38serv
نبه محافظ بنك الجزائر الأسبق، بدر الدين نويوة، إلى خطورة التراجع المتسارع للموارد الجزائر. فبعد نضوب صندوق ضبط الموارد توقع نويوة استمرار التآكل السريع لاحتياطي الصرف، مشيرا إلى أن السلطات مطالبة بالتحرك بحزم لتفادي وضع يمكن أن يقود البلاد إلى كارثة، في ظل استمرار تدني الإيرادات وعدم القدرة على تنويع الاقتصاد الذي يظل رهين المحروقات وارتفاع مستمر للعجز في ميزان المدفوعات وعجز الخزينة والميزانية.يسجل احتياطي الصرف الجزائري تراجعا متسارعا، مع توقع البنك العالمي إمكانية بلوغه سريعا حدود 60 مليار دولار، مقابل تقديرات بنك الجزائر أيضا التي تكشف انخفاضا كبيرا تمثل في انخفاض بأكثر من 6.5 مليار دولار من ناتج الاحتياطي في ظرف خمسة أشهر أي معدل 1.3 مليار دولار شهريا، كيف تقرأون ذلك وما هي العوامل التي تجعل الاحتياطي ينضب بسرعة؟بالفعل، عموما يمكن القول إن احتياطي الصرف ينخفض حينما يسجل بلد ما عجزا في ميزان مدفوعاته وهو حال الجزائر، فالجزائر تعاني من عجز الميزان التجاري بالنسبة لتبادل السلع ولكن أيضا عجزا في مبادلات الخدمات، وهو ما يعطي عجزا كبيرا في ميزان المدفوعات الذي يشمل السلع والخدمات أيضا. وهذا العجز يعرف نموا متزايدا، لأن الواردات وإن انخفضت قليلا، لكنها مرتفعة ومستوى التراجع غير كاف. بالمقابل، سجلنا ضعفا في الصادرات نتيجة تراجع أسعار المحروقات وضعف الإنتاج، وكل التوقعات حاليا تفيد بأن العجز سيبقى معتبرا، وأن أسعار النفط ستظل أيضا ضعيفة على المدى القصير، وهو ما يجعل العجز في ميزان المدفوعات يتزايد باستمرار، وهذا العامل يؤثر حتما على مستوى احتياطي الصرف وهذا الأمر كان متوقعا، لأننا أثرنا نفس التصور بالنسبة لصندوق ضبط الموارد الذي أضحى تقريبا في مستوى النضوب مع نهاية السنة الحالية، حيث توقعنا في ظل تنامي العجز في الميزانية والخزينة أن ينضب ناتج الصندوق وهو فعلا ما نسجله هذه السنة.ما هي السيناريوهات المطروحة على المدى القصير والمتوسط؟ في ظل استمرار الوضع، ومع تنامي العجز في الميزانية والخزينة موازاة مع نضوب صندوق ضبط الموارد، فإن احتياطي الصرف سينضب بدوره أو على الأقل سيتراجع بصورة معتبرة، ولذلك يتعين أن نتحرك بسرعة لتفادي مثل هذا المشهد لتقليص فعلي للواردات وضبطها ودعم الصادرات وتنويعها خارج المحروقات، أي تشجيع الإنتاج المحلي ودعمه وتشجيع تصديره وهو ما لا لم يتم. وبعيدا عن الخطاب والوعود، فإننا لا نرى سياسة واضحة المعالم في الميدان تجسد هذه الخطابات للسماح بتقليص فعليا العجز في ميزان المدفوعات بصورة محسوسة.في رأيكم، ألم تساهم سياسة التوظيف المعتمدة في الوصول إلى مثل هذا الوضع أي اختيار توظيف آمن بهامش مردود ضعيف، دون تنويع من خلال سندات الخزينة الأمريكية وسندات أوروبية دون رؤية واضحة؟ بالفعل، على مستوى السوق المالي الدولي نسب الفائدة في مثل هذه الدوائر متدنية، ونتوقع أن تبقى كذلك، لأن الاقتصاديات الأوروبية تعاني من الركود، والبنوك المركزية تعتمد نسب فوائد متدنية لتشجيع الاستثمارات وتحفيز الاقتصاد، والأمر نفسه بالنسبة للولايات المتحدة، فقد تم تداول أخبار بإمكانية لجوء الاحتياطي المركزي الأمريكي لرفع سعر الفائدة الأساسي، إلا أن الأمر لم يتم. أما بخصوص إمكانية اللجوء إلى تنويع التوظيف من خلال شراء أسهم أو سندات أو مساهمات، فالأمر لا يرتبط ببنك الجزائر فحسب، فهي خيارات استراتيجية، فيتعين أيضا قدر من الحيطة في تسيير الاحتياطي، ونتوقع أن يبقى مردود الاحتياطي الجزائري ضعيفا.يتوقع أن يقدر احتياطي الصرف في حدود 120 مليار دولار مع نهاية السنة، وإذا واصلنا على نفس المنحى سنفقد نصف الاحتياطي خلال سنتين تقريبا؟ ربما سنتين أو ثلاث، ولكن ما هو أهم من ذلك أن تعتمد السلطات إجراءات حازمة وصارمة وواضحة لتفادي وضعية يمكن أن تكون كارثية وتقود البلاد إلى كارثة، لذا يجب التحرك في تشجيع القطاع المنتج والاستثمار المنتج وضبط الواردات، لأن جزءا من الواردات الحالية غير ضروري إطلاقا، وتطهير التجارة الخارجية، مع الحرص على ضبط الواردات من السلع والخدمات. أما اتفاقية منطقة التبادل الحر مع البلدان العربية وحتى اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، فيتعين مراجعتهما لتفادي فتح السوق دون مقابل، في ظل عجز بلادنا عن التصدير مقابل سيل من الواردات.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات