"ليستـر سيتـي".. النادي الأكثر شعبية في الجزائر!

38serv

+ -

أصبح لنادي مدينة ليستر الإنجليزية التي لا يفوق عدد سكانها 350 ألف نسمة، ملايين المناصرين الجزائريين يتابعون عن كثب من وراء البحار وعبر الشاشات كل كبيرة وصغيرة تخص نادي “الثعالب”. يتفاعلون مع جميع أطوار المباريات كل أسبوع ويحتفلون بالفوز، بل ينفعلون ويستشيطون غضبا في حال الخسارة ويلقون باللوم على المدرب رانييري وينتقدون اختياراته فوق المستطيل الأخضر، كأن الأمر يتعلق بمباراة لـ”الخضر”. “الخبر” عايشت بعض الأجواء الهستيرية داخل مقاهي الجزائر العاصمة، ونقلت تلك المشاهد التي يصنعها الجزائريون كل أسبوع كلما تعلق الأمر بمباراة رفاق رياض وسليماني، آخرها ضد بيرنلي لحساب الجولة الخامسة من الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم السبت الماضي، التي انتهت بفوز ليستر بثلاثية نظيفة من إمضاء سليماني ومحرز.قلق وترقب       هو هوس جديد مس عقول عشاق ثعالب الصحراء، وجعلهم يعزفون عن متابعة مباريات البطولة الجزائرية “المحترفة” العقيمة، ويحولون أنظارهم إلى شاشات التلفزيونات والمواقع الإلكترونية التي تبث مباريات ثعالب بريطانيا.في المقاهي، داخل المحلات التجارية، في المدن الكبيرة مثلها مثل القرى والمداشر، في مكاتب الشركات، في الهواتف عبر تقنية الجيل الثالث.. الجميع منشغل بمشاهدة مباراة ليستر سيتي ضد بيرنلي لحساب الجولة الخامسة من بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز.يجلسون في إحدى مقاهي حي بلكور الشعبي في العاصمة رافعين رؤوسهم، عيونهم مفتوحة ومثبتة على الشاشة التي كانت تبث مباراة نادي ليستر ضد نادي بيرنلي ضمن الجولة الخامسة من بطولة “البريمرليغ”، علامات القلق بادية على وجوههم، أجواء مشتعلة والجميع يريد فوزا جديدا للثعالب الذين يصنعون الحدث في أعرق بطولات القارة العجوز، كأنهم يتابعون مباراة فريق حيهم. "الشعب يريد شراء مدينة ليستر"هكذا علق ابن حي بلكور الشعبي الشاب “أمين.ع”، صاحب العقد الثالث، وأحد المناصرين الأوفياء لفريق شباب بلوزداد الذي سبق لإسلام سليماني تقمص ألوانه، متهكما وهو يجلس على كرسيه داخل المقهى مركزا عينيه على الشاشة، ليعقب عليه صديقه سامي قائلا: “غادرت منصب عملي مبكرا لمتابعة المباراة، خاصة أنها أول مباراة رسمية في “البريميرليغ” لابن الحمرة (إسلام) بالقميص الأزرق”.ما إن انطلقت المباراة حتى بدأ المقهى يكتظ شيئا فشيئا وبدأت جيوش الشباب تتوافد، وكلما مرت الدقائق ارتفع الضغط لديهم أكثر وزاد السوسبانس، خصوصا مع التحركات الرشيقة للثعلب الصغير رياض فوق المستطيل الأخضر، وراح هذا يعظ أظافره وآخر يتكلم مع الشاشة وذاك يتحسر لتضييع فرصة ذهبية لسليماني. حقيقة كانت أجواء شبيهة بمتابعة مباراة للمنتخب الوطني.  وقبل نهاية الشوط الأول من المباراة، انفجر الجموع صارخين وتدفقت الصيحات من حناجرهم دفعة واحدة، بعد أن شغل سليماني عداد أهدافه وصعد فوق الجميع كعادته وأسكن الكرة في الشباك برأسية محررا ملايين الجزائريين.هستيريا ليستريقول رضوان مبتسما وهو أحد الشباب الذين أصابته هو الآخر هستيريا اسمها ليستر: “من الطبيعي جدا متابعة الجزائريين لمباريات نادي ليستر سيتي، ومن الطبيعي مناصرته وتشجيعه”. وهنا شاركنا صديقه الهادي “نادي ليستر صنع الحدث الموسم الماضي (بفوزه بالبطولة الإنجليزية الممتازة) في جميع المعمورة وليس في الجزائر فقط، فما بالك نحن الجزائريين”. أما صاحب المقهى حبيب فقال: “هذان اللاعبان مفخرة كل الجزائريين، من حقنا متابعتهما ومناصرتهما”، ليعلق أحدهم على كلامه متهكما “جدتي عمرها 80 سنة، هي الأخرى تتابع مباريات ليستر سيتي”.  وأنت تجلس بين تلك الجموع، لا يتناهى إلى سمعك إلا الحديث عن محرز، سليماني، فاردي.. والمدرب رانييري، والغريب أنهم على علم بكل صغيرة وكبيرة عن الفريق. وبين تلك الأجواء المشحونة ورائحة السجائر التي لا تكاد تنطفئ، استرسل أحدهم يعد النقاط التي حصدها ليستر سيتي في البطولة إلى غاية الجولة الخامسة، قائلا: “لدينا 7 نقاط لحد الآن، وإن فزنا في المباراة القادمة يوم السبت 24 سبتمبر ضد نادي مانشستر يونايتاد، فسنقفز إلى المراتب الخمس الأولى”، ليقاطعه صديقه “لدينا مباراة حاسمة يوم الثلاثاء (اليوم) ضد نادي تشيلسي لحساب كأس الرابطة”. والغريب في أمرهم هو تبنيهم النادي الإنجليزي وكأنهم ينتسبون إلى مدينة ليستر الواقعة شمال مدينة الضباب لندن بـ170 كيلومتر، من خلال حديثهم بصفة المتكلم لعبنا، فزنا، لدينا، كما أن الكثير منهم أصبحوا على دراية بأسماء جميع رفاق محرز، ومن أين ينحدرون وفي أي منصب يلعبون.  أما في شوارع العاصمة وفي أزقة الأحياء الشعبية لا تسمع أذناك إلا الصرخات والصيحات تتابع وتنبعث من داخل المنازل كلما سجل هدف، حتى يخال أن المنتخب الوطني الأول سجل في مباراة رسمية.  محرز وسليماني يثيران فتنة بين الزملاءهذه الهستيريا الجديدة التي مست عشاق الكرة المستديرة في الجزائر لم تقتصر على الشباب البطال والعاطلين على العمل فحسب، بل انتقلت عدواها إلى العمال وحتى الإطارات، مثلما هو الحال بالنسبة لأحد الباعة في محل للمواد الغذائية، الذي وجدناه يسرع في بيع السلع للزبائن بينما عيناه ظلتا مركزتين على الشاشة مخافة أن يضيع أي لقطة من المباراة.    وخلافا للجو الذي يصنعه الشباب في المقاهي والحانات والمنازل، مكاتب الشركات هي الأخرى يتغير جوها أثناء انطلاق مباراة “لي فوكس”، وينكسر ذلك الروتين القاتل، وقبل انطلاق اللقاء ينطلقون في رحلة البحث عن موقع إلكتروني يبث المباراة بالمجان.يروي لنا أحد الموظفين في شركة خاصة أنه سبق أن اشتعلت فتنة بين الزملاء بسبب مباراة ليستر سيتي الموسم الماضي.. “نحن نعاني من تدفق ضعيف للأنترنت في الجزائر بشكل عام وفي الشركة بشكل خاص، وأذكر أنه تزامن هذا المشكل مع مباراة لنادي ليستر جرت أطوارها في الساعة الثانية زوالا، وأغلب العمال يحاولون متابعتها على الأنترنت، ما أدى إلى إضعاف التدفق أكثر فأكثر واستعصى عليهم مشاهدة المباراة ومزاولة عملهم، لتثور زميلة معنا ضدهم محملة إياهم مسؤولية عرقلة السير الحسن للعمل”، لكن زملائها أصروا على متابعة مشاهدة المباراة، خاصة أن محرز سجل هدفا وأشعل النار في مدرجات ملعب “كينغ باور”، مثلما أشعل فتيل الفتنة بين الزملاء في مكتب الشركة”.وفي حادثة أخرى رواها لنا الشاب عادل الذي يشتغل في شركة خاصة مكاتبها موضوعة في فضاءات مفتوحة، قائلا: “كانت الساعة تشير إلى الثانية بعد الزوال، هدوء قاتل يملأ المكتب، والكل منشغل في العمل من خلال الكمبيوتر، حتى انفجر زميلنا وأطلق صرخة كسرت ذلك الهدوء في ردة فعل غير إرادية، وفي الأخير اكتشفنا أنه كان يتابع مباراة ليستر سيتي خلسة، ولم يتمالك نفسه حين سجل سليماني”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات