تستعد الجزائر لإرسال الملف الكامل لفيلم “البئر” للمخرج لطفي بوشيشي إلى أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة الأمريكية، التي تنظم مسابقة الأوسكار العالمية، حيث تأمل الجزائر أن يقبل ويدخل الفيلم إلى المسابقة رسميا ممثلا عنها في أوسكار 2017. يقر مخرج فيلم “البئر” لطفي بوشوشي في حوار مع “الخبر”، أن الفيلم بحاجة إلى دعم كبير والتفاف جزائري، يشبه ما حظي به الفريق الوطني عام 2009 للوصول إلى مونديال جنوب إفريقيا. وحسب بوشوشي، فإن دعم الشركات الخاصة والحكومة قد يعطي بصيص أمل للوصول إلى القائمة القصيرة للأوسكار رغم صعوبة المنافسة.كيف تلقيت هذا الترشيح المفاجأة، خصوصا أن “البئر” أول عمل روائي طويل لك؟ لم أتوقّع أبدا في بداية تصوير الفيلم، أن يسافر الفيلم إلى مهرجان واحد فقط، اليوم وصل إلى عدة مهرجانات كبيرة وحاز على أكثر من عشرة جوائز هامة، وسيمثل الجزائر في أوسكار 2017، هذه مفخرة كبيرة. لكن عندما أعلنت اللجنة الاختيار، أن “البئر” تم ترشيحه لتمثيل الجزائر في الأوسكار، فإن العمل سيبدأ الآن والمعركة القادمة كبيرة جدا، لأن كل الأفلام المرشحة، حوالي 90 فيلما عالميا، قد قامت بالترويج والتحضير للمعركة منذ عدة أشهر، من خلال التوزيع وحديث الإعلام العالمي، ونحن ما نزال لم ننطلق بعد من الجزائر. يعني هذا أن حظوظنا جد ناقصة، ولكن على الإنسان أن يؤمن بما لديه من فرصة. عندما أعود إلى إحساسي في أول يوم صورت فيه الفيلم ولم أكن أتوقع أن يلقى “البئر” هذا الصدى، أستطيع القول على كل الجزائريين مساندة الفيلم وإن كانت الحظوظ صغيرة، ليس الدولة والحكومة فقط بل الجميع، الأمر لا يخص الدعم المادي فقط، بل يحتاج إلى تكاثف جهد جميع الجزائريين من أجل تمثيل الجزائر أحسن تمثيل في الأوسكار. بعد إعلان لجنة لخضر حامينا عن الترشيح، هل لاحظت ملامح أي دعم؟❊ عندما نتحدث عن الدعم المباشر، لا أعتقد، لم يكن ولن يكون ولا أعتقد أنه سيكون، لأنه لو كان هناك إمكانية لدعم مادي مباشر، فقد حصل عليه المخرج لخضر حامينا السنة الماضية عندما رشّح فيلم “غروب الظلال”، لا أعتقد أن هناك أحدا قادر على افتكاك الدعم المباشر من الحكومة الجزائرية مثل لخضر حامينا، ولكن نحن سنقوم بحملة من أجل جمع كل الجزائريين حول هذا المشروع الذي يحمل الثقافة والكلمة الجزائرية لتمثيلها في الأوسكار. التقيت مع وزير الثقافة الذي قال إنه يقف إلى جانبي ويدعمني، ولكن وزير الثقافة وحده لا يستطيع تقديم الكثير، لن نذهب بعيدا وفق هذا الطرح، نحن بحاجة إلى دعم أكبر من جميع الوزراء وخاصة الشركات الخاصة تجتمع وتتقرب من الفيلم وتدعمه بكل الأشكال. قد يقرأ ترشيح “البئر”، أنه يعكس مستوى ضعف السينما الجزائرية، ولا يوجد خيارات عديدة و”البئر” أحسن الموجود؟“يضحك”، صح، هل سنكذب على أنفسنا، لا نملك سينما حقيقية في الجزائر، لدينا أفلام فقط، لأنه عندما نقول سينما يعني إنتاج وتوزيع واقتصاد، وهذا هو الموجود من أجل اقتراحه، ولكن حظوظه كبيرة. هناك أفلام جزائرية قوية أخرى شاهدنا في مهرجانات خلال السنة، حتى رشيد بوشارب كان يعلم أن فيلمه “الطريق إلى إسطنبول” ليس فيلما سينمائيا مائة في المائة، كما قال المخرج لخضر حامينا، إن الاختيار بين الاثنين كان سهلا لتميل كفة “البئر” واللجنة كلها اختارت “البئر”، لكن أظن أننا بحاجة لإرادة سياسية على مدى العشر سنوات القادمة من أجل أن نحلم بسينما جزائرية متكاملة.بوشوشي بدأ العمل مع والده المخرج، ركّز على إخراج الإعلانات قبل أن يقرر تصوير فيلم طويل، لماذا تأخرت؟ الدراسة أخذت وقتي إلى أواخر الثمانينيات، ثم لم أستطع خوض مهنة السينما خلال العشرية السوداء، لأنها تسمح لي بالانطلاق الحقيقي. خضت بعض التجارب كمساعد مخرج مع مرزاق علواش في “باب الواد سيتي”، ومع المخرج الراحل محمد عماري والمخرج محمد شويخ، ثم عدت إلى العمل الصحفي والإعلامي، حتى بدأت الأمور تهدأ في الجزائر، وأصبحت هناك إمكانية لإنجاز بعض الأفلام. لكن لم تكن هناك أموال لأستقر في الإنتاج، وقمت بمساعدة عدد كبير من المنتجين الجزائريين، لم يكن لدينا حتى إمكانية تكوين فريق واحد يستطيع تصوير فيلم. اليوم لدينا فريقين أو ثلاث، العدد ليس كافيا ولكن أحسن من سنوات التسعينيات. كنت أنتج الأفلام الإشهارية لمدة عشر سنوات كاملة، وهي كانت كافية لكي أتعلم التدقيق في الأمور السينمائية في الصوت والصورة، قبل أن أقرر تصوير فيلم “البئر”.بعد العرض الأول للفيلم، حذفت حوالي 20 دقيقة منه، لماذا؟ عندما تصور الفيلم في البداية فأنت تنجز فيلما لك، وعندما يتم عرضه فهو للجمهور، وكل واحد يرى الفيلم كما يريد، كل شيء ممكن، المهم المشاهد لديه ذكاء حذفت تلك العشرين دقيقة، لأن الفيلم كان فيلمه. لاحظت نوعا من الثقل والإعادة في المشهد الذي شاركت فيه الممثلة مريم خروبي، تحديدا، لم يغير كثيرا من فهم الفيلم ولا في الرسائل ولا في المضمون، أطلت كثيرا في العرض الأول، عندما شاهدته في القاعة.هل اطلعت على القائمة الأولية للمترشحين للأوسكار، خصوصا أن هناك أفلام ألمانية وإسبانية قوية؟ نعم. المنافسة ليست سهلة، هناك مخرجين كبار وأفلام أوروبية كبيرة جدا تحظى بدعم كبير، هناك المخرج الإسباني “بيدرو ألمودوفار” فيلم “جوليات”، مع اللوبي الإسباني القريب من هوليوود، وهناك المخرج الإيراني أصغر فرهادي وبلا شك القنوات الأمريكية ستهتم ببث مثل تلك الأفلام، ومن الصعب أن نجد مكانا بينهم، كل واحد يحظى بدعم كبير، لا أعرف الكثير عن المنافسين العرب، ولكن هناك منافسة أوروبية قوية، مثلا فرنسا لديها 800 فيلم وعليها أن تختار، ولكم أن تتخيلوا كيف تكون المنافسة وسط هذا المناخ.هل تهمك القائمة القصيرة؟ بلا شك الأهم هو ذلك، حتى لو لم تفز بالأوسكار، فالوصول إلى القائمة القصيرة إنجاز كبير، ولكن بالنسبة لي أيضا الأهم هو تمثيل الجزائر، هذا الأمر الذي لم أكن أفكر به في البداية، أتذكر دائما الفريق الوطني الجزائري عام 2009، لم يكن أحد يتوقع أننا سنصل إلى مونديال 2010، وهذا يحتاج إلى التفاف جزائري. قال لخضر حامينا إن هناك شرط الموزع في الولايات المتحدة، وهذا عمل يجب أن ينطلق قبل الأوسكار بعدة أشهر، مما يعني أنه إذا ليس لديك موزع يجب أن تقوم بهذا الأمر، الصحافة في الولايات المتحدة تجري حوارات بمقابل مالي، وكل هذه الأمور صعبة لإيجار قاعات السينما وعقد الندوات الصحفية وكل هذا بمقابل، لأن المنافسة قوية.ما هو الفيلم الجديد الذي تفكّر في إخراجه؟ لم ننجز الكثير من الأفلام عن المقاومة الجزائرية بمختلف أشكالها، وهذا الهاجس الذي أفكر فيه دائما خصوصا التفاصيل الخاصة بالثورة والمقاومة الذي هو مسار أفلامي القادمة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات