الجزائر في قلب صراع حول إدارة "مساجد فرنسا"

38serv

+ -

أدرج اسم الجزائر في جدل واسع لم ينته أثير في فرنسا، مؤخرا، يتعلق بترؤس “مؤسسة الأعمال الإسلامية بفرنسا”، على خلفية تمويل المساجد على الأراضي الفرنسية. وخلص الجدل، الذي نتج عن ضغوط مارستها أحزاب فرنسية، باقتراح الرئيس الفرنسي وزير الداخلية سابقا جان بيار شوفينمان لإدارة المؤسسة. الجهات الضاغطة تعتقد أن الجزائر من بين الدول التي تموّل المساجد، وبالتالي تمتلك حق القرار. تجد الجزائر نفسها في كل جدل يثار في فرنسا حول الإرهاب أو الإسلام، مُقحمة غصبا.. فيشار إليها بالأصابع من “اليمين” و”اليسار”. وقد ذكر اسم الجزائر في قضية تمويل المساجد التي يطغى الحديث عنه في باريس، خصوصا وأن جهات معينة تشتغل في هذا الاتجاه لتوهم الرأي العام الفرنسي بأن “الإرهاب قد ينبع من المساجد بسبب التمويل الخارجي”.وأول مسؤول فرنسي فتح هذا الباب من الاتهامات، هو رئيس بلدية “توركوان” جيرالد دارمانين، العضو في حزب الجمهوريين الذي يتزعمه الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، الذي قال في تصريحات صحفية بأنّه “رغم أن مسجد باريس قد شيّدته الدولة الفرنسية في 1920، إلا أن الحكومة الجزائرية تتكفل بدفع جزء كبير من فواتيره، وبالتالي من يدفع هو من يقرر في بيوت العبادة”.الجزائر متهمة..ويُعاكس هذا التصريح، مضمون تقرير للبرلمان الفرنسي الذي كشف بأن الجزائر تصنف الأضعف ضمن الدول التي تمول المساجد، بحوالي 2 مليون أورو، وهذا في مقابل المغرب الذي يدفع 6 ملايين أورو، أما تركيا فميزانيتها مفتوحة. ومع ذلك لم يشر إلا للجزائر في قضية تمويل المساجد، رغم الفرق الشاسع الذي بينها وبين المغرب وتركيا.ومن كثرة الضغط الممارس على السلطة في فرنسا، خرج الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند محاولا وضع حد للجدل، الذي بدأ يأخذ أبعادا خطيرة تتعلق بـ”الإسلام” و”المسيحية”، فاقترح ترشيح وزير الداخلية سابقا جون بيار شوفنمان، لإدارة مؤسسة الأعمال الإسلامية بفرنسا، وذلك فرضا لشخصية علمانية تماشيا مع قوانين الجمهورية، وإبعادا لشخصية إسلامية.وفي مقابلة أجراها جان بيار شوفنمان، أول أمس، مع الصحيفة الفرنسية “لو باريزيان”، أعطى التّصور الذي تضعه الحكومة الفرنسية لمؤسسة الأعمال الإسلامية بفرنسا، كما طرح شرطين لإمكانية إدارة المؤسسة دون متاعب. مشيرا إلى أن “المهمة تشمل المصلحة العامة بشكل لا يسمح لأي مسؤول بالتهرّب منها، خصوصا حين يتعلّق الأمر باحترام حرية عبادة المسلمين، وعلمانية ومبادئ الجمهورية”.ولا يريد وزير الداخلية سابقا، حسب حديثه للصحيفة، أن “يتسبب ترشحي في إثارة مشاكل غير قابلة للحل، تجبرني على الانسحاب، خصوصا وأن القضية تتعلق بإدارة المساجد قد تصطدم بمواقفي الخاصة، وأبزرها ضرورة منع التمويل الأجنبي لبناء المساجد بفرنسا، من أجل أن تسير الأمور في كنف الشفافية”. وهذا الجزء من كلامه يتماشى مع الاتهامات التي تساق ضد الجزائر بتمويلها المساجد وامتلاكها حق القرار فيها.30 إماما يتدربون على “مبادئ العلمانية”ولم يخف شوفنمان، الذي تربطه علاقات طيبة مع الجزائر، أن أول خطوة يرغب في تنفيذها حالة ترؤسه مجلس مؤسسة الأعمال الإسلامية بفرنسا، المبادرة إلى “تدريب الأئمة وتعزيز المشاريع الثقافية الهادفة إلى التعريف بشكل أفضل بالحضارة الإسلامية”.وفي هذه الجزئية، علمت “الخبر” من مصادر موثوق فيها، أن “30 إماما جزائريا يتلقون تكوينا عاليا بدار الإمام في المحمدية بالعاصمة، تحضيرا لإرسالهم إلى فرنسا لإمامة مساجد فيها. ومن أبرز ما يتكوّن فيه هؤلاء مبادئ العلمانية، حيث يتحصلون بعد التكوين على شهادة في العلمانية، ولا ينتدبون إلى فرنسا إلا بعد التأكد أنهم تعلموا خصوصيات المجتمع الفرنسي”.وهذا بالضبط مع ذهب إليه جان بيار شوفنمان في الحوار الصحفي، عندما خاض في شق تدريب الأئمة، قائلا: “ينبغي تعليمهم مفهوم المواطنة الفرنسية، وحتى اللغة الفرنسية في أقصى الحالات، والمبادئ العامة للقانون، على الأقل تلك التي تنظّم العلاقات بين الدين الإسلامي والسلطات العامة”.وأظهر شوفنمان رغبة من الحكومة الفرنسية في إقامة “جدار عازل” لوقف التمويل الأجنبي للمساجد. موضحا بأنه “ضروري أن يكون إسلام فرنسا قادرا على التطوّر بتمويلات فرنسية، أو في كل الأحوال، إرساء آلية للشفافية في ظل غياب أي أثر من جانب المانحين، بشكل تكون فيه مؤسسة الإسلام الجديدة الهيئة الوحيدة التي تمتلك صلاحية اختيار وتحديد المشاريع”.عموما، في فرنسا “العلمانية” المساجد فيها مثل الكنائس والمعابد اليهودية وأي دور عبادة أخرى، ليس لها قانونيا أخذ أي تمويل حكومي، وبالتالي التمويل الوحيد لدور العبادة يتصل بالتبرعات الخاصة من الأفراد والمنظمات الخيرية. وهو إطار عمل يشجع رأس المال الأجنبي في المقام الأول، طبقا لتقرير البرلمان الفرنسي.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات