تأييد عقوبة السجن ضد الصحفي تامالت بعامين سجنا نافذا

+ -

 أظهر الصحفي محمد تامالت إصرارا على تحمل مسؤولية كل كلمة كتبها عن كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، واعتبرتها النيابة “إهانة هيئة نظامية” و”سبابا في حق رئيس الجمهورية”. وعلى هذا الأساس، قرر القاضي الذي عالج الملف في الاستئناف، تأييد الحكم الصادر عن محكمة الجنح، وهو عامان سجنا نافذا، مرفقان بغرامة مالية بقيمة 200 ألف دينار.دخل تامالت بخطى متثاقلة إلى قاعة جلسة المحاكمة بمجلس قضاء الجزائر أمس، قادما من المكان المخصص للمساجين بالمجلس، وكان مسنودا من شرطيين أحدهما عن يمينه والثاني عن يساره. واختفت علامات البدانة التي عرف بها الصحفي، بسبب إرهاصات 44 يوما من الإضراب عن الطعام، احتجاجا على “سجني التعسفي”. جلس الصحفي قبالة القاضي وأمسك رأسه بيديه، للدلالة على إرهاق يعاني منه، وانتظر حتى يعطيه الإشارة ليتكلم.من سوء حظ تامالت أن القاضي عمر بلخرشي، هو من أمسك ملفه في الدرجة الثانية من التقاضي. فهو معروف بقسوته ويخشاه المتقاضون كما المحامون. تامالت نفسه قال له قبل أن ينسحب، في انتظار النطق بالحكم “حذروني في السجن من صرامتك، ولكني أثق في صحوة ضميرك”. وردّ عليه القاضي كما لو أنه يريد تأكيد “السمعة” التي يعرفها عنه الجميع “مادخلكش فيّ.. أمشي عليّ.. قلتلك روح!”. ورافق الشرطيان الصحفي إلى مكان خارج قاعة الجلسة، حيث تجمّع حوالي 10 محبوسين ينتظرون أن يحدد بلخرشي مصيرهم. وبعد حوالي 20 دقيقة انسحبت تشكيلة القضاة، ثم عادت لتوزع الأحكام على المتقاضين، ومن بينهم تامالت، الذي لن تتغير وضعيته الجزائية مقارنة بالحكم الذي أصدرته محكمة سيدي امحمد بالعاصمة، يوم 10 جويلية الماضي.وقبل النطق بالحكم، استجوب بلخرشي الصحفي عن سبب هجومه الحاد في صحيفته الإلكترونية “السياق العربي”، على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والوزير الأول عبد المالك سلال، وزوجته وابنته، وقائد أركان الجيش ڤايد صالح وأبنائه وقائد الناحية العسكرية الرابعة عبد الرزاق شريف وابنه، وتناوله خصوصيات دقيقة عن حياة هؤلاء الأشخاص. فردّ عليه تامالت: “لقد كتبت عن هؤلاء ونشرت صورا عن البذخ الذي يعيشون فيه مع أبنائهم، وبهذا أنا دافعت عن الجزائر”. وحاول بلخرشي زجر الصحفي قائلا بأن ما كتبه وقاله عن الرئيس، وبقية المسؤولين وأفراد عائلاتهم، ليس حرية تعبير، وإنما يندرج في إطار الإهانة والشتم. وهو ما يعاقب عليه القانون. وسأله: “ألا تعرف عن هؤلاء المسؤولين إلا الأفعال السيئة؟!”. ورد عليه: “أنا صحفي محترف ومن واجبي أن أنتقد المسؤولين وأنقل مساوئهم”. ونطق ممثل النيابة الذي كان عن يمين القاضي، وسأل تامالت: “هل تحب أنت أن يقال عنك ما قلته عن الرئيس؟”. فرد عليه بحزم: “نعم أقبل لو كنت شخصية عمومية”.. سكت ممثل الحق العام ولم يزد كلمة. ولما لاحظ بلخرشي أن تامالت مقتنع بكل ما قاله في حق الأشخاص الذين كانوا سببا في إدانته، طرح عليه آخر سؤال وكأنه أراد أن يعطيه فرصة تشجع المحكمة على تخفيف الحكم الابتدائي، إذ قال له: “ألست نادما على ما فعلت؟”. قال الصحفي: “لماذا أندم؟ أنا شخص يحب وطنه، أنا صحفي ومن حقي أن أنتقد رئيس الجمهورية وأمارس عليه الرقابة المواطناتية”.ورافع لصالح تامالت المحاميان بشير مشري وأمين سيدهم. الأول دافع عن حق موكله في انتقاد المسؤولين معتبرا ذلك حرية تعبير، وبأن المسؤولين “يزعمون بأن الجزائر تتوفر على مساحة كبيرة لحرية الرأس”. بينما الثاني ركّز على خروقات شابت الإجراءات المتبعة ضد الصحفي، واحتج على كون “دائرة الاستعلام” التي أجرت تحريات في الوقائع، كانت قد حلّت بمرسوم رئاسي عندما اعتقلت الصحفي وأخضعته للتحقيق.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات