هزيمة "داعش" في سرت ليست نهاية الأزمة في ليبيا

+ -

 يثير قرب هزيمة تنظيم “داعش” في مدينة سرت الليبية، بعد تحقيق قوات البنيان المرصوص تقدما ميدانيا كبيرا، مخاوف متنامية من تحول النزاع إلى جبهات جديدة، لاسيما مع استفحال الخلاف حول الثروات النفطية بين القوات الموالية لحكومة فائز السراج والجيش الوطني بقيادة اللواء خليفة حفتر، موازاة مع المخاوف التي يثيرها تشتت عناصر “داعش”، وتسرب العديد منهم إلى أوروبا ودول الجوار الليبي.يحدث ذلك، في وقت أعيد إلى السطح طرح خيار سيف الإسلام القذافي، الذي ظل لمدة طويلة رهين قوات الزنتان، والذي أضحى يمثل عنصرا في المعادلة السياسية الليبية، وهو ما يدفع خبراء إلى التأكيد على أن أحد أسباب بقاء ابن الرئيس معمر القذافي على قيد الحياة، رغم صدور أحكام بإعدامه، يرجع إلى دعم قوى سياسية واجتماعية وقبلية لخيار جعل القذافي عنصرا من عناصر الترتيبات السياسية، رغم اعتبار قوى مناوئة بأن سيف الإسلام يظل من رواسب النظام السياسي السابق الذي تم القضاء عليه بعد ثورة 2011، ويعد إصرار ميليشيات الزنتان على عدم تسليم سيف الإسلام إلى طرابلس مؤشرا على رغبة أطراف سياسية في منح سيف الإسلام دورا ما في الترتيبات التي يراد اعتمادها.في هذه الأثناء، يبقى المشهد العسكري جد متقلب في ليبيا، فمن جهة تتواصل المعارك على جبهة سرت، مع مؤشرات تقدم كبير لقوات البنيان المرصوص، دون أن يكون الحسم كاملا، لكن تراجع عناصر تنظيم “داعش” يفتح الباب أمام تسرب العديد من عناصره إلى وجهات كثيرة منها أوروبا، وأيضا إلى دول الجوار، فانحصار تنظيم “داعش” في ليبيا يضع أوروبا في خطر، وذلك من خلال نزوح عدد من العناصر التابعة للتنظيم إلى القارة العجوز، باعتبارهم أوروبيين، أو بطرق غير شرعية، ما دفع أوروبا إلى اتخاذ خطوات حاسمة في حماية الحدود البحرية سواء عبر عمليات فرانتاكس أو التنسيق الأمني والاستخباراتي، ولكن المخاوف تمتد أيضا إلى دول الجوار، فالحملة التي يشنها التحالف الدولي بما فيها الولايات المتحدة، على تنظيم “داعش” في ليبيا، ستجبر التنظيم على الانتقال إلى المناطق الأقرب، خاصة أنها تضم الكثير من عناصر دول الجوار، وهو ما يوسع من دائرة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة.على صعيد متصل، تثار مخاوف أيضا من استفحال الصراع والتجاذب القائم بين قوات حكومة السراج والجيش الوطني بقيادة حفتر، حيث هددت ما يعرف بـ«غرفة عمليات طرابلس” التابعة للقيادة العامة للجيش الليبي في شرق ليبيا، بإسقاط أي طائرة تقترب من قاعدة الوطية المعروفة باسم “عقبة بن نافع” الجوية، ما يضع احتمالات اندلاع مواجهات جديدة بين الجيش الذي يقوده خليفة حفتر والقوات الموالية لحكومة الإنقاذ الوطني في غرب ليبيا برئاسة فائز السراج قائمة.وجاء رد الفعل من الجيش الوطني الليبي بعد إعلان غرفة “عملية البنيان المرصوص” عن الشروع في تنفيذ طلعات استطلاعية تغطي المنطقة الوسطي بالكامل حتى أقصي الجنوب الليبي، وفي المنطقة الغربية حتى معبر رأس جديد والحدود الليبية ­ التونسية، وهو ما اعتبر تجاوزا لحدود غير مرسومة ولكنها قائمة في الميدان بين حكومتي الشرق والغرب في ليبيا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات