تتجه حكومة عبد المالك سلال إلى اعتماد سياسات تقشفية ستتجلى معالمها في مشروع قانون المالية 2017، عبر تسقيف نفقات الميزانية، حيث تم تحديدها في مستوى 6800 مليار دينار أو ما يعادل 62.2 مليار دولار، فيما تم تسقيف ميزانية التسيير في مستوى لا يتعدى 4500 مليار دينار أو ما يعادل 41.18 مليار دولار، مقابل تحديد ميزانية التجهيز بمستوى لا يفوق 2300 مليار أي 21.2 مليار دولار، وهي من أدنى الميزانيات المحددة منذ سنوات، جراء إلغاء وتأجيل العديد من المشاريع وانخفاض الميزانيات القطاعية. يعكس مشروع قانون مالية 2017 ترسيم السنوات العجاف التي تنتظر الجزائر، حيث بدا واضحا توجه الحكومة للتضحية بالكثير من المجالات، بداية بالتضحية بعشرات المشاريع الخاصة بالبنى التحتية منها القطاعات الحيوية مثل الصحة والنقل، والتي ستضاعف من متاعب المواطن، كما يتضح أيضا استبعاد أي تعديلات في الأجور للموظفين والعمال خلال المرحلة القادمة، مع تسقيف إلى غاية 2019 لميزانية التسيير.وتتضح أيضا من خلال توجه الحكومة إلى تسقيف النفقات الإجمالية المخاوف التي تنتاب هذه الأخيرة جراء نضوب صندوق ضبط الموازنة، ولكن أيضا الانخفاض المتسارع لاحتياطي الصرف الذي يرتقب أن ينتهي السنة الحالية دون 120 مليار دولار.وتضمن مشروع قانون المالية 2017 أيضا إجراءات تصب في نفس خانة التوجهات التقشفية وتتمثل في إلغاء التسقيف المعتمد في صندوق ضبط الموارد والذي كان محل تعديل، مع إلغاء الحد الأدنى لتمويل العجز في الخزينة المقدر حاليا بـ740 مليار دينار أو ما يعادل 6.77 مليار دولار، وهو ما يعني أن صندوق ضبط الموارد لم يعد مطروحا مع سنة 2017، بنزوله تحت عتبة القيمة الدنيا. وكان الصندوق آلية تسمح بتغطية جزء من عجز الميزانية بناء على متوسط السعر المرجعي للنفط المقدر بـ37 دولارا للبرميل وسعر التوازن المقدر بـ45 دولارا للبرميل، هذا المعدل مرشح أيضا للارتفاع كانعكاس لتدهور أسعار النفط، حيث يرتقب أن يرتفع إلى حدود 50 دولارا للبرميل.وبغض النظر عن أبعاد المؤشرات الجديدة المعتمدة، فإن حكومة سلال تجد نفسها أمام خيارات صعبة نتيجة اختلال التوازنات المالية، بعد سنوات الوفرة التي سجلت تبذيرا وعدم ضبط في مجال النفقات. و رغم أن قانون المالية 2016 سجل تراجعا في مجال النفقات عموما مقارنة بقانون المالية التكميلي 2015، إلا أن مشروع قانون مالية 2017 ينبئ بسنة صعبة بالنسبة للجزائر، بمعدل نفط هذه السنة يقدر بحوالي 44 دولارا للبرميل، وإيرادات لا تتجاوز 25 مليار دولار، مقابل عجز في الميزان التجاري بحوالي 15 مليار دولار وعجز في ميزان المدفوعات بحوالي 30 مليار دولار.تجدر الإشارة إلى أن نفقات الميزانية في قانون مالية 2016 بلغت 7984.1 مليار دينار أي ما يعادل 73.06 مليار دولار، و تم اعتمادها على أساس ترشيد الموارد المالية وضبط النفقات، منها 4807.3 مليار دينار نفقات تسيير و3176.8 مليار دينار كنفقات تجهيز.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات