كشفت حادثة 47 حاجا جزائريا عن وجود حيل وطرق ملتوية للذهاب إلى البقاع المقدسة خارج الأطر المعروفة (القرعة وتأشيرات المجاملة)، إذ قالت مصادر وثيقة لـ”الخبر” إن وسطاء وحتى أصحاب وكالات أسفار وسياحة استصدروا تأشيرات تجارية من المصالح القنصلية السعودية بالجزائر، ووظفوها في تنظيم رحلات “حج موازية” نحو مطارات فرعية لمدن قريبة من الحرم، وفيها يعبر الحجاج على حواجز التفتيش على أساس أنهم تجار، ثم يتم توصيلهم عبر مسالك ثانوية وحتى جبلية لبلوغ مكة والمدينة، وحينها يتوجب عليهم نحر خروف “الهدي” تكفيرا عن سقوط ركن الإحرام الذي كان من الواجب الالتزام به في مناطق محددة. أفادت مصادر موثوقة بأن عملية استغلال التأشيرة التجارية السعودية في دخول البقاع المقدسة يبدأ التحضير لها قبل موسم الحج بأشهر، حيث يقوم أحد الوسطاء أو وكالات سياحية مزيفة بالإعلان عن توفر فرص الحج عبر توجيه رسائل إلكترونية للوكالات وتعليق إعلانات بسعر يتراوح بين 70 و80 مليون سنتيم، ويستهدفون بذلك فئة من لم يحالفهم الحظ في القرعة وكذلك من فشلوا في الحصول على جوازات المجاملة، فيجدون في الاقتراح بديلا لأداء الفريضة، خاصة أن الكثيرين منهم يئسوا من المشاركة في القرعة وملّوا من الركض وراء جواز المجاملة.رحلات برية خفية“الخبر” عادت للفضيحة وتقصت خلفياتها من مصادر موثوقة وكذا مهنيين، الذين كشفوا أن التأشيرة التجارية يتم توظيفها لإدخال الحجاج إلى مدن سعودية قريبة من الحرم بصفة تجار وبعدها يتوجهون بشكل سري إلى البقاع المقدسة عبر مسالك ثانوية وحتى جبلية، بعد النجاح في المرور على حواجز الشرطة وتمويههم بمظهر مدني، مؤجلين خلال ذلك ركن الإحرام إلى ما بعد، ويكفرون عن “خطيئة” التأجيل بنحر خروف “الهدي” حتى تكون المناسك مكتملة، والحقيقة أن التأشيرة صالحة لأغراض مهنية فقط.وأفادت مصادر مؤكدة لـ”الخبر” بأن الكثير من الحجاج كانوا على علم بأن ذهابهم إلى البقاع المقدسة تم خارج الأطر المعروفة “القرعة أو جواز المجاملة”، وبأن من رتب لهم الرحلة كان على دراية بأن السلطات الأمنية السعودية بجدة سترفض دخولهم وعليه حط بهم بمطار نايف بمدينة القصيم (600 كيلومتر عن مكة المكرمة) لضمان عبورهم، كون الأخير لا تُفرض فيه رقابة شديدة مثلما هو الحال بمدينة جدة، حيث حوالي 90 بالمائة من الأشخاص الذي يهبطون به في هذا الموسم هم من الحجاج وفي الغالب يكونون قد أحرموا في الطائرة خلال الرحلة وارتدوا ملابس الإحرام احترما للميقات ولا يدخلون بالثياب العادية.حيل وحيلوذكرت المصادر أن توقيف السلطات السعودية 47 حاجا وطئت أقدامهم الأراضي السعودية لانعدام رخص الحج، حلقة من سلسلة تقليد بدأ ينتشر في الجزائر يتمثل في استعمال تأشيرات مهنية وتجارية لدخول البقاع المقدسة، بعد إعداد ملف إداري ضخم ينتهي بالحصول على تأشيرة لكن دون امتلاك رخصة لأداء فريضة الحج، مشيرين إلى أن المواطنين السعوديين أيضا ملزمون باستخراج تراخيص من البلدية لتأدية فريضة الحج حتى تتمكن هيئة الإحصاء من ضبط عدد الحجاج السعوديين في البقاع المقدسة.وعن حقيقة بلوغ رحلة الحج باستخدام تأشيرة تجارية بسعر باهظ يصل إلى 80 مليون سنتيم، أفادت مصادر عليمة بأن هذا النوع من التأشيرة يستدعي سجلا تجاريا وأيضا عقد عمل مع متعامل تجاري حتى يتسنى لطالبها دخول التراب السعودي، ولا تتجاوز تكاليفها 15000 دينار جزائري، لكن “انتفاخ” تكاليفها بهذا الشكل “الغريب” يعود إلى وجود وسطاء يطلبون عمولات لقاء قيامهم بالإجراءات وإبرامهم عقودا مع متعاملين سعوديين، تسمح لهم بتبرير سفرهم إلى السعودية في إطار مهني لكن في الحقيقة هي رحلة حج.“لغز” التأشيرة التجارية؟وتساءل مهنيون عن كيفية تمكن 47 حاجا من إعداد ملفات ضخمة والحصول على تأشيرات تجارية سمحت لهم بالسفر إلى المملكة على أساس رجال أعمال ومن ثم التحول إلى البقاع المقدسة، رغم أن الإجراءات والترتيبات تحتاج أشواطا من الاتصالات مع متعاملين سعوديين لإبرام عقود وتستوجب إجراءات كثيرة.وتابعت المصادر ذاتها أن رقعة استغلال التأشيرة التجارية لتوظيفها في الحج قد اتسعت مؤخرا، والعقبة التي يواجهها حامل تلك التأشيرة هي نقطة التفتيش على مستوى المطار، فإن نجح في المرور فبإمكانه مواصلة المشوار برا نحو البقاع المقدسة غير محرم أي بزي مدني عابرا نقاط التفتيش بمداخل مكة المكرمة، حيث يتم توقيف الحجاج المحرمين والتأكد من وثائقهم بينما يمر الأشخاص غير المحرمين الذي يرتدون الزي المدني العادي مرور الكرام. وبالنسبة للدخول إلى البقاع المقدسة دون إحرام، فيعتبر سقوطا لأحد أركان الحج، يكفرون عنه فيما بعد بنحر خروف وتسمى العملية “الهدي” عندما يصلون إلى الفندق، بمعنى أن عدم احترام أي حاج لميقات ومكان الإحرام أو تركه أي ركن من أركان الحج يتوجب التكفير عنه بنحر خروف.أين يجب الإحرام؟أماكن الإحرام، حسب عبد الحكيم، مكلف بالحج والعمرة بإحدى الوكالات السياحية، تكون بالنسبة لسكان المغرب العربي الكبير ذو الحليفة “أبيار علي” إذا قصدوا مكة عبر المدينة المنورة، ويحرمون داخل الطائرة إذا سافروا عبر جدة، وإذا لم يقوموا بالإحرام في ذلك الحيز أو الموقع، فهم في حكم من أسقط ركنا من أركان فريضة الحج.ويقصد من لهم تأشيرات تجارية ويفتقرون إلى تصاريح الحج المدن الصغيرة القريبة من مكة المكرمة، كالينبع أو القصيم أو الطائف أو الرياض، والتي بها مطارات فرعية ينعدم فيها التفتيش الدقيق مثل ذلك الموجود على مستوى جدة، كما يتم اختيار المدن السعودية حسب توفر التذاكر والرحلات.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات