"سنقاطع التشريعيات وجزء من المعارضة قبل على نفسه الإهانة"

38serv

+ -

بدأت الساحة السياسية تعيش غليانا على وقع الانتخابات التشريعية.. كيف سيتطور هذا المشهد مستقبلا في اعتقادك؟ من الواضح أن السلطة بعد أن ألغت المعارضة تماما من المشهد عبر القوانين الجائرة التي فرضتها، وجدت نفسها أمام حقيقتها وتناقضاتها. لذلك أعتقد أننا مقبلون على مواجهة بين الأفالان والأرندي على المقاعد الانتخابية، لأن كلا الحزبين يعلم أن حصة الموالاة لن تقل عن 90 بالمائة من المقاعد في البرلمان، وهذا ما يفسر كل الحراك الحالي داخل الأفالان من جهة، وأيضا الحرب الباردة بينه وبين الأرندي والتي ستتطور مستقبلا إلى مواجهة مباشرة. ما هو الرهان السياسي الذي تمثله التشريعيات بالنسبة للموالاة بعيدا عن مكاسب الحصول على مقاعد؟ في رأيي، فإن الهدف الرئيسي في المرحلة المقبلة هو خلافة بوتفليقة، وما الانتخابات التشريعية إلا محطة تقنية ليحضر فيها كل طرف نفسه استعدادا لهذه المعركة الأخيرة. طبعا أنا أتحدث عن أطراف داخل النظام، لأن المجتمع والمعارضة أصبحت تدرك أن الانتخابات التشريعية المقبلة كسابقاتها، في ظل هذا النظام، لا يرجى منها خير على صعيد إيجاد الحلول للأزمات الضاغطة على حاضر ومستقبل الجزائر. الرهان الوحيد الذي أضيف إليها ربما للنظام هو مسألة الخلافة كما قلت سابقا. لكننا بصدد انتخابات تشريعية.. قد يتساءل البعض عن العلاقة بينها وبين خلافة بوتفليقة التي تكون عبر انتخابات رئاسية؟ الدستور الجديد يربط بين الأغلبية والحكومة، وبالتالي صار الرهان على من يتحكم في هذه الأغلبية. هناك اليوم معركة شرسة للتموقع والتحكم في وسائل الدولة، تحسبا للحدث الأهم وهو خلافة الرئيس. أي أن كل الأطراف حاليا تسعى لأن يكون لها أكبر قدر من التأثير في صناعة الرئيس القادم. هل هذا التدافع بين الأفالان والأرندي راجع لقوة وتأثير هذين الحزبين أم أنه عنوان فقط لصراع آخر يحركه من الخلف؟ أحزاب الموالاة هي مجرد أجهزة. ليس لهم قاعدة نضالية ولا يملكون مشروع مجتمع. هم ببساطة فاقدون لأي شرعية. هم متغلغلون في دواليب السلطة، لكنهم في الغالب يفتقدون لقرارهم في أيديهم. المشكلة اليوم أن غياب الرئيس الذي كان يتحكم في كل شيء من قبل، أفقدهم اتجاه البوصلة. نحن اليوم في وضع تعددت فيه المراكز داخل النظام، بحيث أصبح كل واحد يتحكم في الجهاز الذي يشرف عليه. الحكومة يقودها سلال، الرئاسة يقودها محيط الرئيس، الجيش يقوده قائد الجيش، الأحزاب متروكة لصراعات داخلية تنهشها، وكل طرف يحاول فرض منطقه، بينما غاب القرار الموحد والدولة لم تصبح مركزية.. نحن أشبه بوضع الدولة فيه مقسمة وليست موحدة. على ضوء ما تقوله.. ما رأيك فيما يثار حول وجود شرخ حاليا بين مؤسستي الرئاسة وقيادة أركان الجيش..؟ لا يمكنني بناء تحليل أو رؤية لأوضاع البلاد على مجرد أقاويل تثار هنا وهناك. الأكيد أن الغموض يطبع ما يجري داخل النظام. والنظام نفسه في اعتقادي هو من يفرض هذا الواقع، بإقامة ستار على المعلومة أو تسميمها وإلقائها للأوساط الإعلامية حتى تتفاعل معها، وبالتالي ينبغي الحذر من كل ذلك. ما نحن متأكدون منه، أنه لا يوجد على رأس مؤسسات الدولة رجل يمثل السلطة. هناك سلطات متعددة برؤوس مختلفة في الجيش والمخابرات والرئاسة وفي صفوف رجال الأعمال. لكن التركيبة النهائية لشكل وطبيعة التحالفات بينهم ليست معروفة. وهذه التحالفات أظن أنها متغيرة وليست ثابتة، وهي تخضع لمنطق المصلحة، وترقب الأكثر قوة من أجل الاصطفاف معه. جزء كبير من المعارضة أيضا يتجه للمشاركة في الانتخابات. هل المنطق الذي يقول إن الحصول على مقاعد في برلمان حتى وإن كان مزورا أحسن من الكرسي الشاغر، يستقيم في اعتقادك؟ طبعا كل حزب حر في تحليله وخياراته بخصوص الانتخابات. لكني لا أشاطر المنطق الذي يتحدث به من اتخذوا قرار المشاركة الوارد في السؤال. يمكننا طرح الأسئلة التالية: هل وجود المعارضة في البرلمان غير فاصلة واحدة في مشروع قانون، هل نجحوا مثلا في فرض ولو مشروع قانون واحد؟ الإجابة بسيطة وهي لا. حتى أن بعض الأحزاب التي كانت في الحكومة وخرجت إلى المعارضة، يقولون إنه لم تكن لهم أي سلطة.أنت تعتبر نفسك جزءا من المعارضة.. ما هو تحليلك لما يجري داخلها ؟ مشكلة المعارضة في رأيي أنها غير واثقة في نفسها وفي الشعب، وربطت وجودها بالنظام الحالي. أعتقد أنها غير قادرة على التضحية من أجل هدف مازافران 1 الذي كان جوهره ينص على التغيير الجذري للنظام وتحقيق الانتقال الديمقراطي بطريقة سلسة. هناك من تعب في الطريق بعد أن رأوا أن السلطة ليست مستعدة أبدا للتغيير. لذلك ترى بعض الأحزاب أن مشاركتها في البرلمان هي نوع من العزاء لها عن تضييع كل شيء. بالنسبة لنا في حزب جيل جديد، لا يهمنا دخول برلمان غير شرعي نوابه مجرد ديكور. ونعتبر ذلك نوعا من التواطؤ مع مؤسسات غير شرعية. وبالتالي موقفنا المبدئي في القيادة موحد على المقاطعة، ولن نعلنه رسميا إلا بعد عرضه على مؤسسات الحزب.أعادت أحزاب في المعارضة مقترح تشكيل حكومة وحدة وطنية تضمن الانتقال الديمقراطي بالاعتماد على نتائج التشريعيات. ألا يمكن أن يكون ذلك مخرجا لحالة الانسداد القائم بين السلطة والمعارضة؟ المشكلة أن السلطة ليست لها نية لمناقشة أي شيء. المعارضة سبق وأن تكلمت عن حوار وطني ودستور توافقي وتغيير سلس، وطالبت بضمانات حقيقية للمشاركة في الانتخابات، لكن السلطة تدير ظهرها لكل ذلك. بالعكس، أمعنت السلطة في إهانة المعارضة أكثر بإصدارها تلك القوانين الجائرة المتعلقة بالانتخابات. المعارضة بمشاركتها في الانتخابات، تكون قد قبلت على نفسها الإهانة، ومن يرضى بالإهانة لا يمكنه أن يقاوم كما يدعي. نحن نعتقد أن النظام بعد 60 سنة من الحكم وصل إلى نهايته، وما يجب فعله هو مساعدته على الرحيل وليس تمديد عمره بمثل هذه الاقتراحات.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات