38serv

+ -

ضربت السيول والفيضانات مدينة تمنراست بما لا يقل عن 15 مرة في السنوات العشرين الأخيرة.بعض السيول كانت قوية وأدت إلى تدمير واسع في البنية التحتية، ورغم هذا تم تأجيل البت في مشروع ضخم لحماية مدينة تمنراست من السيول طيلة السنوات العشر الماضية.

 كشفت الأمطار الطوفانية الأخيرة في تمنراست المستور، فالمدينة التي تعتبرها السلطات المركزية أحد أهم روافد الاقتصاد الجزائري في مجال السياحة، لا تتوفر على نظام للوقاية من السيول والفيضانات. هكذا قال السيد ماعون خالد، مهندس دولة وأحد الخبراء الذين عملوا على إعداد دراسة حول وقاية مدينة تمنراست من السيول.يقول المهندس، وهو مدير سابق لمكتب دراسات الري والفلاحة “طلبت من وزارة الري في عام 1998 إجراء دراسة لوقاية مدينة تمنراست من السيول، بعد أن تعرضت المدينة في عام 1997 إلى فيضانات كبيرة، وتم إنهاء الدراسة في عام 1999 وبقيت حبيسة أدراج الإدارة طيلة 18 سنة تقريبا.ويضيف المهندس المتقاعد، المقيم حاليا في مدينة تمنراست: الدراسة نصت على 3 بنود؛ بناء سد يقي مدينة تمنراست من فيضانات وادي تغزي، وهو وادي صحراوي ضخم يرتبط بوديان تافسست الجافة ويصل إلى غاية الحدود بين الجزائر والنيجر، بكلفة تصل إلى 100 مليار سنتيم، وإقامة جدران واقية من الفيضانات على طول المناطق الحضرية التي يخترقها الوادي وسط مدينة تمنراست، وإقامة 3 سدود صغيرة، إلا أن المشروع لم يجسد في حينه وبقي حبيس أدراج الإدارة.ويقول السيد صوفي العيد، أحد الناشطين في جمعيات الأحياء من مدينة تمنراست، إن الولاة الذين تعاقبوا على تسيير الولاية في السنوات العشرين الأخيرة يتحمّلون مسؤولية الأضرار والخسائر الفادحة التي ألحقتها السيول بمدينة تمنراست؛ لأنهم ماطلوا في انجاز مشاريع تحمي مدينة تمنراست من السيول. ويشير المتحدث إلى أنه وبدل من إقامة جدران واقية من الفيضانات طويلة وممتدة، بادرت السلطات إلى ما يسميها مشاريع “بريكولاج”، فقد أنجزت جدرانا منخفضة جدا وغير عالية ومتقطعة لا علاقة لها بالوقاية من الفيضانات، وهو ما يعني هدر المال العام دون تحقيق نتيجة.من جانب آخر، قال أحد منتخبي المجلس الولائي، طلب إخفاء هويته، إن مشروع وقاية مدينة تمنراست من الفيضانات تم تسجيله ضمن مشاريع المخطط الخماسي في عام 2009، إلا أنه أجّل عدة مرات، والآن تم تأجيله أيضا بحجة التقشف ولا يبدو أنه سينفذ أصلا.وفي انتظار تجسيد المشروع، سيدفع الناس في تمنراست فاتورة خسائر السيول التي تضرب المنطقة كل عام.أغلب البيوت المنهارة أو المتضررة طوبيةوفيما قال مصدر مسؤول من ولاية تمنراست إن خسائر السيول الفيضانات مبالغ فيها، أشار إلى أن الغالبية من البيوت التي تضررت جزئيا أو كليا هي إما بيوت أنجزت في مناطق يمنع فيها البناء، وهي قريبة من مجاري الوديان، أو هي بيوت طوبية طينية. وأشار المتحدث إلى أن لجنة تم تشكيلها لإحصاء المتضررين، ما زالت تعمل الآن لحصر الخسائر.وكشف المتحدث عن أن الخسائر تنقسم 3 أصناف، وهي خسائر في الشبكات ويجري حاليا إصلاحها على عجل، خاصة شبكة ماء الشرب والكهرباء، والفئة الثانية فهي الخسائر في البنايات ويتم حاليا تقييم الأضرار، في انتظار أن يبت المجلس التنفيذي الولائي فيها لإعادة إسكان المتضررين أو توزيع إعانات ترميم في إطار السكن الريفي. وقال مصدر مسؤول من ولاية تمنراست، إن الولاية ستسرع عملية دراسة ملفات السكن الاجتماعي من أجل منح سكنات اجتماعية للمتضررين من الأمطار الأخيرة.المنكوبون من جانبهم، يقولون إن عشرات الأسر ما زالت في العراء أو تقيم لدى الأقارب. وقال أصحاب البيوت الطينية في عاصمة الأهقار، إن أكثر من 100 بيت مهدد بالانهيار وبات غير قابل للسكن منذ السيول الأخيرة التي ضربت بلديات تمنراست وأبلسة وتاظروك.وديان لا تمتلئ بالماء إلا مرة واحدة كل عدة عقودتختلف وديان الصحراء عن باقي الوديان في أمر مهم للغاية؛ فهي وديان جافة لا تمتلئ بالمياه إلا مرة كل عدة سنوات، كما أن بعض الوديان لا تمتلئ بالماء إلا مرة واحدة كل عدة عقود، بل وربما عدة قرون، وهو ما يجعله مصدر تهديد حقيقي لحياة مئات الألوف من سكان مدن الجنوب.وقال مهندسون من مديريات الموارد المائية بولايات غرداية وأدرار وتمنراست وإليزي وورڤلة، إن مصالح وزارة الموارد المائية أحصت 11 واديا خطيرا يهدد حياة ما لا يقل عن 1.8 مليون من سكان 11 بلدية في الولايات الخمس.أخطر هذه الوديان على الإطلاق هو وادي مزاب، الذي يهدد سكان 4 بلديات بولاية غرداية هي ضاية بن ضحوة وغرداية وبنورة والعطف. كما يهدد واد السودان بلدية بريان وواد النساء مدينة الڤرارة. وفي مدينة ورڤلة، يوجد مجرى واد مياه، وهو وادي جاف الآن، تشير تقارير تعود إلى العهد الاستعماري بشأنه، إلى أنه مصب نهائي لأكثر من 60 مجرى مائيا جافا، وهو ما يجعله وادي شديد الخطورة على حياة عشرات الألوف من سكان مدينة ورڤلة، ورغم هذا لم تأبه السلطات إلى خطورة هذا المجرى المائي. وفي تمنراست، تقع المدينة في مجرى واديين كبيرين، هما وادي أمسل ووادي تمنراست الكبير، وفي مدن برج باجي مختار وعين ڤزام تتفاقم مشكلة مياه الأمطار بسبب وجود 3 وديان، ينطلق اثنان منها من شمال مالي، فيما ينطلق الآخر من شمال النيجر، ويخترق واديا جافا هو أحد فروع واد تافسست الضخم الذي ينطلق من شمال النيجر، ويصل إلى جنوب غرب ليبيا ومدينة جانت.ولا يتعلق الأمر في غرداية بتحويل كميات محدودة من ماء الأمطار، بل يتعدى الأمر إلى التخلص من سيول ووديان بكاملها مثل سيول وديان شعبة بلحاج داود وشعبة الحمرية وشعبة إيغوزة.وتصنف 6 شعب تخترق النسيج العمراني بغرداية، على أنها وديان ومجاري مائية صحراوية نشيطة تمثل كلها روافد لواد مزاب الذي يخترق المدينة. ورغم مطالبة سكان حي إيغوزة منذ أكثر من 20 سنة بتصحيح مجرى ماء الأمطار الذي تم بناء بنايات سكنية فيه، فإن الجهات المسؤولة لم تتدخل أبدا، وما زال الوضع على حاله إلى اليوم.ووصف منتخبون سابقون من غرداية طريقة تسيير المسؤولين لمشاكل بلدية غرداية مع مياه السيول، التي تأتي من كل جهة، بأنه مجرد حلول ترقيعية لا يمكنها أبدا أن تحل مشاكل السكان. وتفتقر أغلب أحياء مدينة غرداية لشبكة مياه الأمطار، ولا يقتصر مشكل التخلص من مياه السيول والأمطار على الأحياء، بل امتد إلى مبان رسمية وهيئات سيادية مثل مقر الولاية ومقر الأمن الولائي، حيث دخلت المياه في أكثر من مناسبة إلى مكاتب مقر الولاية، وسكنات المسؤولين. 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات