من الواضح أن الحكومة اتجهت إلى خيار تحميل المواطن جزءا من أعباء الأزمة التي تتخبط فيها جراء انهيار الإيرادات وأسعار المحروقات، وتلجأ بالتالي إلى الزيادات المتدرجة التي ستمتد للسنوات الثلاث المقبلة لتفادي شعور المواطن بالصدمة، فمن زيادة أسعار البنزين للسنة الثانية على التوالي، إلى زيادة الرسم على القيمة المضافة بنقطتين، وفرض سلسلة من رسوم الضرائب على التعاملات العقارية. وتهدف إجراءات الحكومة إلى تحصيل إيرادات جبائية تساهم في تقليص العجز المسجل نتيجة انكماش الجباية البترولية خلال سنوات 2016 و2018 بالخصوص.
تركز سياسة الحكومة على توسيع دائرة الجباية العادية لضمان نوع من التوازن في إيراداتها، إلا أن جزءا كبيرا من العائدات الجبائية سيقع على عاتق المواطن بالدرجة الأولى وخاصة ذوي الدخل الضعيف والمتوسط أساسا، الذي سيدفع تبعات أخطاء تسيير للموارد المالية في زمن البحبوحة، والتبذير المسجل، لاسيما مع إعادة تقييم المشاريع التي كلفت خزينة الدولة حوالي 60 مليار دولار خلال عشرية أي بمعدل 6 ملايير دولار في السنة.ومع انكماش العائدات وتوقع الحكومة عدم تسجيل ارتفاع محسوس في برميل النفط على المدى القصير، فإنها اعتمدت خيار توسيع الوعاء الضريبي للجباية العادية الذي يقدر بحوالي 222.6 مليار دينار أو ما يعادل 25.20 مليار دولار سنة 2016، والمرتقب أن يرتفع إلى 2845.4 مليار دينار و26.34 مليار دولار سنة 2017، وهو ما يعكس الزيادات المعتبرة المتوقعة بداية بمشروع قانون المالية 2017 الذي يتضمن جملة من التدابير التي من شأنها أن تزيد من أعباء المواطن وتساهم في تآكل قدرته الشرائية.ورغم النبرة التفاؤلية للحكومة، إلا أن واقع الأرقام يكشف عن ضيق هوامش حركتها فناتج صندوق ضبط الموارد مثلا تخطى في ماي 2016 الخط الأحمر بـ740 مليار دينار مقابل 2072.5 مليار دينار في نهاية 2015، مع ارتقاب أن يصبح الناتج صفر مع سنة 2018، أما احتياطي الصرف فقد انخفض ليصل إلى 129.0 مليار دولار نهاية جوان 2016، وفي حدود 120 مليار دولار نهاية السنة. وقد أقرت الحكومة بفقدان احتياطي الصرف لحوالي 33.93 مليار دولار ما بين 2014، حيث كان يقدر بـ178.938 مليار دولار مع نهاية العام و2015، ووصل إلى 144.133 مليار دولار.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات