38serv

+ -

 لم يعد غياب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن صلاة العيد يصنع الحدث لدى الجزائريين، بعد أن بات ذلك يشكل القاعدة في السنوات الأخيرة التي تلت إصابته بالمرض. وقد عوض الرئيس في عيد هذه السنة، كما جرت العادة، عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة، الذي يعد بروتوكوليا الرجل الثاني في الدولة.رغم ظهور الأخير في افتتاح قصر المؤتمرات، وتسويق ذلك على أنه استعادة من الرئيس لقدرته على النشاط من قبل أنصاره، إلا أن غياب بوتفليقة عن صلاة العيد رغم تزامن الحدثين، أكد من جانب آخر، عدم قدرته على تحمل أعباء مثل هذه المناسبات التي تكون على المباشر في التلفزيون الرسمي وتتطلب طاقة أكبر في التواصل مع الحاضرين، على عكس اللقطات التي ظهرت خلال تدشينه قصر المؤتمرات، والتي كانت منتقاة بعناية، فضلا عن كون المدعوين للمناسبة كان متحكما في عددهم ونوعيتهم.ومع أن الرئيس بوتفليقة مطالب بروتوكوليا على الأقل بحضور هذه المناسبة الدينية التي تندرج في إطار الأعياد الرسمية، إلا أن اللافت أن غيابه أصبح بمثابة “اللاحدث” بالنسبة للنخبة السياسية من أحزاب وجمعيات تعنى بالشأن العام، وحتى لعموم الجزائريين، من خلال ما يظهر من تفاعلهم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لم يعد الشعور بوجود فراغ على مستوى الرئاسة يحرك تفاعلهم السياسي، كما لو أنهم تطبعوا على هذا الواقع الذي يستمر منذ 4 سنوات على الأقل، لم يظهر فيها الرئيس خلال كل المناسبات الوطنية والدينية الكبرى إلا نادرا ودون الحضور الشعبي غالبا.ولم يشذ عيد هذه السنة عن سابقيه، فقد أدى عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة، ومحمد العربي ولد خليفة، رئيس المجلس الشعبي الوطني، وعبد المالك سلال، الوزير الأول، كممثلين لأعلى السلطات في الدولة، أمس الأول، صلاة عيد الأضحى المبارك بالجامع الكبير بالجزائر العاصمة. كما أدى الصلاة بنفس الجامع أعضاء الحكومة وإطارات من الدولة وممثلون عن الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، بالإضافة إلى أعضاء السلك الدبلوماسي العربي والإسلامي المعتمد بالجزائر.ولم تخل خطبة العيد من رسائل وجهها الإمام خاصة فيما يتعلق بالمرجعية الدينية للجزائريين، حيث أكد أن الأمة الجزائرية مازالت متماسكة بفضل محافظتها على الإسلام الوسطي، ما جعلها تقف، كما قال، سدا منيعا ضد دعوات التطرف والفرقة وتحافظ على الأمن والاستقرار وإرساء دولة العدل والقانون.ويأتي كلام الخطيب في وقت تعطي أعلى السلطات في الدولة انطباعا بأن المرجعية المالكية في الجزائر تعاني تهديدا من قبل مذاهب وتيارات أخرى وافدة. وقد كان وزير الشؤون الدينية والأوقاف واضحا في أكثر من مناسبة، عندما اتهم أطرافا بالترويج للوهابية في الجزائر، ثم عاد في الفترة الأخيرة واتهم أطرافا أخرى بمحاولة نشر المذهب الشيعي، كما يحذر الوزير في كل مرة من الترويج للأفكار التي يصفها بالهدامة على الدين الإسلامي للشعب الجزائري.بالمقابل، تحاشت الخطبة أي رسالة سياسية، وركزت فقط على الجوانب الاجتماعية، كحث المصلين على التراحم فيما بينهم والتزاور وصلة الأرحام ونبذ أسباب الفرقة والشقاق التي أبعدت الأقارب عن بعضهم البعض. وكان لافتا أيضا دعوة الإمام، في زمن سياسات التقشف وتخفيض التحويلات الاجتماعية، أفراد المجتمع للتعاون فيما بينهم ومساعدة الفقراء ليتمكنوا من شراء الأدوات المدرسية لأبنائهم وإدخال الفرحة والسرور في نفوس إخوانهم. ودعا في نفس الوقت، كما أوردت على لسانه وكالة الأنباء الرسمية-، إلى توحيد الخطابين المسجدي والإعلامي من أجل إبراز هذه الخصلة النبيلة بهدف إعادة الأمل في نفوس المواطنين.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات