+ -

 تتميز دورة البرلمان المرتقب افتتاحها بداية الأسبوع القادم، بكثرة مشاريع القوانين المطروحة على النواب بغرض المناقشة والمصادقة عليها، ويأتي في مقدمتها مشروعا قانون المالية 2017 وتعديل قانون التقاعد، فضلا عن مشاريع نصوص المطابقة مع أحكام الدستور الجديد، دون إغفال الدور الســـياسي الذي ستلعبه هذه الدورة تحسبا لتشريعيات الســــــــنة القادمة.وبموجب دستور فيفري الماضي، عمر دورة البرلمان بغرفتين محدودة بعشرة أشهر، دون انقطاع، وخلال هذه الفترة ينتظر من نواب الموالاة والمعارضة استثمارها بما يعود على تشكيلاتهم الحزبية بالفائدة في استحقاق تجديد المقاعد.ويتصدر النصوص القانونية الهامة التي يرتقب أن تستأثر بنقاش واسع من قبل النواب، مشروع قانون المالية للعام القادم، والذي إن كان نصا تقليديا يتكرر مع كل دورة، إلا أنه في هذه المرة، سيأتي حاملا المزيد من الإجراءات والقرارات غير الشعبية، مثلما كان الحال مع ميزانية السنة الجارية، والتي تم تمريرها بطريقة أساءت للسلطة التشريعية، ووسط احتجاج غير مسبوق من جانب نواب المعارضة وحزب العمال.وفي هذا السياق، يجمع المراقبون على أن ميزانية 2017، ستكون حبلى بتدابير تقشفية جديدة تشمل زيادات في الرسوم على المواد واسعة الاستعمال والاستهلاك، التي كانت في السابق مصنفة في خانة “المحظورات” لما لها من تداعيات على السلم الاجتماعي.ومن النصوص، مشروع قانون قائمة المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية، التي تشترط لتوليها التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها، وهو النص المستمد من المادة 63 من الدستور، التي تشترط التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها لتولي المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية.ويذكر أن هذا المشروع ينقسم إلى قسمين: الأول يتعلق بالمسؤوليات والوظائف المدنية، وتخص أحكامه رئيسي غرفتي البرلمان ورئيس المجلس الدستوري والوزير الأول وأعضاء الحكومة ورئيسي المحكمة العليا ومجلس الدولة ومحافظ بنك الجزائر ومسؤولي أجهزة الأمن، وكذا رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، أما الثاني فيخص الخدمة في الجيش الوطني الشعبي، ويشمل المسؤوليات والوظائف الرئيسية فيه وعلى أنه يمكن توسيع هذه الأخيرة، لتمس أي مسؤولية عسكرية يتم إقرارها بموجب مرسوم رئاسي. يجدر التنبيه هنا، إلى أن هذا القانون لن يطبق بأثر رجعي!والنص الأكثر حساسية والذي تنتظره شريحة واسعة من العمال، فهو بلا شك، مشروع تعديل قانون التقاعد الذي تأتي مراجعته لتحافظ على ملاءة الصندوق الوطني للتقاعد الذي يشهد ارتفاعا كبيرا في حالات التقاعد دون شرط السن أو التقاعد النسبي مع انكماش في الموارد، وهما إجراءان تم إقرارهما في سنوات التسعينيات على نحو استثنائي وانتقالي بفعل أزمة أمنية واقتصادية خانقة شارفت الدولة بسببها على الانهيار، تزايدت معها وتيرة غلق الشركات وتسريح العمال.وبالإضافة إلى ما سبق، فإن البرلمان سيمر بامتحان صعب، خلال دورته القادمة، عندما يتسلم مشروع قانون الأحزاب الجديد، تماما مثلما حدث مع قانون الانتخابات والذي لم يحظ بقبول المعارضة بتياراتها الإسلامية واليسارية والديمقراطية، والذي وصفته بالقاتل للفعل الانتخابي والمضيّق على الأحزاب حديثة النشأة، وبأنه قانون لـ”تصفية” الساحة السياسية من التشكيلات المعارضة.حملة مبكرة لتشريعيات 2017ويقرأ برلمانيون المسؤولية الملقاة على عاتق النواب، خلال آخر دورة لهم، على أنها الأثقل منذ بداية العهدة التشريعية في 2012، على اعتبار أن حملة تشريعيات 2017 ستبدأ بمجرد افتتاح هذه الدورة، وسيجد كل حزب ممثلا تحــــت قـــــــبة البرلمان، نفسه مجبرا على التموقع تحسبا ليوم الامتحان.ويجد هذا الرأي ما يعززه، إذ بينت تجارب الفترات التشريعية السابقة، والتي تخلى فيها النواب عن مهامهم لحساب البحث عن قبعات حزبية تسمح لهم بالاستمرار في البرلمان لخمس سنوات أخرى، على حساب الاهتمام بانشغالات المواطنين.وخلافا لأحزاب المعارضة، لا تبدو مهمة الموالاة، وخاصة حزب الأفالان، صعبة بالنظر إلى الظروف الملائمة والقوانين التي فصلت على مقاسه، بدءا من قانون الانتخابات المضيّق على باقي التشكيلات الصغيرة، ولجنة مراقبة الانتخابات، التي ستتشكل أساسا من قضاة وشخصيات معينين، ولاحقا قانون الأحزاب، دون إسقاط من الحسبان أن الأفالان هو حزب رئيس الجمهورية والدولة ويحظى برعايتهما! فضلا عن “تأكيدات” الأمين العام للحزب العتيد، عمار سعداني، في مناسبات كثيرة، من أن الرئيس القادم سيخرج من عباءة الأفالان دون سواها، في إشارة ضمنية إلى غريمه في الأرندي، مديـــر ديوان رئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى.ووفقا لهذا المنظور، وكما جرت عليه العادة من قبل، فإن تأمين الأفالان للأغلبية في البرلمان القادم، يعني تكريس للتوجه سالف الذكر، الذي من شأنه أن يعبّد الطريق لخليفة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2019، لقيادة البلاد بأغلبية مريحة وبلا صداع من المعارضة التي تعيش هذه الأيام على وقع “استقطابات واضطرابات” قد تقضي على تحالفها بسبب اختلاف الغايات والطموحات.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات