شبح مخططات التصحيح الهيكلي يلوح من جديد!

+ -

لجأت الجزائر إلى خبراء البنك العالمي لمساعدتها في استشراف وضعها الاقتصادي في السنوات المقبلة، في ظل الأزمة التي تواجهها جراء تراجع مداخيلها والانعكاس المتوقع لذلك على عجز مزمن في الموازنة العامة للدولة. يأتي ذلك على الرغم من المحاذير التي يطرحها البعض من وصفات هذه الهيئة المالية الدولية، التي غالبا ما تكون تكلفتها الاجتماعية فادحة. أعلنت الجزائر والبنك العالمي أنهما سيبحثان، نهاية أوت الجاري، آفاق الاقتصاد في ظل تراجع أسعار النفط، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الجزائرية. ومن المقرر في هذا الإطار، أن تتباحث السلطات المالية مع مسؤولي البنك العالمي التحليل المتعلق باقتصاد الجزائر الذي نشر نهاية يوليو المنصرم في نشرية فصلية حول الاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا).وأوضح ذات المصدر أن المباحثات، التي ستنظم عبر ندوة عن بعد والتي سيشارك فيها رئيس الخبراء الاقتصاديين بالبنك العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، شانتا ديفاراجان، ستجري على الأرجح يوم 29 أوت. وتندرج الندوة في إطار الأعمال التحليلية التي ينجزها البنك العالمي ويشاطرها مع الدول الأعضاء.وفي هذا التحليل الذي ستبنى عليه المباحثات، أكد البنك العالمي أن صدمة هبوط أسعار النفط أضعفت الوضع المالي للاقتصاد الجزائري، وميزانه التجاري واحتياطياته من النقد الأجنبي. فقد ارتفع عجز الموازنة من 1.4٪ من إجمالي الناتج المحلي في عام 2013 إلى 15.7٪ من هذا الإجمالي في 2016. وهبطت الاحتياطيات الإجمالية من 194 مليار دولار في 2013 إلى ما يقدر بنحو 108 مليارات دولار في 2016. ومن المتوقع أن تهبط أكثر إلى 60 مليار دولار في 2018. وأدى تدهور معدلات التبادل التجاري للجزائر إلى انخفاض قيمة الدينار بنسبة 20٪ منذ منتصف 2014 وارتفاع معدل التضخم إلى 4.8٪ في 2015.وأكد التحليل أن الجزائر تصدر 540 ألف برميل يوميا من إنتاجها الكلي البالغ نحو 1.1 مليون برميل يوميا. غير أن إنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي تراجع تدريجيا في السنوات الأخيرة، بسبب التأخيرات المتكررة للمشروعات، وصعوبة اجتذاب شركاء الاستثمار، وفجوات البنية التحتية، ومشكلات فنية. ويعتمد اقتصاد الجزائر اعتمادا كبيرا على المحروقات في صادراته وإيراداته الحكومية التي تبلغ نسبتها 95٪ و75٪ على الترتيب.وأوضح البنك العالمي أن الجزائر، لمواجهة هذا الوضع، اعتمدت مجموعة من الإجراءات لتعزيز الإيرادات، على غرار إقرار زيادة نسبتها 36٪ في أسعار الوقود، ورفع معدلات ضريبة القيمة المضافة على استهلاك الوقود والكهرباء، وزيادة الضرائب على تسجيل السيارات، معتبرا هذه الإجراءات “هي الخطوات الأولى نحو إصلاح شامل محتمل لنظام الدعم التنازلي باهظ التكلفة في الجزائر (تبلغ قيمة الدعم على الوقود وصنوف الدعم الأخرى أكثر من 12٪ من إجمالي الناتج المحلي)”.ويتبنى البنك العالمي، في فلسفته، نظرة ليبرالية للاقتصاد، ترافع من أجل إزالة الدعم عن المواد واسعة الاستهلاك وخصخصة المؤسسات وتقليص حجم العمالة في القطاع العمومي، إلى جانب تحرير مبادلات التجارة الخارجية والحد لأقصى درجة ممكنة من تدخل الدولة في السوق. لذلك يعتقد كثير من الساسة في الجزائر، بالنظر إلى تجربة مخططات التصحيح الهيكلي التي جربتها الجزائر في التسعينات، أن تبني هذا النموذج، بطريقة فجة، قد يعود على البلاد بكوارث من الناحية الاجتماعية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات