+ -

أكدت مصادر رسمية لـ”الخبر” أن مشروع قانون الأحزاب المرتقب الإفراج عنه من طرف وزارة الداخلية، الأسابيع القادمة، سيتضمن شروطا أكثر “صرامة” في إنشاء الأحزاب السياسية. حسب ذات المصادر، فإن القانون الجديد المتعلق بالأحزاب لن يخرج عن فلسفة قانون الانتخابات الذي أثار جدلا واسعا في البرلمان وخارجه، أي التوجه نحو مزيد من الصرامة في اعتماد أحزاب جديدة، على أن تستمر عملية “تطهير” الساحة من التشكيلات المجهرية وفقا لنتائج الاستحقاقات الانتخابية.الغاية من هكذا توجه هي “المطابقة مع أحكام الدستور المعدّل من طرف البرلمان في شهر فيفري الماضي، تمهيدا لإصدار رخص عقد المؤتمرات التأسيسية لعدد من الأحزاب الموصوفة بعبارة (قيد التأسيس)”، وذلك بعدما علّقت الحكومة اعتماد أحزاب أخرى عقب حزب طلائع الحريات لرئيس الحكومة السابق، علي بن فليس، في عهد وزير الداخلية الطيب بلعيز.ويشار إلى أن السلطات أعادت فتح الباب أمام إنشاء أحزاب جديدة في 2012، بعد تعالي الأصوات في الداخل بإسقاط النظام، ما اضطرها إلى الاستعانة بسياسة “التنفيس” وامتصاص السخط السياسي لدى بعض التيارات والشخصيات المصنفة في خانة “التأثير الشعبي والإيديولوجي”، قبل إعادة غلق الباب مجددا بحجة انتظار تمرير الدستور الجديد، ثم بالصبر إلى غاية المصادقة على قانون الأحزاب المرتقب نزوله إلى البرلمان.وما يزيد من قلق أصحاب طلبات رخصة إنشاء أحزاب، غياب الطرف المحاور لهم على مستوى وزارة الداخلية، خاصة بعد إبعاد مدير الشؤون القانونية والحريات، محمد طالبي، من طرف وزير الداخلية، نور الدين بدوي، لأسباب مجهولة، وبقاء منصبه شاغرا لحد الآن، واكتفاء الوزير بدوي بتكليف أحد مساعدي المدير السابق بمهامه بالنيابة مع تخويل سلطة اتخاذ القرار لأمين عام الوزارة! كيل بمكيالينوما يدفع إلى التساؤل، طريقة تعامل الإدارة المكلفة بالأحزاب مع طالبي رخص المؤتمرات التأسيسية، فكثير منهم تسلموا الرخص لكنهم منعوا من عقد مؤتمراتهم التأسيسية دون أي تفسير أو جواب.وقد أدى هذا الوضع بمن يمكن وصفهم بالمتضررين منه إلى التكتل ومراسلة رئيس الجمهورية من أجل التدخل بالنظر في مطلبهم، أو على الأقل توضيح أسباب الرفض. ولحد الآن ما يزال نحو 30 حزبا جديدا ينتظر أصحابها معرفة مصير طلباتهم !التضييق مستمر رغم الدستوروإلى غاية تمرير الدستور، الذي يكفل الحق في إنشاء الأحزاب والعمل السياسي، كان التبرير الوحيد لوزارة الداخلية، أن هذا الموقف يراعي القانون الحالي المتعلق بالأحزاب، لكن دون أن تكلف نفسها عناء توضيحها، و”أن كل طالبي اعتماد أحزاب جديدة استفادوا من مواعيد ويجري استقبالهم بصفة عادية، وكل من كوّن ملفا وتقدم به لمصالحنا في ظل احترام القانون، سنرد عليه أيضا طبقا لنفس القاعدة”، مع التأكيد على أن الوزارة “مؤسسة رسمية ومن يحترم قانون الجمهورية مرحبا به في أي وقت، فليس لدينا نقص تجاه أي أحد ولا أي خلفية سياسية”.وإن أكدت ذات المصادر أن الحكومة ستفتح الطريق أمام ميلاد عدد محدود من الأحزاب، بعد صدور القانون الجديد، إلا أن الطريق ذاته لن يكون مفروشا بالورود، لاسيما في ما يتعلق بالتمثيل الوطني، والتمويل، والخلفية الإيديولوجية، وكذلك ما تعلق منها بالتيار الإسلامي، حيث تعرف الساحة حالة تشبع منه، بعدما قطعت السلطات الطريق أمام تشكيلات إسلامية جديدة، بمنحها الاعتماد لأحزاب جبهة التغيير وحركة البناء وجبهة العدالة والتنمية وتجمع أمل الجزائر.وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، قد تعهد بإجراء إصلاحات سياسية شاملة في بداية الربيع العربي، لكن أحزاب المعارضة تتهمه بالتراجع عن وعوده بعد زوال الخطر. وفي هذا الصدد، يخشى الكثير من طالبي تأسيس أحزاب من أن يشكل القانون القادم، للسلطة أرضية تسترجع بها ما تنازلت عنه في فترة ثورات الربيع العربي في 2012.كما يتخوف هؤلاء من أن يكون الغرض من القانون المرتقب، وقانون الانتخابات المثير للجدل (صودق عليه في الدورة البرلمانية الربيعية الماضية)، هو إعطاء السلطة وجهازها الإداري الكلمة الأخيرة في إعادة تشكيل الساحة السياسية والإبقاء على واجهة تعددية سياسية غير قادرة على تغيير الوضع، مستغلة في ذلك الأغلبية البرلمانية التي تشكل عائقا لا يسمح بتجسيد مبدأ الفصل بين السلطات وتكريس ديمقراطية توافق رغبتها.وسيأتي قانون الأحزاب الجديد قبل أشهر من الانتخابات التشريعية التي ستتحدد بموجبها تركيبة البرلمان القادم، وهو برلمان ستعرف فترته انتهاء العهدة الرابعة لرئيس الجمهورية، وتنظيم انتخابات رئاسية في 2019، لذلك يعتبر الرهان في السيطرة عليه ضروريا لأحزاب الموالاة لضمان التأثير في تحديد الرئيس القادم.  

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات