الجيش يبحبح الشعب معنويا في حاسي بحبح!

+ -

كل الجزائريين الأسوياء تابعوا باعتزاز الصور التي نشرتها وزارة الدفاع حول التمرين العسكري الذي نفذ بالحوامات في حاسي بحبح. ولاحظ الجميع كيف أصبح ضباط وجنود سلاح الجو الجزائري يتحكمون بمهارة في استعمال المروحيات الحديثة.يتذكر الجزائريون أنه في صائفة 2004 تم تنفيذ نفس التمرين تقريبا وفي نفس المكان، وأشرف على التمرين الرئيس بوتفليقة نفسه وقائد الأركان آنذاك الفريق محمد العماري رحمه الله. وبعد انتهاء التمرين وبث الصور التي التقطت له، أصيب الرأي العام بإحباط شديد.. لأن طائرة هيليكوبتر تحطمت خلال أداء التمرين أمام أعين الرئيس وقائد الأركان.اليوم وبعد 12 سنة، يجري هذا التمرين في نفس المكان وبالذخيرة الحية، ويسفر عن تحكم كبير في استعمال الوسائل الحديثة. وهو ما يؤشر بقوة إلى الآتي:1- سقوط فكرة ارتباط الكفاءة في الجيش بقيادة مجموعة ضباط الجيش الفرنسي. ففي الوقت الذي كان تمرين حاسي بحبح في صائفة 2004 تحت قيادة أحد أكبر الضباط المنتمين إلى مجموعة (D A F) المشهود له بالكفاءة والإتقان، وقعت حادثة سقوط المروحية أثناء التمرين. فيما قاد التمرين في صائفة 2016 مجاهد ليس من مجموعة (D A F) وكان النجاح الذي أبهر الجزائريين! فالأمر إذا لا يتعلق في الكفاءة بالانتماء الفئوي للقيادة، بل يتعلق بتقدير المسؤولية وإعطائها حقها، وبمستوى التدريب والمثابرة عليه والجدية في أداء المهام.2- هؤلاء الذين نفذوا هذا التمرين بكفاءة عالية هم في النهاية من إنتاج المدرسة الجزائرية الحديثة، مدرسة الاستقلال. وبالتحديد هم تلاميذ مدرسة إصلاحات السبعينيات. وهذا في حد ذاته دلالة على زيف ادعاء “الغبارطة “ القائل بأن المدرسة الجزائرية منكوبة ويجب “غبرطتها” كي تصبح مدرسة مقبولة!3- زميلتي مسعودة، رئيسة القسم الثقافي، نبهتني إلى ضرورة عدم تسليط الضوء على الجيش بالكتابة سواء بالنقد المفرط أو بالمدح المفرط، لأن ذلك فيه خطر على هذه المؤسسة. ومن الأفضل من الناحية الوطنية أن نترك الجيش يؤدي مهامه التدريبية بعيدا عن الأضواء. ولنا المثال الحي في ما حدث للجيش العراقي، حيث أدى الحديث المفرط عن قوة هذا الجيش إلى الذي حدث ويحدث الآن في العراق.نعم.. أسرار الجيوش الحديثة لا تتعلق بنوعية السلاح المقتنى ولا تتعلق بتعداد الأفراد، بل السر العسكري يتعلق أساسا بمستوى التدريب الذي يتلقاه عناصر أي جيش، ومدى تحكم عناصره في القدرات العالية لاستعمال هذا السلاح. صحيح أن نشر بعض الصور كالتي تمت في حاسي بحبح مؤخرا لها دور المؤثر إيجابا على معنويات أفراد الجيش أولا، وعلى معنويات الشعب ثانيا، خاصة وأن البلاد تعيش الإحباط في كل شيء هذه الأيام.. ومثل هذه الصور جرعة معنوية كبيرة للجيش والشعب معا.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات