تتجه الدولة مع سنة 2017، إلى اعتماد سياسات تساهم في انسحابها التدريجي من عدد من المجالات وفروع النشاط، كما هو مبيّن، من خلال التوجه لخوصصة البنوك وفسح المجال للخواص لإقامة وتسيير المناطق الصناعية ومناطق النشاط وإضفاء نوع من الليونة على قاعدة 51 و49 في المائة في المجال المالي، ولكن يرتقب أن تتبنى الحكومة خيارات للضغط على التحويلات الاجتماعية والدعم المباشر وغير المباشر أو الضمني، على خلفية الزيادات المعتبرة في أسعار البنزين والوقود. يعكس مشروع قانون مالية 2017 خيارات الحكومة للضغط على التحويلات الاجتماعية والدعم، حيث تكشف التقديرات الإحصائية المعتمدة، بأن التحويلات الاجتماعية من إجمالي ميزانية الدولة سنة 2017 تقدّر بـ 1630.8 مليار دينار أو ما يعادل 14.95 مليار دولار، أو ما يعادل 8.4 في المائة من الناتج المحلي الخام، بانخفاض قيمته 210.8 مليار دينار، أو ما يعادل 1.93 مليار دولار بنسبة انخفاض بلغت 11.4 في المائة مقارنة بتوقعات قانون المالية 2016.ورغم تسجيل نمو ما بين 2016 و2017 في نسبة التحولات الاجتماعية مقارنة بميزانية الدولة، حيث تنتقل من 23.1 في المائة في 2016 إلى 23.7 في المائة في 2017، فإن ذلك يفسّر بالانخفاض المسجل في ميزانية الدولة، بالنظر إلى اعتماد تدابير تخص التسقيف.وتتوزع التحويلات الاجتماعية بين دعم الأسر والعائلات التي تقدّر بـ 413.5 مليار دينار أو ما يعادل 3.79 مليار دولار. وقد عرف هذا الفرع انخفاضا بنسبة 7 في المائة مقارنة بقانون المالية 2016، وهو يمثل نسبة 25.4 في المائة من مجموع التحويلات، وتخصص جزء من هذه التحويلات إلى دعم المواد الغذائية الأساسية مثل الحبوب والحليب والزيوت بقيمة بلغت 190 مليار دينار، أو ما يعادل 1.74 مليار دولار، وهي تمثل حوالي 46 في المائة من الدعم الموجه للأسر والعائلات و11.6 في المائة من مجموع التحويلات الاجتماعية.أما الدعم الموجّه للسكن، فإنه يقدّر بـ 305 مليار دينار أو ما يعادل 2.79 مليار دولار وسجل تراجعا بنسبة 35.3 في المائة مقارنة بقانون مالية 2016 وهو يمثل نسبة 18.7 في المائة من إجمالي التحويلات الاجتماعية.بالمقابل، فإن قيمة التحويلات الموجّهة للصحة قدّرت بـ 330.2 مليار دينار أو ما يعادل 3.02 مليار دولار، وسجلت ارتفاعا بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بقانون المالية 2016 وهي تمثل 20.2 في المائة من التحويلات. ويلاحظ على العموم، أن مسار تراجع الدولة وتقليص الدعم تدريجيا، سيبرز من خلال زيادات في أسعار بعض المواد، نتيجة فرض رسوم وضرائب جديدة، وتمس الدعم غير المباشر، على غرار الطاقة والوقود، حيث عمدت السلطات العمومية لاقتراح فرض زيادات معتبرة جديدة في البنزين للسنة الثانية على التوالي، بهدف تقريب سعر البيع مع السعر الحقيقي، وتقليص بالتالي حجم الدعم المقدّم لهذه المواد. ففي حالة اعتماد التسعيرات الجديدة للوقود، فإننا أمام زيادات معتبرة خلال سنتين تقدّر بـ 35.1 في المائة للبنزين الممتاز و35.5 في المائة للبنزين دون رصاص و32.7 في المائة بالنسبة للمازوت، وتنتظر السلطات العمومية الاستفادة من عائدات جبائية إضافية نتيجة الرفع من الرسم على المنتجات البترولية بـ 3 دينار للبنزين ودينار واحد للمازوت بـ 30.36 مليار دينار، أو ما يعادل 278.39 مليون دولار، ويتضح أن الدولة ستتخلى عن الدعم بالتدريج خلال السنوات الثلاث المقبلة، لا سيما تلك المتعلقة بالدعم الضمني أو غير المباشر، ومنها الوقود ولكن أيضا الطاقة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات