السلطات الكينية تقدم درسا للوزير ولد علي

+ -

سارعت السلطات الكينية إلى اعتقال ثلاثة مسؤولين عن لجنتها الأولمبية وفتح تحقيق في مجموعة من الفضائح التي ميزت مشاركة الوفد الكيني في الألعاب الأولمبية، في وقت أعلن وزير الشباب والرياضة في الجزائر، الهادي ولد علي، أنه لن يفتح تحقيقا في فضائح المشاركة الجزائرية في الأولمبياد. قدمت كينيا، عن طريق قرار حكومتها بفتح تحقيق مع كبار المسؤولين في لجنتها الأولمبية، رغم إحراز كينيا ست ذهبيات في ريو، درسا لوزيرنا ولد علي، الذي سارع لدفن فضيحة رئيس اللجنة الأولمبية الجزائرية مصطفى برّاف ورئيس الوفد عمار براهمية والعديد من رؤساء الاتحادات الرياضية، كون السلطات الكينية قررت عدم غض الطرف عن تجاوزات خطيرة وتلاعبات مالية وسرقات بما يخالف منطق ولد علي الذي اعتمد سياسة الهروب إلى الأمام، وهو يواجه وابلا من اتهامات الرياضيين والمدربين للقائمين على الرياضة بالجزائر بالفساد.ولم يختلف واقع كينيا عن الجزائر من حيث التلاعبات والفضائح والفوضى واستغلال المال العام وإمكانات الدولة، لجعل التنقل إلى ريو بمثابة رحلة سياحية تشارك فيها عائلات الرسميين. والاختلاف الوحيد، الذي يحدث فارقا كبيرا بين الوفدين الكيني والجزائري، يكمن في حصاد الميداليات، فالرياضيون الكينيون عادوا إلى بلدانهم حاملين 13 ميدالية، منها ست ذهبيات وست فضيات وبرونزية واحدة، بينما اقتصر حصاد الجزائر على رياضي واحد تم استغلاله مرتين للظفر بفضيتين وكفى، لتغطية إخفاق مبرمج وفشل ذريع لمشاركة جزائرية تاريخية في الأولمبياد، استفادت من أكبر ميزانية وشهدت مشاركة “أضخم” وفد.واللافت للانتباه، اختلاف الرؤى بين المسؤولين الجزائريين ونظرائهم من كينيا، هذا البلد الذي يعتبر ضعيفا، مقارنة بالجزائر، من حيث الإمكانات المادية على الأقل، فالمسؤولون في كينيا حرصوا على “المحاسبة” بمقارنة الإمكانات المقدمة مع النتائج المسجلة، وفلسفتهم في ذلك عدم الاعتراف بالتراجع ورفض تثمين الإخفاق، ونبذ تبذير المال العام، ومن ثمة لم يكن المركز الخامس عشر عالميا وتسيد الوفد الكيني للأفارقة في ريو ليشفع للقائمين على الرياضة الكينية أو يجعلهم يفلتون من الحساب، في خطوة ترمي إلى تحذير هؤلاء، ومن يخلفهم في مناصب المسؤولية، على أن التلاعب بالمال العام الذي يقتطع من مال الشعب، تحته خط أحمر.ومن بين ما اعتبرته السلطات الكينية وارتكزت عليه لاعتقال الأمين العام للجنة الأولمبية الكينية، فرانسيس بول، ونائبه، جامس شاشا، ورئيس الوفد، ستيفان أراب سوا، تواجد ضمن الوفد الرسمي المتنقل إلى ريو دي جانيرو، أشخاص تحت غطاء مهام غير واضحة، بشكل يؤكد بأن الرحلة الرسمية تحولت إلى رحلة سياحية بغرض الاستمتاع، على حساب الدولة والشعب، بشواطئ كوبا كابانا، وهو ما ميز رحلة الوفد الجزائري أيضا الذي ضم، ليس شخصيات بمهام غير واضحة، إنما عائلات الرسميين أنفسهم، على غرار عائلة رئيس الوفد عمار براهمية، ومع ذلك لم يكن ذلك ليدفع الهادي ولد علي لفتح تحقيق، بل راح يصرح بأعلى صوته، حتى يسمعه الجزائريون “نعم أخذت عائلتي، فزوجتي تعودت على حضور الأولمبياد وأبنائي كانوا في المدرجات.. ألم تشاهدوهم؟ ما المشكل؟”.الوزير الكيني مطالب بالاستقالة ومحل تحقيق جنائيويشمل التحقيق الكيني، الذي تقابله “زردة” كبيرة في الجزائر واستقبال رسمي للاحتفال بالفشل وبالإخفاق، اختفاء لوازم رياضية وعدم تخصيص تذكرة سفر للبطل العالمي الكيني في رمي الرمح جوليوس ييغو الذي توج بالفضة في ريو، فضلا عن الفضائح الأخرى التي لها علاقة بالاتهامات الموجهة من طرف اللجنة الأولمبية الدولية للرياضيين الكينيين بتعاطي المنشطات، ما يعني، في نظر السلطات الكينية، أن الأمر يتعلق بالدفاع عن سمعة كينيا من خلال محاسبة من ألحقوا بها الإهانة على جميع الأصعدة.وفي الوقت الذي وجد وزير الشباب والرياضة نفسه في منأى عن أية مساءلة، شعر الهادي ولد علي بسلطة تقديرية جعلته يأخذ على عاتقه قرار “عدم المحاسبة” بل وتثمين إنجاز المسؤولين محل الانتقاد وفي مقدمتهم مصطفى برّاف، رئيس اللجنة الأولمبية الجزائرية، وعمار براهمية، رئيس الوفد الجزائري بريو، وعمار بوراس، رئيس اتحادية ألعاب القوى، رغم “صراخ” الرياضيين وتنديدهم بـ«الحڤرة”. ورغم آلام الجزائريين وانتظارهم للحساب، فإن وزير الرياضة الكيني لم يحظ في بلده بهذا “الامتياز”، فقد وجد واريو نفسه في عين الإعصار حين طالبوه بالاستقالة، بينما تم استدعاء الوزير واريو أيضا من طرف قسم التحقيقات الجنائية للاستماع إلى أقواله في إطار التحقيق.تواجد كينيا والجزائر على طرفي نقيض في قضية مشابهة في الفساد الرياضي، يقدم مؤشرات قوية على الرغبة الحقيقية لكل طرف في تطهير الرياضة من الانتهازيين وضمان التألق والبروز مستقبلا للرياضيين، وهو الفرق الشاسع الذي سيفسر حتما، بعد أربع سنوات من الآن، أسباب تحقيق الرياضيين الكينيين في طوكيو حصادا أفضل من ريو وعودة الجزائريين، مرة أخرى، بخفي حنين.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات