+ -

أحيطت أشغال الورشة الدولية حول “دور الديمقراطية في مواجهة ومكافحة التطرف العنيف والإرهاب”، التي افتتحت، أمس، بالعاصمة، بالطابع السري، وتفضيل منظميها أن تجري خلف أبواب مغلقة في وجه وسائل الإعلام، على أن “الأمر حساس للغاية وأن ما يجري تداوله بين المشاركين مبني بالأساس على تقارير استخباراتية وليس فقط تلاوة تعاريف وفرضيات نظرية”. يشارك في هذه الورشة، التي ستتواصل على مدى يومين، خبراء أمنيون من عدة دول وهيئات، على غرار الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ووحدة التنسيق والاتصال لدول الساحل الإفريقي والمركز الإفريقي للبحث والدراسة حول الإرهاب، وكذا المركز الكندي للوقاية من التطرف المؤدي إلى العنف, بالإضافة إلى جامعيين وخبراء أمنيين جزائريين. حضور نوعيكما دل مستوى الحضور، المتمثل في مسؤولين سياسيين وأمنيين بمستور رفيع، مثل الوفود الأمريكية والفرنسية والكندية، وغيرها من الدول التي استهدفت بهجمات إرهابية تبناها تنظيم “داعش” في سوريا، من جهة، ونظرائهم من دول الساحل الغارقة في الفوضى والعنف، على أن المقاربة الجزائرية أصبحت المرجع الوحيد لهذه الدول للتصدي لتهديدات المتطرفين والإرهابيين بأقل الخسائر.وما يعزز هذا التحليل، تصريح عبد القادر مساهل، وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، مطلع الأسبوع، عندما قال: “أصبح العالم اليوم يصوب أنظاره نحو الجزائر وتجربتها في إنهاء الأزمات والحروب الأهلية، مثلما كان الحال في أزمة البحيرات الكبرى، وفي السودان، وفي مالي، وما يجري في ليبيا من جهود، فضلا عن تجربتها في القضاء على آفة الإرهاب”، مشيرا في هذا الصدد إلى لجان التشاور والحوار الاستراتيجي المشكلة مع كل من الولايات المتحدة، وفرنسا وإيطاليا والصين وروسيا.وسيعكف المشاركون في هذه الورشة على تناول العديد من المحاور المتعلقة أساسا بالقيم الديمقراطية في مواجهة التطرف العنيف، وأهمية الدولة القوية والقادرة، القائمة على سيادة القانون في مواجهة الإرهاب، ودور المواطنين في مكافحة الظاهرة، وكذا حريات التعبير والإعلام في حالات الأزمات في إطار مكافحة الإرهاب. وتندرج الورشة الدولية حول “دور الديمقراطية في مواجهة ومكافحة التطرف العنيف والإرهاب”, التي انطلقت أمس بالجزائر, في إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها الجزائر بالاشتراك مع شركائها الإقليميين والدوليين في بحث كل السبل الكفيلة بمكافحة ظواهر الإرهاب والتطرف والعنصرية بكل أشكالها, وذلك انطلاقا من التجربة الجزائرية القائمة على أساس أن “المعركة ضد الإرهاب هي معركة من أجل ترسيخ دولة القانون”.وتحظى هذه الورشة، التي تختتم أشغاله اليوم الخميس، بـ”قدر كبير من الأهمية”، نظرا لأن مكافحة الإرهاب والإيديولوجيات المتطرفة “تستلزم تجنب الفشل الأمني وتحديد الآليات الأنجع لمكافحة هذه الظاهرة، في ظل احترام دولة القانون والمضي قدما في دعم الديمقراطية بصفتها أفضل عهد توافقي على العيش سويا بين كافة ر المجتمع”.ويشارك في هذه التظاهرة الأعضاء الثلاثون للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب وبلدان منطقة الساحل الإفريقي وأعضاء مجلس الأمن الدولي وأهم الهيئات الإقليمية والدولية المعنية بمكافحة الإرهاب.

وتأتي هذه الورشة ضمن سلسلة الورشات التي تنظمها وزارة الشؤون الخارجية حول موضوع مكافحة الإرهاب، حيث تم في شهر أبريل الماضي تنظيم ورشتين، الأولى حول دور العدالة الجنائية في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، وأخرى حول “دور الإنترنت والشبكات الاجتماعية في مكافحة التطرف والإرهاب الإلكتروني والوقاية منهما”.معركة “دبلوماسية” ضد الإرهابوقال مسؤول بوزارة الخارجية لـ”الخبر”: “هدفنا من هذه المبادرة ليس التوعية فقط أو تحسيس المجتمع الدولي بخطر الإرهاب، وإنما الإقناع أولا بضرورة الانخراط في مسعى لا يعتمد فقط على المعالجة الأمنية للظاهرة، وذلك انطلاقا من تجربة الجزائر، تفاديا لإراقة الدماء والقضاء على أسباب التطرف بإشراك الجميع في مكافحته وفي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ظل الديمقراطية ودولة القانون”.ومن هذا المنظور، فإن دولة القانون والديمقراطية أصبحت تفرض نفسها بصفتها “حصنا منيعا” ضد الإيديولوجيات المتطرفة ومظاهرها العنيفة، كما أنها “الضامن الفعلي” لترسيخ قيم العالمية التي تجمع شعوبنا وبلداننا والمجتمع الدولي برمته.مكافحة الإسلاموفوبياوفي إطار جهود المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب، فإن محاربة الإيديولوجيات المتطرفة، بما في ذلك العنصرية ومعاداة الأجانب والإسلاموفوبيا، التي تعرف تناميا خطيرا في عدد من الدول المتقدمة على وجه الخصوص, أضحت “تفرض نفسها بإلحاح كضرورة حتمية وكبعد أساسي بالنسبة للجزائر، من خلال التصدي لهذه الآفة المدمرة للمجتمعات”.وتتضمن الورشة الدولية حول “دور الديمقراطية في مواجهة ومكافحة التطرف العنيف والإرهاب”, محاور عدة عكف المشاركون، أمس، على بحثها في جلسات مغلقة، أهمها “تعريف التهديد الذي يشكله التطرف العنيف وطبيعته ونطاقه” و«دور القيم الديمقراطية في مواجهة التطرف العنيف” و«مدى أهمية الدولة القوية والقادرة والعادلة في الوقاية من التطرف العنيف والإرهاب”.أما في اليوم الثاني والأخير، فيناقش المشاركون مواضيع أخرى تتعلق بـ«حرية التعبير والإعلام في حالات الأزمات في مكافحة الإرهاب” و«دور المواطنين في مكافحة الإرهاب وتعزيز متطلبات الديمقراطية”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات