اثنتا عشرة ساعة في السماء خلال رحلة ريو ــ الجزائر كانت كافية لمن وجهت لهم سهام الانتقاد، لتبييض صورتهم أمام الرأي العام الجزائري، بشهادة بعض الرياضيين الذين كانوا متواجدين في الأولمبياد، ما يطرح تساؤلات كثيرة حول حقيقة ما جرى طوال الرحلة بين برّاف وبراهمية من جهة والرياضيين من جهة ثانية. شهدت القاعة الشرفية لمطار هواري بومدين الدولي غياب “الضحية البطل” توفيق مخلوفي وحضور، بالمقابل، من وجهت لهم الانتقادات، ومنح المشهد فرصة من ذهب للقائمين على الرياضة في الجزائر لقول ما شاؤوا للإعلاميين ولتدعيم كلامهم بشهادات بعض الرياضيين، على غرار الملاكم محمد فليسي، للترويج لمزاعم “توفير كل الإمكانات”، بهدف تمييع الفضيحة المدوية التي يفترض أن تحدث ثورة في المنظومة الرياضية الجزائرية.رحلة ريو ــ الجزائر لم تكن الفضاء الوحيد للإعداد لـ«المشروع الرياضي” الوحيد في قاموس القائمين على الرياضة في الجزائر، وهو مشروع البقاء في المناصب. فقد وزعت الأدوار في فيلم “بين السماء والأرض”، لم يكن لإخراج هذه الدراما ليقل من حيث الحبكة عما اقترحه المخرج المصري الراحل صلاح أبو سيف، حتى وإن كان إبداع الأخير لم يلق صداه لدى الرأي العام العربي وقتها سوى بمرور نحو عشر سنوات كاملة، ما يعني أن صاحبه سبق زمنه في الإبداع الفني، مثلما سبق أصحابنا في الجزائر زمانهم وزمان غيرهم من حيث الإبداع لدحض محاولات كل الغيورين على الرياضة في مسعى التغيير نحو الأفضل، بشكل يصعب فيه على الرأي العام الجزائري فهم خيوط اللعبة سوى بمرور عشر سنوات أو ربما أكثر.وصول الوفد الجزائري إلى الجزائر ميزه الاستقبال الرسمي لوزير الشباب والرياضة نفسه، وهرع الهادي ولد علي إلى المطار للوقوف على آخر الترتيبات للثناء على المسؤولين الذين فشلوا في جلب “ما تيسر” من ميداليات من ريو، كون الفضيتين الوحيدتين رفضتا الحضور إلى الجزائر، ولم يقاسم توفيق مخلوفي رحلة “التصوير وتوزيع الأدوار” لتغطية فشل المسؤولين، وفضل جعل فرنسا وجهته لتفادي تزكية الفضيحة، وقد جرت العادة أن يبرمج الاستقبال الرسمي للأبطال من الرياضيين ومن المدربين والمسؤولين أيضا على إنجازات حقيقية، ولم يسبق للجزائر تثمين الفشل والعدم والإخفاق.حضور الوزير أمس وغيابه عند وصول منتخب كرة القدم، رغم اعترافه بأن المنتخب الأولمبي تألق في ريو، مؤشر آخر على أن الوزير قبل بسيناريو أعد بإحكام من طرف مصطفى برّاف وعمار براهمية من أجل الاستماتة أمام “الهزة الشعبية”، كون ولد علي، في النهاية، يدرك بأنه لا يعلو شأنا عن أبسط موظف في وزارته وبأنه مجرد إداري في ثوب وزير، ينفذ القرارات التي تملى عليه وفقط، فيما “رضخ” بعض الرياضيين ورفع هؤلاء الراية البيضاء أمام حملة محتملة من برّاف وبراهمية لتغيير الأقوال أمام “المحكمة الشعبية” في الجزائر. تصريحات الرياضيين في مطار هواري بومدين لم تحمل اتهامات خطيرة للمسؤولين حقا، لكن ذلك لا يسقط التهمة عمن تم تكليفه بالتحضير للأولمبياد بميزانية مالية كبيرة، على حسب قولهم، والفضيحة تبقى قائمة والعار سيلاحق من يرفض اليوم الاعتراف بأن فتح تحقيق هو التقدير بعينه الذي نجعله وساما، ليس على صدر مخلوفي فحسب، إنما على صدور كل الجزائريين.كلام براهمية وطريقة مخاطبته للإعلاميين لنقل ما قاله للشعب الجزائري، مؤشر واضح على أن الرجل لم يتضرر من النتائج المخيبة في ألعاب ريو.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات