الردع القانوني.. آخر اهتمامات المهاجرين غير الشرعيين !

+ -

 لم يردع قانون العقوبات المهاجرين غير الشرعيين، ولا الذين هم حاليا يستعدون لقطع البحار عبر قوارب الموت، بحثا، حسبهم، عن “الحياة السعيدة” في الضفة الشمالية. وإن كان المشرع الجزائري قد أدرج في القانون عقوبة الحبس، إلا أن ذلك لم يثن للأسف من عزيمة الشباب الجزائري عن المخاطرة بحياتهم. وقد أحصت الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان عشرات الحالات من شباب دخلوا السجن بسبب الهجرة غير الشرعية، وعادوا إلى تكرار “المخاطرة” أربع مرات متتالية.لا يعير “الحراڤة” المخاطرون بحياتهم في قوارب الموت اهتماما لما ينص عليه قانون العقوبات المعدل في 2012، فلا السجن ولا الغرامة المالية تساوي شيئا أمام أكبر عقوبة يعاقبون بها أنفسهم، بقبول خطر ركوب قوارب بلا أمان يقطعون بها مئات الكيلومترات في عرض البحر، وهم يدركون أن نسبة النجاة وبلوغ مقصدهم أحيانا يساوي الصفر.تنص المادة 175 مكرر 1 من قانون العقوبات: “يعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر، وبغرامة من 20 ألف دينار إلى 60 ألف دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل جزائري أو أجنبي مقيم يغادر الإقليم الوطني بصفة غير شرعية، أثناء اجتيازه أحد مراكز الحدود البرية أو البحرية أو الجوية، وذلك بانتحاله هوية أو باستعماله وثائق مزورة، أو أي وسيلة احتيالية أخرى للتملص من تقديم الوثائق الرسمية اللازمة، أو من القيام بالإجراءات التي توجبها القوانين والأنظمة سارية المفعول. وتطبق نفس العقوبة على كل شخص يغادر الإقليم الوطني عبر منافذ أو أماكن غير مراكز الحدود”.ورغم أن النص القانوني صريح ولا يحتاج لـ”اجتهاد” قانونيين لتفسيره، إلا أن ظاهرة الحرڤة لم تتوقف، فسنة 2015 لوحدها سجلت هجرة 1500 حراڤ جزائري حاولوا ركوب قوارب الموت، ما يعني أن الردع القانوني آخر اهتمامات “الحراڤة”. وحتى إن لم يظهر تشديد في العقوبة على الحراڤة، فإن الأمر لم ينسحب على “المهربين”، فقد أغلظ المشرع الجزائري لدى فرض العقوبة، طبقا للفقرة الثانية من المادة 203 مكرر 30 من قانون العقوبات: “يعاقب على تهريب المهاجرين بالحبس من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات وبغرامة من 300 ألف دينار إلى 500 ألف دينار”.فيما تضمنت أيضا المادة 303 مكرر 31 عقوبات غليظة على “فعل التهريب”، ومع ذلك تزداد ظاهرة “الحرڤة” تفاقما وتسجيل خسائر بشرية، فقد ورد في نصها “يعاقب بالحبس من خمس سنوات إلى عشر سنوات وبغرامة من 500 ألف إلى مليون دينار، كل من ارتكب فعل تهريب المهاجرين، مع توافر أحد الظروف الآتية: إذا كان من بين الأشخاص المهربين قاصر، تعريض حياة أو سلامة المهاجرين المهربين للخطر أو ترجيح تعرضهم له، ومعاملة المهاجرين المهربين معاملة لاإنسانية أو مهينة”.وتعليقا على الموضوع في شقه القانوني، أوضح الحقوقي هواري قدور، المكلف بالملفات الخاصة بالرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، في اتصال مع “الخبر”، أن “الردع القانوني لم يكن أبدا عائقا أمام المهاجرين غير الشرعيين، فقد تعاملنا مع حالات أبلغونا بأن حياتهم لم يأبهوا لها برميها في البحر وهي أكبر مجازفة، “فكيف للسجن أو الغرامة المالية أن تثنينا عن تحقيق أحلامنا؟”.وينبه قدور إلى أن “فرض العقوبة على الحراڤة في قانون العقوبات، موجه إلى الاستهلاك الخارجي، أي نحو الدول الأوروبية التي تحاول أن تقنعهم الجزائر بأنها تحارب ظاهرة الهجرة السرية بفرض عقوبات السجن والغرامات المالية، مع أن العلاج الأنسب لوقف الهجرة غير الشرعية يقع في محاربة البطالة والرشوة والمحسوبية، ليتمتع شبابنا بحياة كريمة أفضل من البحث عنها بالركوب في قوارب الموت”.هل تعاملتم مع حالات حراڤة جزائريين دخلوا السجن وعادوا إلى تكرار المجازفة، سؤال يجيب عنه محدثنا: “بالعشرات وهم ينحدرون من ولايات الشلف وغليزان وعين تموشنت، ومنهم من دخل السجن 4 مرات ومع ذلك لا يردعهم لا القانون ولا السجن”. والحل؟ يجيب الحقوقي هواري قدور: “في الحملات التحسيسية وترسيخ ثقافة حب الوطن”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: