"من لم يضح وهو قادر ابتعد عن الملة الحنيفية"

38serv

+ -

 اعتبر الأستاذ يوسف علال، إمام مسجد الأميرعبد القادر بقسنطينة، أنه من أعظم ما ابتليت به أمتنا في هذا الزمان هو الجهل بحقيقة العبادة وعدم معرفة حِكَمِها وأسرارها، ليضيف أنه من الشعائر الكبرى التي نقوم بها مرة كل عام هي الأضحية.وذكر الأستاذ علال أن هذه الشعيرة تربط آخر هذه الأمة بأولها، حيث يجدد العهد مع التوحيد الذي قام عليه الإسلام، ويربط نفسه بأبيه إبراهيم عليه السلام، فالأضحية، يقول، تعبير من المسلم أنه مستعد للتضحية من أجل دينه بأغلى ما يملك ولو كان الولد والمال والنفس، فمن لم يضح وهو قادر على ذلك، قد غابت عنه هذه المعاني العظيمة وابتعد عن الملة الحنيفية التي جاء بها إبراهيم عليه السلام، مضيفا في السياق ذاته أنه من العجيب أن يجد المسلم المال لقضاء عطلة في لندن ونيويورك وباريس، ويجد المال الوفير يصرفه في التوافه، ولا يأبه لذلك، فإذا جاء موعد الأضحية التي تُغفر بها الذنوب وتُرفع بها الدرجات وتزيد الحسنات، تجده يتوارى عن الشعائر، ولا يُظهر الاستعداد للتضحية والإنفاق في سبيل الله ويعد المال عدّا.واسترسل أن هذه المسألة لا نحتاج فيها لمعرفة الحلال والحرام، بقدر ما نحتاج إلى معرفة التقوى التي وصف الله بها المسلم الذي يلتزم بشعائر الله ويفعلها وهو راضٍ، يقوم بها وهو يبتغي فضلا من الله ورضوانا، تبعا لقوله تعالى: “ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب”، فالذي يملك المال ولا يضحي، يتساءل “هل هو حقا من المتقين الذين وعدهم الله بعليين؟”، مواصلا في السياق ذاته أن الأمر إذا أخطر من قولنا يجوز أو لا يجوز.وقال المتحدث إن البعض يعتبر الأضحية مجرد بعض الكيلوغرامات من عند الجزار لإطعام الأولاد وينتهي الأمر، متناسيين قوله تعالى: “لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم”، حيث يريد الله أن يعرف مدى تقوى والتزام وتضحيات واتباع عباده سنة نبيه إبراهيم ومحمد، فإذا لم ير الله ذلك فما نفع لحم الجزار؟ ليؤكد أن القليل فقط من يدرك حكمة التشريع وكنه العبادة وسر الشعائر، ذاكرا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة رضي الله عنها أن تشهد الأضحية وتراها، لأن لها بأول قطرة تنزل من دمها أن يغفر الله لها ذنوبها، لذا لا يجب حرمان الأهل من هذه المغفرة.وختم الأستاذ علال حديثه قائلا إن أخطر شيء على الدين هو أن يُفرغ من محتواه، وتضيع معانيه في خضم الأفكار الدخيلة وعزوف الناس عن تعلم أحكامه ومعرفة مقاصده، وعلى العلماء الدعاة أن ينفوا عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات