كل شيء في الجزائر يسير بالمقلوب.. العدالة لا تتحرك ضد القنوات التي قيل إنها تجاوزات حدودها الأخلاقية المهنية في الحديث عن خطف الأطفال. والطريف في الموضوع أن هذا التجاوز (إن حصل فعلا) لا يتحرك له النائب العام بل تتحرك له سلطة ضبط السمعي البصري التي دعت القنوات إلى ضرورة احترام النائب العام ووكلاء الجمهورية. وكأن وكيل الجمهورية لا يستطيع حماية حقه، فتقوم سلطة الضبط هذه بحمايته؟! وتحولت سلطة الضبط إلى جهاز شرح وتوعية للقنوات قصد تطبيق تعليمة رئيس الحكومة بالإنذار المبكر! هكذا إذن تحل سلطة الضبط محل العدالة في دعوة القنوات إلى احترام القانون! وواضح أن سلطة الضبط في هذا التصرف لا تفرق بين دورها كسلطة ضبط وبين سطوها على اختصاص القضاء كسلطة حارسة لتطبيق القانون! الغريب في الموضوع هو أن سلطة الضبط تدعو القنوات إلى ضرورة احترام الأخلاق المهنية! وكان المفروض أن تقوم سلطة الضبط هي نفسها باحترام مهنتها فلا تتدخل في شأن هو من اختصاص القضاء.! فهي سلطة ضبط وليس سلطة رقابة على ما يبث من أخبار! لكن هذا هو الحاصل في الجزائر.! الأطرف من هذا كله أنه حتى الشرطة أصبحت لا تتستر فقط على أسماء السراق الذين تضبطهم متلبسين، بل أصبحت تتستر أيضا حتى على الضحايا المسروقين إذا تعلق الأمر بضحية يتمتع بحصانة برلمانية أو وزارية! الشرطة تتستر على السارق لأسباب التحقيق أو لأنها لم تصل إليه، هذا الأمر مفهوم، لكن أن تتستر الشرطة على اسم المسروق لأنه يتمتع بالحصانة البرلمانية فهذه واحدة من غرائب المفهوم الجديد الذي جاءت به الحصانة البرلمانية في الجزائر! حتى الآن لا يعرف الرأي العام اسم النائب الذي سرقت من بيته 11 مليار سنتيم ولا نعرف من سرقه أيضا، رغم أن السراق تم القبض عليهم وأن السارق تعرف الشرطة اسمه وهويته وبيته. فلماذا تتستر عليه يا ترى؟! أغلب الظن أن الأموال المسروقة تمت سرقتها من طرف شركاء هذا النائب في عمليات مشبوهة، ولهذا تم التستر على الموضوع من طرف الشرطة لاعتبارات تتعلق بسمعة النائب وتتعلق بالحصانة ولا تتعلق بإعمال القانون في مثل هذه المواضيع! وقد يكون الأمر أيضا له علاقة بأن السارق هو الآخر يتمتع بحصانة برلمانية أو وزارية، وإعلان اسمه قد يضر بالمصالح العليا للدولة.! إننا نعيش في بيئة الفساد والسراق التي يحميها القانون بالحصانة التي تستحمر الشعب وتتبغل الرأي العام! إنني تعبان وأحتاج إلى قرار ضبط وإحضار تصدره سلطة الضبط للشرطة لوقفي عن الكتابة، بتهمة المساس بالحصانة القانونية للسراق وتهديد المصالح العليا للفساد ؟!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات