"حذر شديد" في تعامل الجزائر مع الحريات الدينية

38serv

+ -

تتعامل الحكومة مع التقارير التي تعدها وتفرج عنها كتابة الدولة الأمريكية بكثير من الحذر. ففي ظرف أكثر بقليل من شهر، أفرجت كتابة الدولة الأمريكية ثاني تقرير لها بعد التقرير المتعلق بالاتجار بالبشر، ويتعلق الأمر بالحريات الدينية.

 يُتوقع أن يصدر رد فعل من الحكومة، ممثلةً في وزير الشؤون الدينية والأوقاف أو وزير الشؤون الخارجية، في الجوانب التي تراها السلطات الجزائرية “سلبية” في التقرير، خاصة ما تعلق بوضع اليهود والديانة اليهودية بالجزائر، وهم الفئة الأقل “احتجاجا” عن وضعها في البلاد، بالنظر للحساسية المفرطة ذات العلاقة بتعامل الجزائريين مع اليهود وديانتهم، وأيضا المسيحيين، وهما الفئتان اللتان لا يعتبر وزير الشؤون الدينية أنهما مهددتان، رغم أن تقرير كتابة الدولة الأمريكية أشار إلى ما اعتبره نظرة ناشزة للمجتمع الجزائري المسلم بنسبة 99% لهذين الفئتين والديانتين اللتين تدينان بهما. بينما أظهر الوزير صرامة فيما يسميه الحفاظ على المرجعية المالكية مما يتهددها، خاصة السلفية، وصار كثير الانتقاد للنشاط الشيعي في الجزائر. وهو ما أشار إليه التقرير الأمريكي بصيغة “سلبية”.ومعلوم أن الحكومة الجزائرية عبرت عن إرادتها وضع المساجد في منأى عن تأثير السلفيين، من خلال استبدال 55 إماما متأثرا بالفكر السلفي بآخرين لا يحملون هذا الفكر، في سياق التوجه نحو تحكم أكبر في المرجعية الدينية، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة من أنصار هذا التيار.ويعتقد الحقوقي بوجمعة غشير أن هناك تطورا إيجابيا فيما يتصل بالتعامل الرسمي مع الديانات الأخرى، ويرى في تصريح لـ “الخبر” أن “السلطات خرجت من الانغلاق الذي كانت تعيش فيه فيما يتصل بالعلاقة مع الأديان الأخرى”، كما يرى أن “الوزير استطاع إرساء تواصل مع الديانات الأخرى، وتبلورت نظرة تفهم بصورة أوضح على ما كانت عليه في السابق”، لكنه يعتقد أنه “مازال هناك نوع من الغموض، ويعود هذا لنقص الاتصال وشح المعلومات المتعلقة بهذا الملف”.والواضح أن التقرير الأخير للحريات الدينية اعتمد بشكل أكبر على مواقع التواصل الاجتماعي، وترصد طبائع الجزائريين في تعاطيهم مع الشؤون الدينية بالنسبة للديانات من غير الإسلام، وعلى رأسها اليهودية، ومعلوم أن مواقف الجزائريين مستقاة في هذا المجال من مواقفهم تجاه ما يعيشه الفلسطينيون من اضطهاد الكيان الصهيوني، وتنامت نظرة العداء تجاه الصهاينة مع حرب غزة الأخيرة التي سقط فيها آلاف الضحايا من مختلف الشرائح. وعبر الجزائريون عن ذلك من خلال فيديوهات على يوتيوب، جزء منها اعتبره التقرير معاداة للسامية، وإن كان هناك خلط بين الصهيونية ممثلة في ممارسات الإسرائيليين ضد الفلسطينيين وبين الديانة اليهودية، علما أنه بالجزائر لم تطفُ أي حادثة ذات علاقة باليهود أو الديانة اليهودية وتواتر عنها جدل، مثلما حدث بالنسبة لردود فعل إزاء “حملة تشيع” أو حالات “التحول إلى المسيحية” في بعض المناطق من الوطن، وأثارت ردود فعل من الوزير محمد عيسى.وأبان التقرير عن قلق إزاء توجس الدولة من النشاط الشيعي في الجزائر بالعودة إلى الجدل الذي أثارته تصريحات مقتدى الصدر، وتفاعل وزير الشؤون الدينية مع القضايا التي تخص التبشير بالمذهب الشيعي في البلاد، ولقي هذا الملف اهتماما خاصا منذ قدوم محمد عيسى على رأس القطاع، وهو من أخرج بصفة رسمية مخاوف الجزائريين من المد الشيعي إلى العلن، اعتبارا بما حدث ويحدث ببعض المناطق من الوطن. ويرى الحقوقي غشير أنه يتعين على السلطات الانفتاح أكثر على وسائل الإعلام، وتقديم المعلومات بخصوص إن كانت هناك فعلا متابعات قضائية بحق ممارسات لغير المسلمين، مشيرا إلى المتابعة القضائية التي طالت شخصا بولاية سطيف تحول إلى المسيحية منذ سنوات، قائلا إن هذا الشخص “حر في أي ديانة يعتنقها، لكن لا يجوز له قيادة حملة ضد ديانة أخرى”، وكان هذا الشخص الذي حوكم وأدين بالسجن والتغريم يقود حملة ضد الإسلام والرسول الكريم، ويرغب باعتناق المسيحية، عبر شبكات التواصل الاجتماعي.وينسجم وضع هذا الشخص مع المقتضى الدستوري والقانوني الذي يُجرِّم أي شخص يشتم أو يسيء للديانات، ويقر التقرير الأمريكي بجهود الحكومة لفرض احترام حرية المعتقد من خلال هذا المقتضى، لكنه أظهر عدم رضاه على الحاصل على الأرض في بعض الجوانب.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات