تحديد العهدات والمستوى الجامعي غائبان في الانتخابات

+ -

تشير التوقعات إلى أن الرؤساء الحاليين للاتحاديات سيبقون في مناصبهم لعهدة انتخابية جديدة مدتها أربع سنوات، ما يعني أن القطيعة مع الفضائح ستكون مؤجلة إلى وقت أخر، إلا إذا أرادت السلطات العمومية التخلي عن سياسة “السلم الاجتماعي” والشعبوية حفاظا على المال العام. تجاهل المرسوم التنفيذي الأخير الذي يضبط تسيير الاتحاديات، تحديد العهدات الانتخابية، ما يعني أن الرؤساء الحاليين يمكنهم تقديم ترشيحاتهم للبقاء في مناصبهم وهم مرتاحون جدا تحت غطاء قانوني، مع أنهم أفسدوا أفراح الجزائريين وسمموا أجواءهم، وأكثر من ذلك أساءوا كثيرا إلى سمعة الجزائر، بعد المشاركة المخيبة في الأولمبياد. وأكملت اعترافات البطل توفيق مخلوفي بحدوث سوء تسيير، حلقة الفوضى التي عاشتها الجزائر في ريو. وكان تحديد العهدات الأولمبية (واحدة فقط) معتمدا في مرسوم سابق، وجاءت صياغته في عهد الوزير عبد العزيز زياري، إلا أن تطبيقه عرف تأخرا إلى أن جاء الوزير الهاشمي جيار الذي استعاد المبادرة، مقررا اعتماد المرسوم، رغم المعارضة القوية التي واجهها وقتها من تكتل رؤساء الاتحاديات، ومارس هؤلاء ضغوطا قوية ضد جيار، لكن هذا الأخير بقي صامدا وقاوم كل الضغوطات، واستطاع تمرير المرسوم الذي سمح بانتخاب رؤساء جدد بعدما عاشت الاتحاديات صراعات كبيرة، بسبب الحسابات الضيقة التي رهنت مصير الرياضيين وقتها. وبدا أن السيناريو السابق أشبه بالسيناريو الحالي، بما أن الفأس وقع على الرأس، بسبب صدمة المشاركة الجزائرية في الألعاب الأولمبية، وسط تقارير جدية تتحدث عن استعداد الرؤساء الحاليين للاتحاديات لتقديم ترشيحاتهم لعهدة أولمبية جديدة، مستغلين إمكانيات الاتحاديات لإجراء حملاتهم الانتخابية. وهؤلاء “المرشحون” أعدوا التكتيكات المناسبة تحضيرا للانتخابات لكسب أصوت ترجح كفتهم في الانتخابات، بنحو تجرى العملية القادمة على المقاس من خلال إغراء الرابطات والأندية بالمساعدات لشراء ذمم ممثليهم في الجمعيات العامة للاتحاديات، معلنين غلق الانتخابات القادمة قبل بدايتها.المال العام تحت رحمة عديمي الشهاداتلم يشترط المرسوم الأخير المستوى الجامعي للترشح لمنصب رئيس الاتحادية، بعدما كان مطلوبا وتم الإلحاح عليه في المراسيم السابقة، ويعني إلغاء شرط المستوى الجامعي وضع المال العام في يد أشخاص لا يفقهون شيئا في التسيير، كما يعني أن المعرفة لم تعد مقياسا لحسن التسيير، مع أن الوقت الراهن يتطلب ترشيد النفقات في زمن التقشف.الاستقلالية لا تعني الصمت حيال النهبيكرس المرسوم أيضا استقلالية الاتحاديات في التسيير، وتمثل الاستقلالية خطرا على المال العام إذا أسيء فهما وما لم يخضع التسيير للمراقبة والتفتيش. واستجاب المرسوم، على ما يبدو، للوائح الاتحاديات الدولية التي تحذر من تدخل السلطات العمومية في تسيير شؤون الاتحاديات، وغالبا ما يلوح رؤساء الاتحاديات في الجزائر باللجوء إلى الهيئات الدولية عندما يشعرون بالضغوط من جانب الوزارة، لكن رؤساء الاتحاديات يتجاهلون أن السلطات العمومية هي من تمول نشاطات الاتحاديات، وبناء على ذلك، تبقى الوزارة من حقها ممارسة دورها وصلاحياتها في مراقبة الأموال ومقاضاة المسؤولين عن التجاوزات.قطع طريق الترشح أمام الفاسدينيجر سوء التسيير في الاتحاديات إلى الحديث عن وجوب قطع الطريق أمام الرؤساء الحاليين للاتحاديات للترشح لعهدة انتخابية جديدة، مثلما فعل الوزير السابق محمد تهمي، عندما اضطر إلى نقل قضايا عدة حول التجاوزات إلى العدالة. وفي فترته، أيضا، تم منع العديد من رؤساء الاتحاديات من الترشح للعهدة الحالية، بعد ثبوت تورطهم في سوء التسيير، رغم أن المرسوم فتح الباب لتعدد العهدات، فوجد الوزير نفسه أمام خيار تهديد رؤساء الاتحاديات إما بالكشف عن تجاوزاتهم أمام العدالة أو الامتناع عن تقديم ملفات ترشيحاتهم. واستطاع الوزير أن يمنع العديد من رؤساء الاتحاديات من تقديم ترشيحاتهم تحت سيف التهديد بكشف أسرار تسييرهم، وأطلق تهمي وقتها حملة تفتيش على مستوى الاتحاديات قبل انطلاق انتخابات الاتحاديات التي عاشت حالة استنفار كبير. واستطاعت هذه اللجان أن تضع يدها على العديد من النقاط السوداء في التسيير، واحتفظت الوزارة لنفسها بنتائج التفتيش قبل أن توظفها بطريقتها لمنع رؤساء الاتحاديات، ممن تورطوا في سوء التسيير، من دخول سباق الانتخابات للبقاء في مناصبهم.رؤساء اتحاديات.. إطارات في خدمة أشخاص نافذينتحول رؤساء الاتحاديات في العهدة الأولمبية الحالية إلى مجرد أدوات في خدمة أشخاص نافذين في مراكز اتخاذ القرار. وارتباط وظائف رؤساء الاتحاديات بالوزارة التي يشغلون فيها مناصب إطارات، حال دون تمكن رؤساء الاتحاديات من لعب دورهم الحقيقي في نشر الغسيل علنا متى يريدون، فهؤلاء يتكتمون ويتسترون على الفضائح خوفا على مستقبلهم المهني، بما أن رواتبهم تدفع لهم من قبل الوزارة. فالعديد من رؤساء الاتحاديات يعدون إطارات، ما يجعلهم غير قادرين على أداء واجبهم وخادمين فقط لأصحاب القرار بنحو لا يمكن فهم العلاقة بينهم إلا برغبة رؤساء الاتحاديات في نسج علاقات مع أصحاب القرار، تكون فيها قضاء المصالح الشخصية أولوية أو بالأحرى علاقات عنوانها “هنيني نهنيك” تضمن مواصلة نهب المال العام في صمت.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات