رسائل ڤايد صالح إلى الجزائريين.. والخارج

+ -

أجمعت قراءات عدد من الخبراء الجزائريين على أن خطاب قائد الأركان نائب وزير الدفاع الوطني، الفريق أحمد ڤايد صالح، من وهران، “يكتسي طابعا سياسيا بامتياز”، وجاء للرد على تساؤلات بعض السياسيين وعلى تقارير أجنبية تشكك في قدرات الجيش الوطني الشعبي على كسر شوكة الإرهاب، فضلا عن احتوائه على “طمأنة” للرأي العام الوطني من فعالية القوات المسلحة في إحباط أي عدوان إرهابي أو خارجي على البلاد.في هذا الصدد، أوضح الخبير في الشؤون العسكرية، العقيد المتقاعد رمضان حملات، أن خطاب الفريق أحمد ڤايد صالح موجه إلى العسكريين ومكونات الطبقة السياسية والرأي العام الوطني والدولي، على اعتبار أن الفريق ڤايد صالح مسؤول بقبعتين، عسكرية وسياسية بحكم منصبه كقائد لأركان الجيش ونائب وزير الدفاع الوطني.وأضاف ذات المتحدث في اتصال مع “الخبر”، أن ڤايد صالح بعث برسالة مشفرة إلى الشعب الجزائري والسياسيين، ردا على مزاعم بوجود تقصير في مكافحة الإرهاب وردت على ألسنة بعض رموز المعارضة، نقلا عن مضامين تقارير أجنبية تحاول زرع الشكوك في المجهودات التي تبذلها القوات المسلحة بمختلف تشكيلاتها ومعها أسلاك الأمن والمخابرات، لتطويق تهديدات بقايا الجماعات الإرهابية داخل البلاد ومن وراء الحدود مع كل من تونس وليبيا ومالي والنيجر وموريتانيا.وأورد الخبير في الشؤون العسكرية، رمضان حملات، أن كلام ڤايد صالح انطوى على إجابات واضحة لا تحتمل أي تأويل لتساؤلات طرحت في الساحة الوطنية مؤخرا، على خلفية تقرير الخارجية الأمريكية حول الوضع الأمني في الجزائر، والذي رسم لوحة سوداء عن مستقبل الجزائر على الصعيد الأمني، فضلا عن إطلاق تحذيرات للأمريكيين بتوخي الحيطة واليقظة لدى سفرهم إلى الجزائر.برأي ذات الخبير، فإن اعتاد الجزائريون على تقارير تصاغ حسب اتجاه رياح المصالح الغربية بوجه عام والأمريكية خصوصا، خدمة لأجندة تحمل في طياتها استفزازا وابتزازا وتخويفا لدفع القيادة الجزائرية لتقديم تنازلات في قضايا جهوية ودولية، مثلما هو الحال مع الانتقادات التي وجهتها الجزائر إلى الإدارة الأمريكية بسبب تواجد قواتها في جنوب تونس، وأيضا القصف الأمريكي على مواقع ليبية مؤخرا.ويتابع حملات، مصنفا كلمة نائب وزير الدفاع الوطني، في سياق طمأنة الرأي العام الوطني من أن استقرار البلاد وأمنها بخير بفضل النتائج المحققة ميدانيا في شكل عمليات استباقية ونوعية، وتأكيد واضح على أن الجيش الوطني الشعبي مرفوقا بأسلاك الأمن الأخرى، أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من استئصال كامل لجذور الإرهاب من التراب الجزائري.كما أشار إلى أن من الرسائل التي حرص قائد أركان الجيش الوطني الشعبي أيضا على إيصالها، إسقاط الفرضية التي تتحدث عن تسلل إرهابيين “داعش” من ليبيا إلى الجزائر، معتبرا أن الجيش هو الدرع الواقي للمواطنين، ويتحرك وفقا لخطط دفاعية فعّالة حققت لحد الآن ما كان ينتظر منها في شكل تحييد لعشرات الإرهابيين والمهربين، وأكثر من ذلك تدمير المخابئ ومصادرة كميات معتبرة من الأسلحة والذخيرة على الحدود الجنوبية، مشيرا إلى حصيلة نشرتها مجلة “الجيش” مؤخرا، أفادت فيها بتحييد 149 إرهابيا منهم 99 تم القضاء عليهم، إضافة إلى توقيف 50 إرهابيا وكذا 77 عنصر إسناد خلال النصف الأول من السنة الحالية.وعن سر اختيار ڤايد صالح هذا التوقيت بالذات للحديث عن حقيقة الوضع الأمني في البلاد، قدّر بأن الأمر جاء بعد المناورة البحرية التي شهدتها الواجهة البحرية والتي، يوضح حملات، بأنها جاءت لتبعث بإشارات تحذير لدول الجوار وغيرها، بالقدرة على الضرب والرد في الوقت المناسب على أي عدوان أو تهديد خارجي آت من البحر، علاوة على أنه تأكيد على مستوى كفاءات القوات البحرية على التعامل مع الأسلحة والمعدات القتالية المتطورة.الاعتماد على الذاتوردا على سؤال حول القدرات الأمنية والعسكرية المحشودة للتصدي لأي خطر من الجنوب ومن ليبيا، في ظل ما نشرته جريدة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أكد العقيد المتقاعد رمضان حملات أنه يتوجب على الجزائر الاعتماد على إمكانياتها وعدم انتظار أي مجهود من دول الجوار، إذ باستثناء تونس التي ترتبط بالجزائر بتعاون أمني وثيق، فإن باقي دول الجوار (موريتانيا ومالي والنيجر وليبيا) لا تستطيع الوفاء بأي التزام في هذا المجال بسبب افتقارها للقوة الكافية للدفاع عن أراضيها ومواجهة الإرهابيين وعصابات الجريمة المنظمة، زيادة على انتشار الفوضى في أقاليمها الحدودية بسبب غياب نفوذ الدولة هناك.من جانبه، اعتبر المتابع للشأن الأمني والعسكري، أكرم خريف، في اتصال مع “الخبر”، أن خطاب الفريق أحمد ڤايد صالح “خطاب سياسي بامتياز، موجه للشعب الجزائري وللطبقة السياسية، وجاء متزامنا مع دخول قانون واجب التحفظ للإطارات العسكرية المتقاعدين حيز التطبيق”.ويعتقد خريف أنه وعلى الرغم من أن الجيش الوطني الشعبي تمكن من الانتصار عسكرياً على الإرهاب، “فإنه ليس من مهام رئيس الأركان إعلان الانتصار، لأن لهذا الإعلان أبعادا اقتصادية واجتماعية وسياسية، وأن لظاهرة الإرهاب في الجزائر ماضيا وحاضرا وحتى مستقبلا افتراضيا، خاصة مع اقتراب الخطر القادم من الخارج من حدودنا”، والذي أصبح يعرف، منذ سنوات قليلة، باسم “داعش” المتحصن حاليا في ليبيا أو في سوريا والعراق، مستبعدا فرار إرهابيي هذا التنظيم في ليبيا إلى داخل الأراضي الجزائرية، مرجحا أن يكون ذلك باتجاه السودان وتشاد.وعن أعداد الإرهابيين الذين لا يزالون يتحصنون في مخابئ في الجبال، والذين تعهد ڤايد صالح بالقضاء عليهم بعد أن وصفهم بالجرثومة، أشار ذات الخبير إلى أن “عددهم يتراوح ما بين 400 و700 إرهابي”. وعن عصرنة الجيش، فإن أكرم خريف يسجل تطورا في هذا المجال، لكن مقابل ذلك يوجد نقص في العتاد الموجه لحماية الجنود.أولوية حماية المصالح الحيويةوفي ذات السياق، يشاطر الباحث في الشؤون الجيوسياسية، صالح بن طبولة (مقيم بفرنسا) رأي أكرم خريف حول تأثير التهديدات الآتية من ليبيا، مستبعدا في هذا الإطار انخراط قوى غربية في الحرب على الإرهاب، في ظل الأزمات والاضطرابات ومخططات تفتيت البلدان.وبرأيه، فإن لدى “الجزائر كل الإمكانات لتصبح لاعبا أساسيا في تحقيق التوازن في المغرب العربي والساحل بفضل تجربتها العسكرية والأمنية في مكافحة الإرهاب، وذلك بفضل قدرتها على التكيف، حماية لمصالحها الحيوية والجيوسياسية والإقليمية”، منبها بأن الخطر الإرهابي لا يزال قائما بسبب استمراره في ليبيا ومصر وتشاد والنيجر.      

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات