38serv

+ -

غاب اسم الجزائر عن خطة عيسى حياتو كحل بديل لتعويض التجريد المحتمل للغابون أو انسحاب هذا الأخير من تنظيم كأس أمم إفريقيا في 2017، بسبب الانفلات الأمني بهذا البلد بعد مخلفات الانتخابات الرئاسية، في وقت كان رئيس “الكاف” قد استنجد برئيس “الفاف” محمد روراوة لتعويض تجريد المغرب من تنظيم دورة 2015 دون أن يلقى الكامروني ردا إيجابيا.

 مواجهة الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم نفس مشكل الطبعة السابقة، حين اضطرت هيئة عيسى حياتو إلى إيجاد بديل للمغرب الرافض وقتها تنظيم “الكان” في موعدها بداية من جانفي لسنة 2015، بسبب المخاوف من انتشار داء “إيبولا”، لم يدفعها، هذه المرة، لطلب النجدة من الجزائر، وهو ما يفضي في النهاية إلى قناعة راسخة، تجعل من التفكير اليوم في إمكانية احتضان الجزائر لأي دورة قارية مجرد وهم وليس حلما قابلا للتجسيد، وهي القناعة التي تلخصها وتثبتها عشر حجج.المنشآت الرياضية غير جاهزةوتندرج النقطة الأولى في عدم جاهزية الجزائر من حيث المنشآت الرياضية لاحتضان العرس القاري، رغم أن غينيا الاستوائية، وهو بلد أقل قوة وإمكانات من الجزائر، أنقذ حياتو من ورطة حقيقية في 2015 بإمكانات محدودة، بعدما غامر الكامروني برفض طلب المغرب بتأجيل الدورة بستة أشهر، وكان رئيس “الكاف” وقتها، وهو يدخل في صراع مفتوح مع المغرب، يحرص على تغليب مصلحة “الكاف” ومنها مصلحة ممولي الهيئة الكروية القارية بعدم التأجيل لتفادي خسائر مالية ضخمة، حتى وإن حدث ذلك على حساب الفرجة والتنظيم الجيد للدورة.ورغم أن المنطق يضع الجزائر اليوم على رأس قائمة الدول القادرة على تعويض الغابون في حال انسحابه أو تجريده من احتضان دورة 2017، بحكم أن الجزائر ترشحت، عقب خسارتها موعدي 2019 و2021، لضمان احتضان الدورة المقبلة بدلا من ليبيا، غير أن الواقع يكشف أن أغلب الملاعب والمنشآت الرياضية التي كانت مرشحة لاحتضان المنافسات في 2017 (لو عادت الدورة للجزائر)، لا تزال تراوح مكانها من حيث نسبة التقدم في الأشغال، رغم أن الوزير الأول عبد المالك سلال أعلن في وقت سابق أن الأشغال ستسير بنفس الوتيرة رغم الفشل في احتضان الدورة القارية، وما قابل كلام سلال على أرض الواقع، تراجع الوتيرة إن لم نقل توقفها تماما، وذلك بمجرد إعلان حياتو عن اختيار الغابون بدلا من الجزائر.وكان من المقرر أن يكون ملعبا براقي والدويرة بالعاصمة جاهزين إلى جانب ملعبي وهران وتيزي وزو، وذلك نهاية 2015 أو بداية 2016 على أقصى تقدير، غير أن ذلك لم يحدث في النهاية، ولم تتم إعادة تهيئة سوى ملعب 5 جويلية الأولمبي بالعاصمة، كون ملعبي مصطفى تشاكر بالبليدة و19 ماي 1956 بعنابة لم تنته بهما أشغال التهيئة، بمعنى أن ملعبا واحد من أصل سبعة ملاعب تم تجهيزه.توتر العلاقة بين حياتو وروراوةوحتى وإن كان عيسى حياتو قد استنجد بالجزائر من أجل إنقاذه في 2015، إلا أن ذلك لا يعني حرصه على إذابة الجليد بينه وبين محمد روراوة، بل إن رفض رئيس “الفاف” تقديم خدمة للكامروني بشأن دورة 2015 لم يزد سوى في حقد وضغينة حياتو ضد رئيس الاتحادية، ما جسده بعد ذلك “عقوبة” الحرمان من احتضان “كان 2017” محل جدل اليوم، بعدما تم حرمان الجزائر من دورتي 2019 و2021، ما يؤكد بأن رئيس “الكاف” أقدم على تمرير رسائل واضحة لكل أعضاء الجمعية العامة للهيئة الكروية القارية، مفادها أن روراوة أصبح على رأس “القائمة السوداء”. توتر العلاقة بين الرجلين، منذ أن اكتشف حياتو بأن روراوة، حليف الأمس، يعتزم سحب البساط من تحت قديمه، ما دفعه لتصنيفه “عدوّا” أبد الدهر كونه لم يعد، من منظر الكامروني، محلا للثقة، وهو الوضع الذي يدفع حياتو لعدم إدراج روراوة مستقبلا في أية خطة أو استراتيجية، حتى وإن استدعى الأمر طلب النجدة التي لم يجدها في 2015.إجراء انتخابات “الكاف” في الجزائر ممنوعوسيكون من السذاجة، من منظور العارفين بخبايا الجمعيات العامة الانتخابية للهيئة الكروية القارية، إقدام عيسى حياتو على إقامتها بالجزائر، كون موعد “كان 2017” يتزامن مع تجديد العهدة على رأس “الكاف”، وهو أحد الأسباب الذي جعل عيسى حياتو يفرض منطقه على أعضاء المكتب التنفيذي لهيئته، ويختار الغابون “عنوة” بدلا من الجزائر، حتى لا يمنح لروراوة على طبق من ذهب، فرصة الإطاحة به في جمعية عامة بأرضه، حتى وإن كان حياتو مقتنعا تمام الاقتناع بأن روراوة لم يعد ذلك الرجل القوي حتى على رأس “الكاف”، كون هذا الأخير لم يعد يزن شيئا قاريا ولا حتى دوليا. وبما أن موعد تجديد العهدة يعتبر أكثر أهمية من المنافسة القارية ذاتها، فإن عيسى حياتو لن يقدم 54 عضوا من أعضاء الجمعية العامة لـ«الكاف” لرئيس “الفاف”، كون ذلك يعتبر خطأ استراتيجيا يجعل محمد روراوة يتفنن في اللعبة التي يجيدها وهي “الكواليس”، ما يعني في النهاية أن إقامة “كان 2017” بالجزائر ممنوع.ضغط الممولين يحدد الخياروبما أن الجانب الاقتصادي “يزن ذهبا” على أي هيئة كروية، على غرار “الكاف”، فإن ممولي الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم لهم “كلمة” في تحديد البلد المرشح لاحتضان دورة نهائية لكأس أمم إفريقيا، لما تدره الدورة من عائدات مالية على الممولين، وتروج لعلامتهم واسمهم التجاري، خاصة في البلدان التي تجري فيها المنافسة.ومعروف أن أقوى ممولي “الكاف” هما “أورانج”، شركة الهاتف النقال، وشركة “توتال” للمحروقات، وهما شركتان فرنسيتان، إلى جانب الشركة الفرنسية “سبورت فايف” مالكة حقوق البث التلفزيوني للمباريات الإفريقية، والتي يترأسها المغربي إدريس آكي، وتملك كل شركة مصالح اقتصادية في عديد من البلدان الإفريقية، خاصة البلدان “الفرانكوفونية”، عدا الجزائر التي تغيب فيها هذه الشركات، ما يعني في النهائية أن تمكين هذه الشركات الجزائر من تنظيم دورة نهائية لكأس أمم إفريقية لن تجني من ورائها أية أرباح ولن تفضي إلى أية مصلحة اقتصادية، ما يجعلها تضغط بكل قوتها على “الكاف” لاختيار البلد الذي يضمن مصالحها الاقتصادية، بما يؤكد في النهاية أن “يد” فرنسا الاقتصادية هي التي تحسم خيار “الكاف”.غياب المشروع والخوف من الإخفاقتنظيم دورة نهائية لكأس أمم إفريقيا يتطلب عملا احترافيا كبيرا واستراتيجية مدروسة لاتحاد البلد المعني باستضافة ضيوف القارة السمراء، وما واقع يدفع بالاتحادية الجزائرية، في حال الترشح لتنظيم الدورة، إلى اختبار احترافيتها على أعلى مستوى وانتظار الحكم النهائي على لجنة تنظيمها من طرف “الكاف” والممولين والمنتخبات المشاركة أيضا.وفي ظل المؤشرات التي تمنحها “الفاف”، من خلال فوضى التسيير لشؤون الكرة في الجزائر، بما يؤكد فقدان محمد روراوة لأي مشروع حقيقي للنهوض بكرة القدم الجزائرية، فإن “التورط” في تنظيم “الكان” سيجعل رئيس “الفاف” محرجا أمام من صور لهم نفسه على أنه “إمبراطور” التسيير الاحترافي في إفريقيا.كما أن الجانب الرياضي طرف مهم في معادلة تفادي تنظيم الدورة في الجزائر بأي شكل، كون الأمر يجعل الاتحادية تحت الضغط حين تطالب الجماهير، منطقيا، بالتاج القاري الثاني، خاصة وأن روراوة استبق الأحداث قبل أيام، وتحجج بعامل المناخ والأرضية للقول إن المنتخب الجزائري الذي يكونه لاعبون من المدارس الأوروبية، يفتقدون للقوة اللازمة لتحدي الظروف الصعبة التي تجرى فيها المباريات في إفريقيا لنيل اللقب.تنظيم الدورة بالحجة يسقط حجة رئيس الاتحادية، وأي فشل محتمل في التتويج داخل القواعد وبدعم الجماهير، سيكون عنوانا لفشل كبير، ومؤشرا قويا على أن رئيس الاتحادية يبيع الوهم للجزائريين.الجزائر تدفع ضريبة مزاج روراوة وزوال نفوذهومن بين أهم النقاط أيضا التي تجعل من المستحيل على الجزائر تنظيم دورة نهائية لكأس أمم إفريقيا، خسارة محمد روراوة ورقة “الكواليس” التي جعلته، في وقت سابق، رجلا قويا و«صاحب قرار”، قياسا بنفوذه سابقا على مستوى الهيئة الكروية القارية، حين كان حليفا للرجل القوي عيسى حياتو.«الحرب” غير المعلنة بين حياتو وروراوة جعلت الجزائر، كرويا، تدفع ضريبة ذلك، وستكون للمزاج المتقلب لرئيس “الفاف” وخطئه الإستراتيجي في طريقة تعامله مع حياتو، انعكاسات أخرى على المنتخب الوطني المتواجد اليوم في نفس مجموعة منتخب بلد حياتو، الكامرون، بمعنى أن “إصرار” أو “حرص” حياتو على تأهيل الكامرون في الكواليس يعني بالضرورة إصرارا وحرصا على إقصاء الجزائر، منتخب “عدوه” روراوة.ويندرج “سقوط” روراوة قاريا ودوليا وزوال نفوذه، في إطار غياب الإستراتيجية الحقيقية للاتحادية من أجل تسيّد إفريقيا كرويا، كون المشروع الوحيد، من وراء طلب ترخيص الوزارة للترشح للهيئات القارية والدولية، ينحصر في كسب مزايا شخصية وتلميع الصورة ولو على حساب مصلحة الكرة الجزائرية.حياتو يريد إذابة الجليد مع المغرباستنجاد عيسى حياتو بالمغرب وضمه إلى قائمة البلدان المرشحة لإنقاذه حين يضطر لتعويض الغابون، وهي قائمة تضم جنوب إفريقيا أيضا، في إطار خطوة من الكامروني حياتو لإذابة الجليد مع المغرب وكسب وده، بعد الذي حدث في 2015، حين قرر رئيس “الكاف” إقصاء المغرب ومعاقبته بأربع سنوات في قضية إصرار المغرب على تأجيل الدورة بسبب المخاوف من “داء إيبولا”، حيث اختارت “الكاف” في النهاية إقامتها في غينيا الاستوائية وفي فترتها المحددة.وبما أن المغرب عضو في الجمعية العامة لـ«الكاف” وله نفوذه، وهو يضم شخصية قوية في الهيئة الكروية القارية، في صورة الأمين العام هشام العمراني، إلى جانب تواجد مغربي على رأس “سبورت فايف”، وحرص “يد فرنسا” الاقتصادية على حماية المغرب الذي تدعم مصالح فرنسا بأراضيه، فإنه من مصلحة حياتو إذابة الجليد مع المغرب، بعدما رفعت عنه المحكمة الرياضية الدولية العقوبة، بما يؤكد أن الجزائر، قياسا بالمغرب وبلدان أخرى، خارج حسابات حياتو وكل الفاعلين في الهيئة الكروية القارية.الثأر من قول “لا” لـ”إمبراطور” إفريقياولم ينس عيسى حياتو أن روراوة وجه له طعنة في شكل “ثأر” حين رفض مساعدته حين اشتدت حاجته إليه، بعد تجريد المغرب، في 2015، من تنظيم الدورة النهائية، وتحجج روراوة وقتها، وإن كان ذلك واقعا حقيقيا، بعدم جاهزية الجزائر لتنظيم الدورة في ظرف ثلاثة أشهر فقط.مجرد قول كلمة “لا” لمن نصب نفسه “إمبراطور” إفريقيا كرويا، هي “جريمة” لا تغتفر، وخطأ لا يمكن بأي حال من الأحوال تكراره يستوجب “الثأر”، ما يدفع الكامروني اليوم لإعادة الصاع صاعين للجزائر، في حال ما تقدمت بطلب لتعويض الغابون، من خلال إهمال ملف ترشحها، مثلما حدث ثلاث مرات متتالية في دورات 2017 و2019 و2021 التي جسد فيها حياتو انتقامه من روراوة، وراح يجسد إحكام قبضته على إفريقيا، من خلال منح غينيا شرف تنظيم دورة 2023 دون فتح ملفت الترشيحات.شخصيات نافذة جديدة تزيح روراوةوتشهد “الكاف” اليوم تغيرا في موازين القوى، بتغير بعض الأعضاء الفاعلين على مستواها على حساب آخرين، في صورة التونسي طارق بوشمّاوي الذي أضحى أحد رجال “الكاف” الأقوياء. وكسب بوشمّاوي، عضو مكتب “الكاف” و«الفيفا” والرجل القوي بنفوذه وأمواله، ثقة عيسى حياتو، ما رشح تونس اليوم لتجني ثمار ذلك، وسيكون من خلال تمكينها من بلوغ المونديال، برفقة الكامرون وربما المغرب أيضا، طالما أن الجزائر شاركت مرتين حين كان رجلها محمد روراوة شخصا نافذا.وإلى جانب بوشمّاوي، فإن تونس تضم أيضا محمود الهمّامي، وهو عضو فعال في إحدى لجان “الفيفا”، وهو رئيس اتحاد شمال إفريقيا، بينما يعتبر المغربي هشام العمراني، الأمين العام لـ«الكاف”، أحد الرجال الأقوياء على مستوى الهيئة الكروي القارية، وإدريس آكي الرئيس المدير العام لـ«سبورت فايف”، وهو رجل قوي أيضا، بما يسمح بضمان مصالح المغرب.استغلال “رجالات” حياتو الجدد لسقوط روراوة الذي فقد استراتيجية حقيقية تعود بالفائدة على الجزائر، وحرص هؤلاء على إحكام قبضتهم على “الكاف”، يفقد الجزائر وزنها قاريا ويجعلها اليوم ضعيفة وبعيدة عن سلطة القرار.التقشف والانتخابات التشريعية سبب آخرولا يمكن إغفال أيضا الجانب الاقتصادي الذي يعتبر معيارا مهما لاحتضان دورة نهائية، كون المعطيات الحالية تشير إلى أن الجزائر ليست مستعدة لنفقات ضخمة غير مقررة، خاصة في زمن التقشف الذي تمر به البلاد، حيث أن الوقت الحالي يختلف عن السنة الماضية حين تقدمت الجزائر بملف لخلافة ليبيا في 2017، كون الأزمة اشتدت بما لا يسمح بالمخاطرة بتنظيم “كان 2017”.وتستعد الجزائر، مطلع 2017، لإجراء انتخابات برلمانية، بما يجعل من الصعب اليوم تركيز الجهد والمال وكل الإمكانات على منافسة كروية قارية كبيرة قبل موعد حساس مثل الانتخابات. 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات