+ -

 أحدثت ما يسمى “رسالة المجاهدين”، التي طالبوا فيها بتنحية عمار سعداني من قيادة جبهة التحرير الوطني، خللا في “الحزب الجهاز”، دفعت بمسؤوليه إلى التكثيف من التصريحات في الإعلام لنزع “الشرعية الثورية” وصفة النضال عن أصحاب المسعى. ويرجح بأن هذا الموضوع سيكون على رأس أجندة الحزب، التي يعد بها أنصار سعداني، بعد عودته من العطلة.قد يعوّل أمين عام الأفالان في مواجهة الضغوط التي تأتيه من عدة جهات، على أعضاء المكتب السياسي للحزب، الذين يتولون في فترة غيابه منافحة الخصوم الذين يشعرون بأن ساعة رحيله حانت، وبالتالي يكثفون من حملاتهم ضدّه. غير أن المناضلين في القسمات والمحافظات قد لا يظهرون نفس التحمّس في الذود عن قائدهم، الذي وصل إلى رأس الحزب في 29 أوت 2013 خلال ظروف غير عادية.وبعيدا عن كون المناضلين يظهرون برودة في التخندق مع أي شخص من المتصارعين، لقناعتهم أن المصلحة الخاصة هي ما تحرك هؤلاء وليست منفعة الحزب، فإنهم يأخذون على سعداني سقطات كثيرة ميزت تصريحاته ومواقفه وتصرفاته في الشهور الأخيرة. من بينهما صمته أمام الجدل الذي أثارته ما أصبح يسمى “صورة فالس”، وهي صورة الرئيس بوتفليقة التي نشرها الوزير الأول الفرنسي في حسابه بـ”تويتر”، قبيل نهاية زيارته إلى الجزائر في أفريل الماضي. فقد بدا بوتفليقة فيها متعبا جدا، وأعطي تفسير واحد لنشرها من طرف فالس، وهو أن الحكومة الفرنسية “تعمدت التأكيد على أن بوتفليقة مريض ولا يقوى على الاستمرار في الحكم”.هذا “الاعتداء” الذي جاء من “أحفاد المستعمرين”، كان أولى أن يردّ عليه “الأفالان الذي حارب المستعمر”، في نظر مناضلي الحزب، وأن يكون الرد قويا من الأمين العام شخصيا. غير أن ذلك لم يتم خلال فترة كان فيها غياب سعداني لافتا. وبدل أن يتولى الأفالان هذه “المهمة الوطنية”، تكفل بها التجمع الوطني الديمقراطي وأمينه العام أحمد أويحيى، الذي ينتقده سعداني أكثر من المعارضة التي تهاجم بوتفليقة!السقطة الأخرى التي بدت وكأنها معادية لتوجه اتخذته الدولة منذ عشرات السنين، تتعلق بالصحراء الغربية. فسعداني قالها بشكل ضمني ولأول مرة يأتي ذلك من مسؤول في الأفالان: الصحراء الغربية لا تلزم الجزائر في شيء. وتقريبا قال بأن “الصحراء مغربية”. وقال أيضا: “أفضّل اليوم الصمت، ولكن لدي ما أقوله في هذا الموضوع”. لم يفهم أحد هدف سعداني من هذا الكلام. ولكن المؤكد أنه سبب إزعاجا كبيرا في وزارة الخارجية، التي رأت في موقفه هدية للمغربيين لم يكونوا يحلموا بها.الخطأ الثالث الذي اعتبره المناضلون استراتيجيا من حزب يتبوأ الريادة في المشهد السياسي، هو دفاع سعداني باستماتة عن وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل. ففي سياق هجوماته على المخابرات ومديرها المعزول، حرص سعداني على إظهار خليل في صورة ضحية من ضحايا المخابرات، وبأنه من أكفأ الوزراء وأكثرهم نزاهة منذ الاستقلال. لكن من سوء حظه، أن ذلك تزامن مع تهاطل الفضائح، ومن الخارج، التي تؤكد معلومات سابقة عن تورط الوزير السابق في فضائح نهب المال العام أثناء توليه المسؤولية.ومما يؤخذ على سعداني أيضا، وقوفه ضد المادة 63 من الدستور (51 قبل التعديل) التي تمنع مزدوجي الجنسية من بلوغ المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية. فقد ثار أمين عام الأفالان ضد هذه المادة قبل المصادقة عليها برلمانيا، بحجة أنها “تحرم الجزائر من الاستفادة من كفاءات أبنائها بالخارج”. ولقي هذا الموقف استهجانا من طرف الكثيرين، والبعض رأى فيه معارضة لخيار رئيس الجمهورية، الذي هو رئيس الحزب.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات