38serv

+ -

يتوقع نواب أن تكون الدورة البرلمانية المقبلة ساخنة ومليئة بالأحداث، حتى وإن كان ذلك على مستوى النقاش فقط، بالنظر إلى تزامنها مع تصاعد الجدل حول السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي تنتهجها الحكومة، إلى جانب ارتباط توقيتها كذلك، بحالة الغموض حول الوضع السياسي العام في البلاد. يختتم البرلمان عهدته الحالية، بالدورة القادمة التي ستتفتح يوم الأحد المقبل، في أجواء سياسية واقتصادية واجتماعية مشحونة، وهو ما جعل الكتل النيابية المحسوبة على المعارضة، تؤكد على أنها مقبلة على “معركة سياسية” تتعلق بما سيكون مطروحا من قوانين تعتبرها خطيرة على مستقبل الجزائريين، مع علمها أن تأثيرها لن يتجاوز فكرة خلق الضجيج الإعلامي الذي يفضح من منظورها هذه المشاريع، في حين أن معارضتها لن تغير من واقع “مرور” هذه القوانين شيئا، بالنظر إلى التركيبة الحالية للبرلمان التي يسيطر عليها، بشكل مريح للحكومة، نواب الأغلبية، الذين يحضّرون، بدورهم، لمعركة إيجاد المبررات “المقنعة” لحزمة التدابير التقشفية التي سيصوتون عليها، خاصة أن توقيتها المتزامن مع الانتخابات التشريعية المنتظرة، لا يناسبهم كثيرا.وسيكون كالعادة، قانون المالية 2017، أكثر القوانين إثارة للنقاش تحت قبة زيغوت يوسف، بعد ظهور عدة مؤشرات تؤكد على أنه سيكون الأكثر تقشفا في العشرية الأخيرة، بسبب عدم قدرة الحكومة على مواصلة سياسة الإنفاق السابقة، بعد تراجع مداخيل النفط والغاز بأكثر من 70 بالمائة في السنتين الأخيرتين. لكن الخلاف سيتركز تحديدا بين الكتل النيابية المختلفة، على طريقة تسيير هذه الأزمة، ودرجة تحميل طبقات معينة من الجزائريين لوحدهم تبعاتها.قانونا المالية 2017 والتقاعدوحول هذا الجدل، يقول رمضان تعزيبت، النائب عن حزب العمال، إن كتلته النيابية ستتصدى بكل حزم لأي مشروع يفرض تدابير تقشفية على الجزائريين، ويحمّل الطبقات الهشة والضعيفة في المجتمع تبعات تراجع المداخيل، مشيرا إلى أن هذا النوع من الحلول السهلة التي سيتم تضمينها قانون المالية وقانون التقاعد، ستكون تكلفتها الاجتماعية باهظة، وسيدفع للمزيد من الاحتقان في المستقبل، خاصة مع التدابير التي سبق للحكومة اتخاذها في سنة 2016 المتعلقة بإلغاء عدد كبير من المشاريع العمومية، وفرض إجراءات على الوزارات بعدم الإنفاق أكثر من 50 بالمائة من ميزانياتها، وتجميد التوظيف في الوظيف العمومي وغيرها.هذا الرأي يخالفه، شهاب صديق، النائب عن التجمع الوطني الديمقراطي، الذي يرى أن الرهان سيكون كبيرا في هذه الدورة البرلمانية، كونها ستعالج مشروع قانون المالية 2017 الذي سيكون تحت شعار أكثر صرامة في التسيير وأكثر جدية في العمل، وهذا في حد ذاته –يضيف - سيقلب كل الموازين والمقاربات السياسية والتشريعية في البلد.وبحسب شهاب، فإن مصطلح “التقشف” يجري توظيفه حاليا بطريقة شعوبية لمحاولة تأليب المواطنين ضد الحكومة ونواب الأغلبية، لكن التعريف الحقيقي الذي يتبناه التجمع الوطني الديمقراطي لهذا المصطلح، هو في ترشيد النفقات وتقليص فاتورة الاستيراد ومكافحة التبذير والاستيراد العشوائي وفرض قيمة العمل كقيمة مضافة.وأضاف حول من يتهم الحكومة بتحميل المواطنين تبعات الأزمة، أن كل السياسات يتحملها الشعب بالدرجة الأولى، ومن مهام الحكومة أن تأخذ الإجراءات اللازمة للتخفيف من عبء هذا التقشف على المواطن، مع مصارحته بحقيقة الوضع الاقتصادي الذي دفعها لاتخاذ كل سياسة حتى يكون شريكا معها في فهم ما يجري حوله.الرهان السياسيوحول الرهانات السياسية المنتظرة من هذه الدورة، يقول النائب عن حركة مجتمع السلم، ناصر حمدادوش، إن هذه الدورة ستكون الأولى في ظل تعديل الدستور الجديد وهي آخر دورة لهذه العهدة، وستكون ساخنة ومتميزة، لأنها سنة سياسية وانتخابية بامتياز.وأشار بالمقابل إلى أن هذه الدورة قد تكون من الناحية العددية لحضور النواب هزيلة، فالمغادرون لا يعنيهم ما تبقى منها، والطامحون لعهدة أخرى قد يطغى عليهم الاهتمام المحلي في ولاياتهم أكثر من انشغالهم بعهدتهم الوطنية.وهاجم حمدادوش بشدة أحزاب الأغلبية المهيمنة على البرلمان قائلا “إنها أجهزة وليست أحزابا حتى تكون لها رهانات سياسية، هي مطمئنة على الأغلبية بالتزوير بعيدا عن الإرادة الشعبية، وبالتالي فهي لا تخشى العقاب الانتخابي حتى تحسب له حسابه..”. وأضاف عن أحزاب الموالاة: “هي منفذة لإرادة الجهاز التنفيذي، وتحوّل البرلمان - دائما - إلى لجنة مساندة الحكومة، فهي أدوات لتنفيذ رهانات عليا، عنوانها: ضمان نصاب البقاء في الحكم، ولا يهمها مواجهة حقيقة الأزمة السياسية والاقتصادية، وانعكاساتها على الوضع الاجتماعي، وتحوله إلى أزمة أمنية خطيرة”.هذا الاتهام ينفيه صديق شهاب الذي يؤكد من جانبه أن الظرف الانتخابي سيفرض منطقه على الدورة البرلمانية الأخيرة. وقال: “إننا نتوجه إلى انتخابات تشريعية في ظل تحولات اجتماعية واقتصادية.. ولا بد إزاء ذلك من ديمقراطية هادئة تخفف بقدر الإمكان من الصراعات من خلال العمل على مقاربات توافقية وتقوية للجبهة الداخلية”.ويختلف توصيف تعزيبت للظرف الحالي عن نظرة نائب الأرندي، فهو يرى أن غموضا كبيرا يسود الساحة السياسية، وأمام الجزائر – حسبه – خياران: إما التوجه إلى نظام سياسي ديمقراطي، أو تهيئة الظروف للانفجار الذي لن يسلم أحد من عواقبه.   

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات