لم أفهم الحكمة من دعوة الحكومة بعض المسؤولين الحاليين، الذين لهم جنسية مزدوجة، إلى التخلص من جنسيتهم الثانية إذا أرادوا البقاء في مسؤولياتهم؟!هل ازدواجية الجنسية بهذا المعنى تعني الاستعداد للخيانة أو المساس بالمصالح العليا للجزائر؟! إذا كان الأمر كذلك فما مسؤولية هؤلاء عن الفترة التي تولوا فيها المسؤولية وهم مزدوجي الجنسية؟! وما مسؤولية الذين عيّنوهم في هذه المناصب؟! هل كانوا يعلمون بازدواجية جنسيتهم ومع ذلك أسندوا إليهم المسؤوليات، أم كانوا لا يعلمون بذلك؟!ثم إذا كنا نتفهم الأمر بالنسبة للمواطنين الذين لهم الجنسية الأصلية الجزائرية، فكيف يكون الحال بالنسبة للمواطنين الذين لهم الجنسية الجزائرية هي الجنسية الثانية؟هل من يتخلى عن جنسيته الأصلية لصالح الجنسية الجزائرية الثانية يكون قد حصل على حق المواطنة كاملة تمكنه من تولي المسؤوليات الممنوعة؟!الطريقة التي عالجت بها السلطة مسألة الجنسية تدل على أن الأمر لم يكن مدروسا، بل هي شطحة سياسية وقانونية لا معنى لها في الواقع العملي.. فالخيانة والعمالة وإضاعة المصالح العليا للبلد لا ترتبط دائما بحكاية الجنسية وحدها..! ثم لماذا قامت السلطة مؤخرا بإجراءات فتح الجنسية أمام أبناء الأمهات اللواتي من جنسية جزائرية للتمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية ثم يأتي هذا القانون لتقييد هذا التمتع.الوطنية الآن في عصر العولمة وحقوق الإنسان لم تعد الجنسية بالمولد، بل أصبحت الجنسية المبنية على المواطنة الحقة هي تلك الجنسية التي تبنى على ما يقدمه المواطن لوطنه من منافع! أي أن دافع الضرائب الأجنبي في أي بلد هو أكثر مواطنة من المواطن صاحب الجنسية الأصلية الذي يقوم بتحويل أمواله إلى جهات خارج الوطن قصد التهرب الضريبي أو تهريب وتحويل الأموال.لهذا ليس غريبا أن نرى الدول الأوروبية تمنح الجنسية لدافعي الضرائب الأجانب في هذه البلاد، وتعاقب المواطن صاحب الجنسية الأصلية في هذا البلد إذا تهرّب من دفع الضرائب... الوطنية اليوم مثل المواطنة، علاقتها بالجنسية ضعيفة وعلاقتها بما يجلب للبلاد من منافع أقوى... لهذا كان على الحكومة أن تسن القوانين التي تشجع على جلب المنافع للبلاد.. كأن تصدر قانونا تمنع فيه الحق في المواطنة الكاملة لكل من يحوّل أمواله إلى الخارج أو يفتح حسابات بنكية في الخارج؟! فمن هو الأكثر جزائرية ومواطنة في نظر الشعب؟! المواطن الأجنبي الذي يجلب إلى الجزائر الاستثمارات لتنمية البلاد، أم المسؤول الجزائري الذي يحكم الجزائر ويحوّل أمواله وأموال أبنائه إلى العواصم الأوروبية لشراء العقارات والاستثمارات هناك! الوطنية الحقة والمواطنة الكاملة هي التي تبنى على جلب المنافع للبلاد وربط مصير الفرد فيها بمصير البلاد وليس الجنسية الشكلية[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات