+ -

يعبر مسؤولو الاتحاد الأوروبي عن نظرة بالغة القلق حيال الأوضاع السياسية في الجزائر والمخاطر الأمنية التي تحدق بها، رغم مواقفهم العلنية المناقضة لذلك، والتي تتخذ في معظمها طابعا دبلوماسيا، يراعي عدم إغضاب السلطات الجزائرية التي تتحسس للغاية من أي نقد يأتيها من الخارج. تكشف التصريحات التي أدلى بها مسؤول أوروبي لموقع “بوليتيكو” الأمريكي، حقيقة ما يراه الاتحاد الأوروبي عن الأوضاع في الجزائر، وهي تكاد تتطابق مع ما كان قد ذكره عدة مسؤولين أوروبيين لوفد من الصحافة الجزائرية، بينهم “الخبر”، خلال زيارة للعاصمة الأوروبية بروكسل في ديسمبر 2014، أشهرا فقط بعد إعادة تولي الرئيس بوتفليقة عهدة رابعة.وكعادتهم، يتحدث المسؤولون والنواب الأوروبيون للصحافة لما يريدون انتقاد الوضع في الجزائر بهويات غير مكشوفة، تجنبا للإحراج الذي قد يقعون فيه، لكنهم مع ذلك يتحدثون لتمرير رسائلهم إلى  الجانب الجزائري، الذي لا يحب أن يسمع كما يقولون إلا الأمور الإيجابية عن الجزائر، رغم أن الأوضاع في نظرهم ليست كذلك.هذا ما يبينه مسؤول المفوضية الأوروبية على موقع “بوليتيكو”، عندما يقول إن ثمة استعدادا لدى الاتحاد الأوروبي لإقامة برنامج استثمارات كثيف في الجزائر، لكن ذلك تعرقله، بحسبه، حالة الانسداد السياسي الني تعيشها البلاد. وهذا الانسداد يشير بصراحة إلى  أنه يتمثل في الوقت الراهن في بقاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على رأس الجزائر.ويذهب المسؤول إلى  أن الاتحاد الأوروبي ينتظر “موت الرئيس” أو “حصول تغيير في الحكومة” من أجل معاودة التفاوض مع الجزائر، كما أن الاتحاد الأوروبي يتخوف، حسبه، في ظل الظروف الحالية في الجزائر، من سقوطها في يد القاعدة أو داعش. وشتان بين هذا الخطاب وأوصاف “القوة الإقليمية” التي تطلق على الجزائر علنا عند التحدث عن مكافحة الإرهاب.وقد سبق لمسؤولين أوروبيين أن عبروا لوفد الصحافة الجزائرية عن نفس القلق من الأوضاع في الجزائر، حيث ذكروا أن ما يقلقهم هو آلية صنع القرار في البلاد، ومن يتخذه، في ظل مرض الرئيس بوتفليقة، الذي قالوا إن همهم الأكبر هو المرحلة التي تلي رحيله خوفا من انزلاق الوضع إلى  المجهول وما قد يسببه ذلك من تداعيات مباشرة على أمن المنطقة.ويبدو البرلمانيون الأوروبيون، في خضم ذلك، أكثر السياسيين صراحة نظرا لتحررهم من اللغة الدبلوماسية، رغم تحفظهم على ذكر أسمائهم. وقد ذكر أحدهم، وهو إيطالي ممن يوصفون بأنهم أصدقاء الجزائر، أن الوضعية السياسية في الجزائر صعبة لأن “إعادة انتخاب الرئيس بوتفليقة شكل بالنسبة إلينا انتقالا ديمقراطيا غير مكتمل”.وعندما يصرح المسؤول الأوروبي لموقع “بوليتيكو”، بأن الاتحاد ينتظر رحيل بوتفليقة وتبين المآلات بعده، لتجسيد اتفاق مع الجزائر للاستثمار فيها بهدف تنويع مصادره من الطاقة خاصة الغاز للتخلص من الهيمنة الروسية، فإنه يكاد يكرر ما كان قد قيل للوفد الصحفي بأن الشركات الأوروبية أصبحت عازفة عن الاستثمار في مجال الطاقة في الجزائر بسبب مخاوف من مستقبلها السياسي والأمني. ويقول دبلوماسي أوروبي متخصص في الشأن الجزائري، بوضوح في مسألة فشل المناقصة الجزائرية الرابعة لاستكشاف البترول التي طرحتها الجزائر: “المناقصة الأخيرة لم تنجح لأن المستثمرين لديهم الكثير من الشكوك حول الوضع في الجزائر. بصراحة هناك قلق كبير من مرحلة ما بعد بوتفليقة، لأن الجزائر بلد مهم”.وفي حينها، تسببت تلك التصريحات في غضب الخارجية الجزائرية التي وصفت بعض مسؤولي الاتحاد الأوروبي، من غير السياسيين، المتحكمين في ملفات العلاقات بين البلدين، بـ”التكنوقراط الظلاميين”. وفي هذه المرة، تولى سفير الجزائر في العاصمة الأوروبية بروكسل، عمار بلاني، الرد قائلا إنه “من الفظاعة التصور بأن الجزائر يمكنها أن تقع في يد داعش أو القاعدة”.وأوضح بلاني، في رسالة تلقت “الخبر” نسخة منها، أن العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي دائمة متماسكة في ميدان الطاقة، وهي ذات طبيعة استراتيجية، وهي أكبر من التكهنات غير الموضوعية لمصدر أوروبي فضل أن يتكلم في المجهول لإراحة نفسه.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات