البلاد الجزائرية لا تعاني من قلة الموارد المرصودة للتنمية بل تعاني من سوء إدارة هذه الموارد. والدليل على ذلك ما يأتي:1-في قطاع السكن مثلا، تتحدث الأرقام عن وجود ما لا يقل عن 2 مليون سكن اجتماعي وترقوي و”عدل” تحت تصرف السكنة. وهي مساكن ملك للدولة، ويدفع المواطن لقاء استعمالها أجرة سنوية لا تقل عن 300 دولار للشقة الواحدة. أي أن هذه المساكن كعقارات، تدر على قطاع السكن مبالغ معتبرة وبصورة دائمة وثابتة أو حتى متطورة إلى الأحسن. وبعملية حسابية بسيطة، فإن مداخيل قطاع السكن من السكن الاجتماعي وشبه الاجتماعي كعقار ملك لهذا القطاع، تصل إلى قرابة الـ5 مليارات دولار سنويا ككراء هذه المساكن للمواطنين.وإذا فرضنا أن عمليات إدارة شؤون هذه الثروة العقارية تكلف القطاع مليار دولار، فإن 4 ملايير دولار الباقية يمكن أن تغطي الاستثمارات السنوية في هذا القطاع، بمعدل بناء ما لا يقل عن نصف مليون شقة سنويا. وهذا معناه أن المبالغ العائدة من الوعاء العقاري للسكن الاجتماعي الموجود حاليا يمكن أن تقوم بتمويل القطاع دون الحاجة إلى تدخل الدولة باستثمارات جديدة. بشرط ألا تستولي الدولة على عائدات هذا القطاع لاستغلالها في مجالات أخرى غير السكن. وبتعبير آخر، فإن الاستثمارات التي حصلت في هذا القطاع ينبغي أن تترك له ليتحول إلى قطاع منتج للثروة السكنية العقارية بصورة تلقائية ودائمة. لكن سوء التسيير، والسطو على عائدات هذا القطاع وتحويلها إلى قطاعات أخرى، هو الذي أحدث الكارثة ويحدثها في تمويل قطاع السكن منذ 1962.تصوروا عائدات العقارات من الأملاك الشاغرة التي تركها المعمرون سنة 1962 لو تمت عملية استثمارها بكفاءة، لو تم ذلك لما احتجنا إلى تحويل أموال البترول للاستثمار في بناء المساكن. المعمرون تركوا حوالي نصف مليون سكن، لو تم استثمار عائداته في تنمية القطاع لما عرفنا أزمة السكن أصلا.2- نفس الصورة في قطاع الفلاحة، لو تم استغلال ملايير الهكتارات التي تركها المعمرون بعقلانية ورشادة اقتصادية، لتوفرت لنا الأموال لاستصلاح ملايين الهكتارات الأخرى.. لكن الذي حدث أننا عبثنا بما تركه “الكولون”.. واليوم نعبث أيضا بالاستصلاح الذي وفره مال البترول.والأمر نفسه ينطبق على الصناعة والتجارة، وإلى حد ما التعليم والصحة.. فالأزمة أزمة تسيير وليس أزمة إمكانات. ومادامت السلطة لم تفهم هذه القضية ولم تحل معضلة سوء التسيير السياسي والاقتصادي للبلاد، فلا أمل في انفراج الأزمة، حتى لو لم ينخفض سعر البترول[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات