الذين ينتدبون للعمل في مساجد باريس يحصلون على الوظيفة بدفع رشاوى، وهم غير قادرين، مثلما يزعم التقرير، حتى على شرح مفاهيم الإسلام، ولهذا يجب إرسالهم إلى المغرب لإعادة تكوينهم”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات