+ -

منذ سنوات وأنا أمسك نفسي عن تناول الصراع المؤسف بين “حماس” الفلسطينية و«فتح” حول موضوع سلطة فلسطينية بلا أرض وببقايا شعب، وعندما أهم بتناول هذا الموضوع تتراءى أمامي صورة المرحوم ياسر عرفات وهو يسلم لي القلم وقبة القدس ويقول لي: أعطيك هذا.. لتحمي هذا!ويكتب لي على صدري في صورة التكريم بخط يده “أخي سعد معا سويا إلى تحرير القدس بإذن الله”!اليوم أشاهد بكل أسف إسرائيل سعيدة باستتباب أمنها بالكامل و«فتح” و«حماس” يتقاتلان من أجل تحرير العواصم العربية من نفوذ “حماس” و«فتح”، وينسق كل منهما في هذا الأمر حتى مع إسرائيل.. “حماس” تتهم “فتح” بالتعاون الأمني مع إسرائيل وبعض الدول العربية لعزل حماس (الإرهابية)! ويجري ذلك في القاهرة والجزائر ودمشق، فيما تقوم “فتح” بجهود جبارة لعزل حماس في الرياض والدوحة وبقية دول الخريج وشمال إفريقيا.الدوحة ترى أن “حماس” غزة هي الممثل الشرعي والوحيد لشعب فلسطين، فيما ترى مصر عكس ذلك تماما. ومع الأسف، أصبح حال المنظمات الفلسطينية لا يهتم بإقناع العالم بحق الشعب الفلسطيني في أرض فلسطين، بل يتم ذلك لإقناع العواصم العربية بأن هذه المنظمات ما تزال تمثل الشعب الفلسطيني فعلا.هل يعقل أن تجري انتخابات في فلسطين مرة واحدة وتصادر لـ25 سنة كاملة، ويدعي الحماسيون في غزة أنهم هم الشرعية، فيما يدعي الفتحيون أنهم هم الشرعية، في حين أن الشعب الفلسطيني أو بقايا الشعب الفلسطيني قد لا تعترف بالاثنين لو تتاح للشعب حرية التصويت. شعب فلسطين المقهور من محرريه في هذه المنظمات أصبح يرى في إسرائيل نموذجا للحرية، لأن سكان الأرض المحتلة أكثر حرية تحت الاحتلال من بقية الشعب الفلسطيني الذي يعيش في الضفة والقطاع ويعيش الصراعات الدموية أحيانا بين هذه المنظمات. منذ أيام، أحسست بانقباض لا حدود له عندما سمعت أحد قادة حماس يقول وهو يزور الجزائر من أجل فتح مكتب لحماس في الجزائر: “لا تحتاج حماس لفتح مكتب لها في الجزائر، لأن لحماس 40 مليون ممثل في الجزائر”. هذا المسكين لم يستطع إقناع بقايا الشعب الفلسطيني في رام الله وغزة بجدارته، فكيف يقنع 40 مليون جزائري بأنهم مناضلون عنده في حماس؟ أغلب الظن أن أشباهه في “حمس” الجزائر قد أقنعوه بأن 40 مليون جزائري أصبحوا تحت قيادتهم في الجزائر، وهم يتصارعون على إرث نحناح بصورة بائسة لا يماثلها بؤس سوى ما يجري في غزة بين “فتح” و«حماس”.«فتح” هي الأخرى “تبلدت” قيادتها فأصبحت أسوأ من قيادة “حماس” من خلال بقاء هذا العباس على رأس السلطة الفلسطينية طوال هذه السنوات وكأنه صورة من صور الحكام العرب. والمؤسف حقا أن “حماس” و«فتح” يتعاركان في الجزائر سياسيا ليس من أجل دعم تحرير فلسطين بل من أجل استئثار أحدهم بمبلغ الـ50 مليون دولار التي تدفعها الجزائر سنويا للشعب الفلسطيني، فتستولي عليها قيادة “فتح” و«حماس” وتحولها إلى مصاريف جيب في فنادق 5 نجوم. وقد سمعت مرة وقبل شهور ممثل سفارة فلسطين في الجزائر قال إنه المكلف بالشؤون الدينية في السفارة الفلسطينية بالجزائر.. سمعته يقول في إذاعة القرآن الجزائرية إن “الـ50 مليون دولار التي تقدمها الجزائر كمساعدة لفلسطين حق من حقوق الفلسطينيين على الجزائر! بمثل هذا الصلف تحدث هذا (المناضل) الفتحاوي أو الحماسي، وقتها وددت لو أن الجزائر وقيادة الجزائر تتخذ موقفا بوقف هذه المساعدات نهائيا حتى يتم تمكين الشعب الفلسطيني من تغيير مثل هؤلاء الذين يتحدثون باسمه بكل صلف.. لكن حتى الأمور عندنا فيها ما هو أسوأ مما يوجد لدى الفلسطينيين، وهذا هو قدرنا في الرداءة العامة...!

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات