البرلمان يستعد لمواجهة الأزمة بمقاعد شاغرة!

38serv

+ -

انطلقت الدورة البرلمانية الواحدة، في السنة، بموجب أحكام الدستور الجديد، بصورة خجولة، بسبب غياب نصف أعضاء الحكومة وغياب شبه تام للنواب، خُصوصا المُنتمين إلى جبهة التحرير الوطني، مع مقاطعة رسمية من طرف جبهة القوى الاشتراكية التي تحولت المقاطعة لديها إلى “عادة”. واللاّفت أن رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، ركّز وهو يقابل الوزير الأول بكلامه على ضرورة “تقنين إجراءات استجواب أعضاء الحكومة من قبل مجلس الأمة”. لم يظهر طيف واسع من ممثلي الشعب اكتراثا لا للحكومة ولا للمواطنين الذين انتخبوهم، ولا حتّى “احتراما” لمؤسسة دولة ينتمون إليها. فقد افتتحت، أمس، أول دورة برلمانية في عهد الدستور الجديد والتي ستستمر لأول مرة 10 أشهر دون انقطاع، بقاعة شبة فارغة، فعلى ما يبدو أن البرلمانيين عطلتهم الصيفية لم تنته، وربّما يحتاجون إلى المزيد من الراحة إذا وضعوا نصب أعينهم أنهم مقبلون على مناقشة 20 مشروع قانون وحضور لا يقل عن 300 يوم كامل بلا انقطاع.“السينا” بوجه آخر..وكعادته، قاطع نواب الأفافاس افتتاح الدورة وبرروا في بيان لهم بأن “قرار المقاطعة يعتبر احتجاجا على الطابع البروتوكولي المحض لهذه الدورة، بيد أن وضع البلاد يتطلب برلمانا يتحمل كامل مسؤولياته، وليس برلمانا يكرس الصمت بل هيئة تمثل المجتمع، وإنّما أيضا مؤسسة تعبر للحكومة عن الاهتمامات الكبيرة للجزائريين والجزائريات”.ولأنّ موضوع غياب النواب أضحى الصفة اللصيقة بغرفتي البرلمان، ركّز رئيس مجلس الأمة في كلمة له بمناسبة الافتتاح على هذه الجزئية لدى دعوة أعضاء المجلس إلى “إثراء النقاش أثناء تعديل النظام الداخلي، عبر فرض تقنين واجب التزام عضو مجلس الأمة بالحضور في اجتماعات اللجان والجلسات العامة”. فالكثير من السيناتورات ومنذ سنوات لم يحضروا ولا جلسة واحدة.ونبّه بن صالح على غير عادته إلى أداء أعضاء المجلس، فخاطبهم: “اليوم أعتقد زملائي أن الوقت موات جدا لكي نستفيد من هذه التجربة، وبالوقت ذاته نسعى للبحث عن أحسن الصيغ والحلول للمشاكل التي قد تطرح مستقبلا”. ويتوجب حسب بن صالح خلال الدورة الحالية “تقنين منع التجوال السياسي بين الأحزاب، وتقنين حق مجلس الأمة في المبادرة القانونية طبقا للمادة 136 من تعديل الدستور الجديد”.وطالب بن صالح، وهو قبالة أعضاء من الحكومة، على رأسهم الوزير الأول، عبد المالك سلال، بـ”تحديد نظام التصويت على مخطط عمل الحكومة بموجب لائحة، وتقنين إجراءات استجواب أعضاء الحكومة من قبل مجلس الأمة، وكذا تقنين إجراءات الأسئلة الشفوية والكتابية”. وهنا ربما يبلغ بن صالح رسالة إلى سلال وزملائه في الحكومة، بأن ينتظروا صورة مغايّرة لما كان عليها المجلس من قبل.حق المعارضة..ولم يقدم بن صالح جدول أعمال المجلس، لأن حسب خطابه “أشغال الدورة ستكون هذه المرة على مدار سنة تقريبا، فقد لا يكون في المقدور تحديد كافة عناوين جدول أعمالها الآن، كونه سيتغير باستمرار خلال الفترة، كما أن المعارضة أصبح من حقها أن تقدم مقترحات في هذا المجال كلما رأت هناك ضرورة”.بدوره، تفاءل رئيس المجلس الشعبي الوطني، محمد العربي ولد خليفة، بالدورة الحالية، فقد وصفها في خطابه بأنها ستكون “عهدا تشريعيا جديدا قائما على مبادئ وقواعد دستورية تثمّن العمل النيابي والممارسة الديمقراطية، وترقي الدور الرقابي والتشريعي لغرفتنا وتعزز دور البرلمان بغرفتيه في الهندسة المؤسساتية لنظامنا السياسي”.ويعوّل ولد خليفة على النواب (نصفهم كان غائبا)، حسب كلمته، “من أجل المساهمة في تكريس الإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية في إطار إستراتيجيته النهضوية، التي حوّلت الجزائر منذ بداية الألفية الجديدة إلى استثناء متميّز عربيا وإفريقيا، من حيث الأمن والاستقرار والتنمية والمشاركة الفعلية للمرأة في المجالس المنتخبة، وتوسيع مجال المشاركة الديمقراطية لكل الفاعلين الغيورين على استقلال وسيادة الجزائر ووحدتها الوطنية وهويتها الجامعة والتاريخية”.التقليل من آثار الأزمةوانساق رئيس الغرفة السفلى في خطاب الدفاع عن حصيلة الرئيس، عبر التنويه بأن “الجزائر تعرف منذ أزيد من 15 سنة حركية نهضوية فريدة ساهمت في ترقية المواطنة، والتمكين من الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وهو ما أدى لترقية مستويات التنمية الإنسانية في مختلف القطاعات من تعليم وتكوين وصحة وسكن، والسعي لتوفير حياة كريمة لكل المواطنين، وهو ما حسّن من صورة الجزائر وشعبها على المستويين الإقليمي والدولي”.ولد خليفة كان يبعث برسائل وهو يُخاطب أعضاء الحكومة بـ”حقيقة البلاد”، وجاءت في شكل تنبيه إلى أن “الجزائر تزخر بإمكانات ضخمة من مصادر الثروة، وهي الآن في حالة تفعيل للتقليل من آثار الأزمة التي تعاني منها غالبية اقتصاديات العالم المتقدّم والأقلّ نموا، ولا شكّ أن التحدّيات التي تفرضها الأوضاع الاقتصادية الراهنة، تتطلب من الشركاء في مؤسسات الدولة وفعاليات المجتمع المزيد من التعاون لتجاوز المصاعب التي نواجهها في المرحلة الراهنة”.ولأن الانتخابات التشريعية على الأبواب، دعا ولد خليفة بالتحديد الأحزاب السياسية إلى “المثابرة والانضباط والإخلاص لشعبنا ودولتنا وباحترام مطلق لرموزنا الوطنيّة ولمؤسساتنا، والاتزام بالحوار الهادئ بين الجميع في مجلس تعدّدي يحترم دستور الجمهورية وكل اللوائح التنظيمية للمجلس الشعبي الوطني”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات