جرت العادة في الجزائر أن “الهوشة” بين الوزراء في الحكومة الواحدة تعود إلى الواجهة كلما عادت الأخبار أو الشائعات عن تغيير رئيس الحكومة أو الوزير الأول أو حتى تعديل حكومي.“الهوشة” الجارية داخل الحكومة هذه الأيام تستهدف رأس سلال على أساس أنه أصبح لا يتحكم في شيء في حكومته، وقد تكون أصابع الرئاسة وراء هذه “الهوشة”، على اعتبار أن سلال يكون قد مال بهواه إلى “طاغارا”. وما يؤكد هذا، هو أن بعض المحسوبين على “طاغارا” قالوا: إن ما يحدث في الحكومة من تنابز بين الوزراء واتهامات لا يعود لضعف سطوة الوزير الأول قدر ما يعود إلى ضعف وظيفة التحكيم بين الوزراء التي يمارسها الرئيس أو محيط الرئيس.ما يحدث في الحكومة من سباب بين الوزراء حول سوء التسيير والفساد، تقابله أيضا معارك في البرلمان لها علاقة بالتخلاط داخل الأفالان لإبعاد سعداني الذي أصبح يدور في مدار غير مدار “الغولف” ومن لف لفهم تماما مثلما يفعل سلال.“الصك” المتبادل بين “طاغارا” والمرادية قد يصيب هذه المرة رأسي سعداني وسلال بهراوات طليبة ونوري، لهذا تحرك 130 نائب في البرلمان لإثارة موضوع تجديد الهياكل في البرلمان لتنظيفه من أدران سعداني قبل العصف به من الأفالان.المؤسف حقا أن المعارك بين الوزراء في الحكومة عوض أن تجري حول قضايا تحسين التسيير وتحسين تقديم الخدمات للمواطن والوطن، أصبحت تجري حول قضية مواقف مرتبطة بولاءات تستهدف الإطاحة بأناس في الحكم من طرف تيار لفائدة تيار آخر! أي أن رأسي سعداني وسلال هما تحت رحمة عراك زواوش النظام! حتى النواب أصبحوا يتشاجرون من أجل النظام الداخلي ومن أجل هياكل البرلمان، عوض الاهتمام بمراقبة الجهاز التنفيذي! هل من الصدفة أن البرلمان الجزائري هو البرلمان الوحيد في العالم الذي يناقش فيه النواب القانون الداخلي لهذه المؤسسة أكثر من 10 مرات؟! فالبرلمان الذي لم يستطع وضع قانون داخلي لنفسه كيف له أن يراقب بنجاح أداء الحكومة!واضح أن كل اهتمامات الوزراء تنصب حول كيف يواصلون البقاء في الوزارات وليس ماذا يفعلون للأمة والوطن بالبقاء كوزراء.. تماما مثلما هي حالة الرئيس الذي لا يهمه سوى البقاء في كرسي الرئاسة ولا يهم ماذا يفعل للأمة والشعب بهذا المنصب المهم والخطير.نواب الأمة أيضا أصابتهم عدوى الوزراء ورجال السلطة بخصوص مسألة البقاء في المناصب.. وخاصة المناصب التنفيذية في البرلمان، والسبب هو النفوذ لحماية أنفسهم بواسطة الحصانة من القانون والعدالة، لأن أغلب هؤلاء النواب النافذين لو ترفع عنهم الحصانة سيكون مآلهم السجن. لهذا تبدأ المعارك بين النواب وبين الوزراء قبيل الانتخابات وقبيل التغيير الحكومي، سعيا إلى ضمان الوزارة والنيابة لتأمين النفس بالحصانة. الأمر لا يتعلق بتغيير سعداني وسلال وطليبة والرئيس، بل يتعلق بتغيير النظام الذي أتى بهم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات