تتواصل في أغلب شواطئ ولاية بومرداس عملية الاستنزاف والنهب لرمال البحر، من طرف شبكات منظمة استقوت بصمت السلطات الذي ينبئ بتواصل الظاهرة بشكلها الحالي، وتتحوّل بالتالي إلى كارثة بيئية وإيكولوجية ستكون عواقبها وخيمة على مستقبل العديد من القطاعات في الولاية.أبانت الجهات الوصية عن عجز كبير في مكافحة ظاهرة نهب رمال البحر من طرف عصابات مافياوية، على حد وصف العديد من المواطنين، بعد أن أخذت الظاهرة أبعادا خطيرة، باستعمال الجرافات في عملية النهب لرمال الشواطئ، حيث دأبت ومنذ مدة هذه العصابات إلى التكثيف من نشاطها، في غياب السلطات، مدنية كانت أو أمنية.المكان شواطئ زموري شرقي ولاية بومرداس، التوقيت مباشرة مع بداية الليل، ككل ليلة ومنذ أزيد من سنتين يتحوّل الشاطئ، من زموري إلى غاية بلدية لڤاطة، وبالضبط على مستوى غابة الشويشة، إلى أكبر سوق للرمال المنهوبة، أين تتجمع العشرات من الشاحنات ومعها عشرات الجرافات لنهب رمال الشاطئ.العملية تتم تحت جناح الليل، فالمكان لا تصله السلطات الأمنية بالرغم من علمها بالقضية، “المكان كان يعج بالإرهاب، ليغطي هذا العامل على عدم تدخل السلطات في المكان”.ويقول أحد السكان من قرية الحاج احمد، واصفا عملية النهب “إن الجرافات ملك لبارونات، البعض يملك شاحنات، والبعض الآخر لا يملك سوى الجرافات يقوم ببيع الرمال.. لقد تم اقتسام الشاطئ، فكل بارون له مساحة في الشاطئ، والاقتتال بين البارونات في بعض الأحيان على مساحات الشاطئ يجعلنا نعتقد أننا نعيش في غابة وليس في دولة، تستعمل كل أنواع الأسلحة، ويخلف الاقتتال مصابين، لكن لا أحد يتدخل”.رواج كبير لتجارة الرملتعرف تجارة رمال البحر رواجا كبيرا، وحسب ما أورده مواطنون من زموري، فإن توقيف نهب رمال وادي سيباو ببغلية أنعش نهب رمال البحر وازدادت معه الأسعار، ومع تزايد الأسعار تزيد حدة الصراع والنفوذ على الشواطئ ويزداد معها أيضا التهديد ضد كل من يريد التعرض إلى الظاهرة أو توقيفها.عملية النهب الممنهج، يقول السكان، تتم بعلم السلطات، لكن شوكة المافيا استعصت على هؤلاء لتشعب المتدخلين في العملية. وبعد مرور وقت وجيز وعلى مستوى قرى لڤاطة وداخل مدينة زموري، يذهل الغريب عن الديار من الأعداد الكبيرة للشاحنات التي تمر داخل مدينة زموري، بالرغم من النقاط الأمنية الكثيرة المنتشرة في المكان.ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي نشروا مؤخرا العديد من الفيديوهات لعشرات الشاحنات المقطورة لمافيا رمال البحر، وهي تمر وسط مدينة زموري، وفي البعض الآخر نرى صورا لجرافات في الموقع، لكن السلطات لم تحرك ساكنا لإعلان الحرب على هذه الظاهرة، لأسباب تبقى مجهولة، بالرغم من الأخطار التي يسببها تواصل هذا النوع من النهب.مافيا الرمال تجني أزيد من ربع مليار في الليلة الواحدةوقالت مصادر من بلدية لڤاطة إن جهات حركت الفلاحين والمواطنين محسوبة على عدد من البارونات لمنع فتح شاطئ مندورة، المغلق منذ تسعينيات القرن الماضي. لكن وحسب محدثينا، فإن ما يحدث في شواطئ الولاية من رأس جنات إلى غاية بودواو البحري، لا يضاهيه ما يحدث في شاطئي الشويشة والخروب الواقعين على مستوى قرية الحاج احمد بزموري. حيث وحسب ما أفاد به محدثونا، فإن عملية النهب تتم تحت وصاية بارونات معروفين من المنطقة، يجنون ما قيمته أزيد من ربع مليار سنتيم في الليلة الواحدة بفضل عمليات الاستنزاف هذه.وقدر هؤلاء عدد الشاحنات التي تملأ بالرمال من هذه الشواطئ بأزيد من 200 شاحنة في الليلة الواحدة، لتتحول هذه المناطق ابتداء من غروب الشمس إلى غاية الفجر إلى أكبر سوق غير شرعي لرمال البحر، موضحين بأن الأسعار المعتمدة تتراوح بين 10 آلاف دينار و20 ألف دينار للشاحنة الواحدة، وذلك بحسب حجم الشاحنة، نصف مقطورة إلى مقطورة.ويطرح تحول مناطق بشاطئ الخروب بزموري إلى مرملات بادية للعيان، ووصول هذه الشاحنات مملوءة برمال البحر إلى غاية وجهتها في ولايات مجاورة، كالعاصمة وتيزي وزو دون توقيفها في الحواجز الأمنية المنتشرة بالطرقات الوطنية والولائية، أكثر من سؤال عن الجهة الراعية لهذا النشاط غير الشرعي، حيث تسلك هذه المافيا الطريق الوطني رقم 24 الرابط بين زموري وسي مصطفى طريقا لها للوصول إلى الطريق الوطني رقم 12، ثم إلى الطريق الوطني رقم 5 الرابط بين ثنية ببومرداس والعاصمة، والبعض الآخر يسلك الطريق الولائي في شقه الرابط بين الطريق الوطني رقم 24 والمار عبر بلدية لڤاطة إلى غاية برج منايل، ليصل إلى الوجهة نفسها.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات